بعد تحقيقه انتصاراً ساحقاً، وعد مرشح "حزب الشعب الجمهوري" المعارض الذي فاز مجدّداً أمس الأول، برئاسة بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو "ببداية جديدة" لأكبر مدينة تركية، معرباً في الوقت نفسه عن رغبته في العمل مع الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي حرص بدوره على الإسراع في تأكيد سيطرته كأقوى سياسي في بلاده خلال نصف قرن بعد "الهزيمة"، إذ حوّل سريعاً بوصلة التركيز إلى رحلة حاسمة سيقوم بها إلى آسيا قريباً.

وطبقا للمجلس الأعلى للانتخابات بعد فرز كل صناديق الاقتراع، حصل إمام أوغلو على 52.21 في المئة من الأصوات (4 ملايين و741 ألفاً و870 صوتاً) مقابل 44.99 في المئة (3 ملايين و933 ألفاً و444 صوتاً) لبن علي يلدريم من "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الذي يتزعمه إردوغان. وبلغت نسبة المشاركة 88.44 في المئة.

Ad

وبفارق يزيد على 800 ألف صوت، أظهرت نتائج انتخابات الأحد، فوزاً كبيراً لامام أوغلو (49 عاماً) الذي بات بالنسبة إلى المراقبين النجم الصاعد على المسرح السياسي التركي، والقادر على منافسة إردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023.

ومع الفوز برئاسة بلدية العاصمة الاقتصادية لتركيا التي يعيش فيها نحو 16 مليون نسمة، والتي كان القضاء انتزعها منه قبل 3 أشهر، يفرض إمام أوغلو نفسه بالفعل على الساحة السياسية. كما تعتبر خسارة بن علي يلدريم علامة على انحدار إردوغان سياسياً.

ويقول معارضو إردوغان، إن مثل هذه الخسارة علامة على "أفول نجم الرئيس الذي لا يقهر"، وأن ذلك "بداية نهاية" حكمه الذي استمر أكثر من 15 عاما للبلاد.

وتعني خسارة إسطنبول أكثر بكثير من مجرد خسارة السيطرة على أكبر مدينة في تركيا ومركز الثقل الاقتصادي بها. فمنصب رئيس بلدية إسطنبول كان نقطة انطلاق مسيرة العمل السياسي لإردوغان.

إمام أوغلو

واحتفل عشرات الآلاف من أنصار إمام أوغلو في شوارع اسطنبول. وقال إمام أوغلو (49 عاما) لأنصاره "في هذه المدينة اليوم، انتم أصلحتم الديمقراطية. شكرا اسطنبول"، مضيفاً: "لقد جئنا لاحتضان الجميع. سنبني الديمقراطية في هذه المدينة وسنبني العدالة. في هذه المدينة الجميلة، أعدكم بأننا سنبني المستقبل".

وقال إمام أوغلو مخاطبا إردوغان: "أنا مستعد للعمل معك في تنسيق تام، وأطلب من هنا مقابلتك في أقرب وقت"، مضيفا: "سأعمل بجد دون تمييز ضد أي كان"، قبل أن يردد مجددا شعار حملته "كل شيء سيكون على ما يرام".

إردوغان

وفي سلسلة من التغريدات على "تويتر" بعد ظهور النتائج ليل الاثنين ـ الثلاثاء، هنأ إردوغان رئيس بلدية إسطنبول الجديد، وتعهد باستمرار التحالف مع "حزب الحركة القومية"، كما تعهد بالحرص على تعزيز المصالح التركية في الداخل والخارج. وأعلن أنه ينوي زيارة الصين وأوروبا بعد قمة مجموعة العشرين المقررة في اليابان بعد أيام.

ووفقا لوكالة "بلومبرغ" فإن الرئيس التركي، الذي من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هامش قمة العشرين، يسعى إلى إعطاء إشارة بأنه سيمضي إلى متابعة القضايا الأكثر أهمية مثل العقوبات التي تهدد الولايات المتحدة بفرضها على خلفية شراء تركيا لأنظمة دفاع صاروخي روسية.

إلا أنه لا يوجد أمام إردوغان خيار إلا سرعة بحث التيارات الكامنة وراء الهزيمة في إسطنبول، والتي تسببت في حالة من القلق داخل "العدالة والتنمية" وشجعت خصومه المبتهجين.

ويرى أنطوني سكينر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت" لتحليل المخاطر، إن "إردوغان سيظل يتابع عن كثب الشعور السائد في صفوف حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية، ولديه مساحة أقل للمناورة الآن مقارنة بالسنوات الأخيرة". وقال سكينر: "لقد تحوّل إمام أوغلو إلى قائد وطني ملهم، وأمام إردوغان مهمة صعبة لتحييده من دون تحويله إلى شهيد والتسبب عن غير قصد في زيادة شعبيته".

عصر إردوغان

وفي برلين، ذكر السياسي الألماني في "حزب الخضر" المعارض، جيم أوزدمير، أن عصر إردوغان انتهى.

وقال السياسي المنحدر من أصول تركية، أمس "نحن في مرحلة الوقت بدل الضائع"، مضيفا في المقابل "أن المخاطر التي تهدد تركيا لا تزال كبيرة، وإردوغان لديه قوة لجذب البلد نحو الهاوية".

وأشار إلى أن نصف السكان في تركيا تقريبا لا يتوقون إلى شيء أكثر من الديمقراطية الغربية، مؤكداً "انهم أقوياء الآن، ويتحلون بشجاعة لن يستطيع إردوغان قمعها بسرعة".

الليرة

في المقابل، ذكرت وكالة أنباء "بلومبرغ"، أن الليرة التركية ارتفعت بنسبة 1.2 في المئة أمام الدولار، بعد الفوز الذي حققته المعارضة في انتخابات اسطنبول، مضيفة أن سعر الدولار سجل 7472. 5 ليرات.

كذلك ارتفع مؤشر بورصة اسطنبول التركية (BIST) بنسبة 1.81 في المئة إلى 95728 نقطة، بعد إغلاقه الجمعة الماضي على انخفاض نسبته 0.14 في المئة.