ماذا يريد فيكتور أوربان من ترامب؟
لرحلة أوربان إلى واشنطن هدف مختلف تماماً عن أهداف إدارة ترامب، فلن يقتنع أوربان بالتخلي عن سياسة الانفتاح شرقاً التي يتبعها أو بالانفصال عن الصين وروسيا، على العكس ينوي أن يدفع الرئيس الأميركي إلى مساعدته في إبعاد الاتحاد الأوروبي أكثر عن التحالف عبر الأطلسي.
![فوراين أفيرز](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1591210528444537000/1591210528000/1280x960.jpg)
بدأ أوربان العمل على مشروعه الشعبوي الأوروبي النطاق بعدما تحدى حزب الشعب الأوروبي، وهو حزب سياسي أوروبي يميني وسطي انضم إليه حزب أوربان الوطني "فيدس" عندما نالت هنغاريا عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وطوال سنوات، حمى حزب الشعب الأوروبي، وخصوصاً قائده في البرلمان الأوروبي مانفريد فيبر، أوربان فيما سعى هذا الأخير إلى السيطرة على القضاء، وهاجم التعددية الإعلامية، وضغط على المجتمع المدني، ومن ثم تلاعب بعملية إعادة انتخابه. ولكن يبدو أن أوربان بلغ حدود حزب الشعب الأوروبي الحمراء عندما قررت حكومته طرد الجامعة الأوروبية المركزية، التي اتخذت من بودابست مقراً لها، من هنغاريا. تراجع حزب الشعب الأوروبي بعد هذه المواجهة، ولكن في فصل الربيع هذا، أقدم أوربان أخيراً على خطوة اعتبرها حزب الشعب الأوروبي لا تُغتفر. قاد حملة في هنغاريا هاجم فيها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وهو أحد أعضاء حزب الشعب الأوروبي، وأدت الحملة المناهضة ليونكر هذه إلى انقسام حزب الشعب الأوروبي بين أحزاب أعضاء سئمت مناورات أوربان وأخرى أرادت أن يحافظ حزب الشعب الأوروبي على أصوات "فيدس"، وعندما واجه أوربان في شهر مارس معارضة شبه كافية لطرده من حزب الشعب الأوروبي، وافق على تعليق عضويته هو بنفسه.بعد تعليقه عضويته في حزب الشعب الأوروبي، صار بإمكان أوربان التقرّب علانية من الائتلاف الشعبوية الأوروبي القوي الجديد الذي يقوده نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني. التقى أوربان سالفيني في بودابست في الثاني من مايو، وكانت ابتسامة عريضة ترتسم على وجه كلا الرجلين، ثم التقى أوربان نائب المستشار النمساوي هاينز كريستيان شتراخه من حزب الحرية الشعبوي اليميني المتطرف بغية ترسيخ اتفاق جديد، فبعيد لقائه شتراخه، انفصل أوربان بالكامل عن قيادة حزب الشعب الأوروبي، معلناً أنه ما عاد يدعم صديقه القديم فيبر لرئاسة المفوضية الأوروبية. وقد بدا جلياً أن أوربان سيترك رسمياً ونهائياً حزب الشعب الأوروبي. وفجأة، بدا أن الأرقام تدعم طموحات أوربان، فأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن مجموعة سالفيني الشعبوية ستفوز بنحو 76 مقعداً، مما يؤهلها لتصبح رابع أكبر حزب في البرلمان الأوروبي. وإذا أضاف أوربان مقاعد فيدس الخمسة عشر المتوقعة إلى هذه الكتلة وأقنع حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا بإضافة مقاعده الاثنين والعشرين المتوقعة، تنمو هذه الكتلة لتحظى يـ113 نائباً في البرلمان الأوروبي، مما يدفعها بالتالي إلى المرتبة الثالثة. كذلك قد ينجح أوربان في إقناع أحزاب أخرى في حزب الشعب الأوروبي بالانضمام إليه، بما أنه صار يعرف جيداً اليوم مَن يدعمه في حزب الشعب الأوروبي. وربما يحالفه الحظ أيضاً إذا سوّت المملكة المتحدة مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورحلت، سالبة الحزب الاشتراكي كتلة كبيرة من مقاعد حزب العمال البريطاني. وهكذا تصبح مجموعة سالفيني ثاني أكبر حزب في البرلمان الأوروبي، مما يجعل بالتالي أوربان نفسه أحد "صانعي الملوك" في البرلمان.توشك أوروبا على السير في الاتجاه الذي اختاره أوربان وبالتالي اتجاه ترامب أيضاً. يعمل استراتيجي ترامب السابق ستيف بانون على مساعدة مجموعة سالفيني ويقدّم لها روابط مفيدة مع البيت الأبيض. ويتوجه أوربان الآن إلى واشنطن لينال مباركة ترامب لمشروعه الأوروبي.إذاً، للرحلة إلى واشنطن بالنسبة إلى أوربان هدف مختلف تماماً عن أهداف إدارة ترامب، إذ لن يقتنع أوربان بالتخلي عن سياسة الانفتاح شرقاً التي يتبعها أو بالانفصال عن الصين وروسيا، على العكس، ينوي أن يدفع الرئيس الأميركي إلى مساعدته في إبعاد الاتحاد الأوروبي أكثر عن التحالف عبر الأطلسي. *« كيم لاين شيبيلي»