بعد 3 أيام على إلغاء ضربات على إيران رداً على إسقاط طهران طائرة أميركية مسيّرة متطورة، حذّر مستشار الأمن القومي في «البيت الأبيض» جون بولتون طهران، أمس، من إساءة تفسير قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء الضربة الانتقامية في اللحظة الأخيرة.

وقال بولتون، قبل اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدس أمس: «يجب ألا تخطئ إيران أو أي جهة أخرى معادية باعتبار التعقل وضبط النفس الأميركيين ضعفاً»، مضيفاً «جيشنا أعيد بناؤه وهو جاهز للانطلاق».

Ad

وأشار بولتون أمس، إلى أن حزمة العقوبات الإضافية «الكبرى» التي أقرها ترامب سيعلن عنها اليوم.

وجاء تحذير بولتون بعد تصريحات أطلقها ترامب، أمس الأول، من واشنطن قبل توجهه إلى منتجع كامب ديفيد وفهم منها أنها تخفيف لحدة التوتر العسكري بعد الحادث الذي أكدت واشنطن أنه وقع بالأجواء الدولية، في حين تصر طهران على أنه وقع بمجالها الجوي.

وأشار ترامب إلى أن حكومته تنتهج نهجاً دبلوماسياً بالتحرك لفرض عقوبات جديدة وذلك للضغط على طهران لحثها على إبرام معاهدة جديدة حول برنامجها النووي وتسلحها الصاروخي وأنشطتها في المنطقة.

وقال ترامب، إن العمل العسكري مطروح «دوماً على الطاولة» لكنه أضاف أنه مستعد للتوصل سريعاً إلى اتفاق مع إيران قال إنه سيدعم اقتصادها المتعثر.

وأكد أن الاتفاق سيكون تحت شعار «دعنا نجعل إيران عظيمة مجدداً».

إمبراطورية إرهاب

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن «إيران مصرة على مزيد من العمليات العدائية في المنطقة. وبفضل العقوبات الأميركية، فإن إيران تواجه ضغوطات اقتصادية غير مسبوقة. وأنا مسرور بإعلان الرئيس ترامب بأن العقوبات سوف تستمر وتزداد».

وتابع نتنياهو أن إيران تستخدم الأموال التي تدفقت عليها بعد الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 في تهديد دول المنطقة.

وأضاف: «زعم مؤيدو الاتفاق النووي مع إيران أنها ستبدأ في بناء وتقوية نفسها من الداخل، لكنها تبني إمبراطورية إرهابية ضخمة، وتقوم بتدشين قواعد عسكرية في سورية وتنقل السلاح لحزب الله».

دعم وتصدٍّ

وفي وقت سابق، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة رداً على الهجمات الإيرانية المتهورة جاءت لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.

وأضاف بيان صادر عن الخارجية أن القرارات جاءت لـ»منع أكبر دولة راعية للإرهاب من استهداف الأميركيين والمصالح الأميركية حول العالم».

وأكد البيان أن ترامب لم يمرر رسالة عبر سلطنة عمان تدعو لمحادثات مع إيران.

وتابع: «لقد أعلنا موقفنا بشكل واضح جداً. نحن على استعداد للدخول في مفاوضات عندما يحين الوقت المناسب. لكن من الواضح أن النظام الإيراني رفض التحرك الدبلوماسي التاريخي الأخير من جانب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وهاجم ناقلة نفط يابانية في خليج عمان، وأسقط طائرة أميركية تعمل في المجال الجوي الدولي».

وأشار البيان إلى أنه «عندما يقرر النظام الإيراني أن ينبذ العنف ويقابل دبلوماسيتنا بدبلوماسية، فإنه سيعرف كيف يصل إلينا. وحتى ذلك الحين، فسوف نكثف حملتنا لعزل النظام الإيراني دبلوماسياً والضغط عليه اقتصادياً». وشدد البيان على أنه تحت قيادة الرئيس ترامب، فإن الولايات المتحدة ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بدعم حلفائها وشركائها في المنطقة، وأن واشنطن تقف مع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

قرقاش

في غضون ذلك، رأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أنه لا يمكن احتواء التوترات في منطقة الخليج إلا سياسياً، معتبراً أن الأولوية ينبغي أن تكون للحوار ووقف التصعيد.

وقال قرقاش في «تغريدة» على «تويتر» بعد يوم من استدعاء طهران القائم بالأعمال الإماراتي في طهران للاحتجاج على حادث اختراق طائرة تجسس أميركية انطلقت من قاعدة جوية إماراتية للأجواء الإيرانية: «الأزمة التي تتشكل منذ فترة طويلة تحتاج لاهتمام جماعي لوقف التصعيد أولاً وللتوصل لحلول سياسية عبر الحوار والمفاوضات».

مرحلة توتر

في المقابل، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بإثارة التوترات في الخليج من خلال اختراق طائرة التجسس لمجالها الجوي.

وخلال استقباله، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي غابريلا كويفاس بارون، قال روحاني «اعتدت طائرة مسيرة أميركية على مجالنا الجوي، حيث قامت قواتنا الدفاعية بإسقاطها بعد تجاهلها التحذيرات الإيرانية المتكررة لها»، معتبرا هذه الخطوة «بداية لتوتر جديد في المنطقة، و»لهذا السبب نتوقع ردا متناسبا من المجتمع الدولي، وخطوات واضحة ضد مثل هذا النوع من الانتهاكات».

وشدد على أن «موقف إيران المبدئي يرتكز دوما على خفض التوترات، ونبذ كل المواجهات العسكرية بين الدول، وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وأرجاء العالم»، لكنه أضاف أن «الوجود العسكري الأميركي في المنطقة أساس مشكلاتها، حيث تسبب أخيرا في إثارة مشكلة جديدة».

في موازاة ذلك، أكد قائد مقر عمليات «خاتم الأنبياء» المركزي اللواء غلام علي رشيد أنه يجب على الحكومة الأميركية التصرف بمسؤولية لحماية أرواح قواتها عن طريق تجنب سلوك خاطئ في المنطقة.

وقال رشيد في تصريحات خلال جولة ميدانية أمس: «إذا اندلع صراع في المنطقة فلن تتمكن أي دولة من التحكم في نطاقه وتوقيته».

تقليص نووي

في هذه الأثناء، أكد رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية کمال خرازي أن بلاده قد تقلص بشكل أكبر التزامها بالاتفاق النووي قريباً ما لم توفر لها الدول الأوروبية الحماية من العقوبات الأميركية عبر آلية للتجارة تم الاتفاق عليها مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وتعرف باسم «انستكس».

وقال خرازي في تصريحات خلال استقباله وزير الدولة البريطاني المكلف ملف الشرق الأوسط أندرو موريسون: «إذا لم يتخذ الأوروبيون إجراءات خلال مهلة الستين يوماً التي أعلنتها إيران في مايو الماضي فسنتخذ خطوات جديدة. ستكون خطوات إيجابية إذا وفروا موارد لانستكس لجعل التجارة ممكنة».

في السياق، قال سفير بريطانيا لدى إيران سابقاً ريتشارد دالتون، إن موريسون يحمل رسالة مهمة من جانب لندن إلى طهران حول تفعيل الآلية المالية الاوروبية.

تحذير أممي

من جهة أخرى، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن من الضروري تجنب أي شكل من أشكال التصعيد في الخليج العربي.