في منزل المرحوم جاسم القطامي
قبل أيام سمعت أن هناك عزاء في بيت المرحوم جاسم القطامي، وكان المتوفى الدكتور محمد رمضان زوج إحدى بنات المرحوم جاسم، وذهبت لتقديم واجب العزاء، وعندما دخلت المنزل انتابتني مشاعر وأحاسيس قد أجد صعوبة في اختيار الكلمات والعبارات التي تمكنني من التعبير عن تلك المشاعر. تذكرت شخصية أبي محمد الوطنية، كان محباً لوطنه وأمته العربية، لا ينازعه في حبه لهما إلا أسرته، كنا نلتقي في ذلك المنزل يوماً في الأسبوع، وكان رحمه الله يحب ضيوفه ويقدرهم، وإذا تغيب أحد سأل عنه وترجاه للحضور، كنا نستمتع في الحضور إلى مجلسه، ونستفيد من الحديث والنقاش الذي يدور في مجلسه، وطريقته في إدارة الحديث والنقاش المهم الذي يدور في تلك الجلسات. ومن أهم الأمور التي تؤكد وطينته وحبه للكويت وشعبها أتذكر، على سبيل المثال، أنه في يوم من أيام الاحتلال العراقي كنا في مصر، ودُعينا لحضور محاضرة يلقيها جاسم القطامي، وكانت في إحدى صالات فندق سفير الزمالك، لقد تحدث أبو محمد بلغة واضحة وبشّر الحضور باقتراب حل الأزمة، وأن المحتل سينهزم.
وقال إن الكويتيين أثبتوا في مؤتمر جدة أنهم حكومة وشعباً يدٌ واحدة في وجه المحتل، لذلك توحد المجتمع الدولي في مساندة قضيتنا ورفض منطق الاحتلال، ومن الأسئلة التي أثيرت في تلك الندوة حول معرفة رأي أبي محمد بما طرحه الرئيس الفرنسي ميتران من مقترحات تشترط لعودة الأسرة الحاكمة إلى حكم الكويت بعد تحريرها رضاء الشعب الكويتي، ورأى البعض أن مثل المقترح قد يساعد في تقوية المطالب الشعبية. رد المرحوم أبو محمد أن الرئيس الفرنسي لا يعرف مشكلتنا أكثر منا، نحن أعلم بمشكلتنا، وكيف نعالجها، نحن اليوم لا نفكر إلا بعودة الكويت حرة، وعودة الشعب الكويتي من المنفى، لا نريد أن يظهر بيننا أي خلاف أو انقسام، وإذا كان بيننا وبين الأسرة الحاكمة أي خلاف نناقشه إذا عدنا إلى الكويت. رحمك الله يا أبا محمد، وأسكنك فسيح جناته. لقد طالبت بالحقوق السياسية والاجتماعية للشعب الكويتي عندما كانت الأسرة الحاكمة قوية، وكان كثير من الشعب الكويتي غافلا عن تلك الحقوق ولا يستوعبها، لقد تعرضت بسبب تلك المواقف الشجاعة للمطاردة والإقصاء، ولكن ظللت شجاعا ثابتا لم تتراجع، حتى استطاع الشعب الكويتي أن ينال الكثير من حقوقه السياسية والاجتماعية. فما يتمتع به الشعب الكويتي من حريات ونظام ديمقراطي كان لأبي محمد دور كبير في تحقيق تلك الإنجازات، لذلك كنا نتمنى أن يطلق اسمه على أحد شوارع الكويت الرئيسة ومؤسسة تعليمية اعترافا بدوره الكبير في نهضة الكويت.