بعد يومين من وضعه بقائمة العقوبات الأميركية ضمن "حملة الضغوط القصوى"، التي تشنها إدارة الرئيس دونالد ترامب على الجمهورية الإسلامية، لحملها على إبرام معاهدة شاملة، اعتبر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن المقترح الأميركي للحوار مجرد خدعة، مؤكداً أن الأمة الإيرانية لن تتراجع أمام العقوبات الجائرة والإهانات الأميركية.وفي أول تعليق له على فرض العقوبات عليه وعلى مسؤولين إيرانيين آخرين، قال خامنئي: إن "أكثر المسؤولين شراسة في حكومة الولايات المتحدة يتهمون إيران ويوجهون لها الإهانات. إن الأمة الإيرانية لن تستسلم وتتراجع في مواجهة الإهانات".
وأضاف خامنئي أن "واشنطن تريد أن تحقق بالمفاوضات ما لم تتمكن من تحقيقه عبر الضغوط".وأشار إلى أنه "إذا تم قبول مطالب الطرف الآخر في المفاوضات، فإن الشعب سيتضرر كثيراً، كما أنه إذا لم يتم قبول ما يريد، فإنه سيواصل افتعال الأجواء السياسية والدعائية والضغوط".وتابع قائلا: "إن أميركا لا تجرؤ على مهاجمتنا مادمنا نمتلك السلاح، ودعواتها للتفاوض تهدف إلى تجريدنا من السلاح ومن ثم مهاجمتنا".ووصف المرشد العقوبات بأنها قاسية، لكنه قال إن "إيران لاتزال قوية، وستحقق جميع أهدافها".
نصيحة إيرانية
في موازاة ذلك، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الطريق الذي اختارته الولايات المتحدة ضد إيران، هو "طريق وسلوك خاطئ"، داعياً واشنطن إلى تغيير سياستها.وقال روحاني، خلال كلمة له في اجتماع لمجلس الوزراء: "نحن نشير للأميركيين إلى أن الطريق الذين اختاروه خاطئ، وننصح الأوروبيين ليدركوا أن عدم قدرتهم على التصرف لإنقاذ الاتفاق النووي كان خاطئاً، ونقول لهما يجب العودة إلى التعاهدات والاتفاقيات".ورأى روحاني أن "عودة أميركا والدول الأوروبية إلى الالتزام بالتعهدات في الاتفاق النووي سيصب في مصلحة تلك الدول وإيران والمنطقة، بالإضافة إلى أنه يكشف عن احترام القانون والمؤسسات الدولية، وهو أقصر الطرق لتحقيق المصالح المشتركة".وأكد أن إيران لن تدخل في مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة إلا إذا عادت إلى الاتفاق النووي ورفعت العقوبات.وحذر الولايات المتحدة من القيام بأي عمل عسكري ضد إيران بعد إسقاطها طائرة أميركية بدون طيار الأسبوع الماضي. وشدد: "انتهاك حدودنا خط أحمر بالنسبة إلينا".روحاني وماكرون
وفي تصريحات منفصلة، قال الرئيس الإيراني، في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن الظروف لن تتغير حتى تلغي واشنطن العقوبات المفروضة.وأكد مساء أمس الأول، مجدداً، موقف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، من أنه إذا لم تستطع طهران الاستفادة من مزايا الاتفاق النووي، فستقلل من تعهداتها في إطار الاتفاق شيئاً فشيئاً.حرب قصيرة
في المقابل، ذكر الرئيس الأميركي أن أي حرب بين الولايات المتحدة وإيران ستكون سريعة، لكنه أكد مجددا رغبته في تجنب المواجهة العسكرية.وقال لشبكة "فوكس" رداً على سؤال عما إذا كانت الحرب وشيكة: "أتمنى ألا نخوض حرباً لكننا في وضع قوي جداً إذا حدث شيء. إذا حدث شيء فلن يدوم طويلا".وشدد على أن بلاده لن ترسل قوات برية في حال اندلاع صراع مسلح مع طهران التي "يفتقد قادتها الذكاء".بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، إن بلاده تبقي الباب مفتوحا للحوار مع إيران، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بلاده تعمل للحفاظ على أسعار النفط، خلال التوترات التي تمر بها المنطقة. وأضاف خلال مؤتمر في نيودلهي: "نريد أن نبقي الحوار مفتوحا لكننا نعرف أن إيران هي أكبر ممول للإرهاب".انتهاك النووي
في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أنها ستزيد اعتبارا من اليوم سرعة تخصيب اليورانيوم في مفاعل "نطنز" النووي. وقال المتحدث باسم المنظمة عباس كمالوندي: "سنزيد سرعة تخصيب اليورانيوم في مفاعل نطنز"، مشيراً إلى أن "احتياطي إيران من اليورانيوم المنضب ستتجاوز غداً حاجز الـ300 كغ" المنصوص عليه في الاتفاق النووي.وأضاف أن "تنفيذ الخطوة الثانية، والتي تشمل رفع مستوى تخصيب اليورانيوم لأكثر من 3.7 في المئة لا يحتاج إلى أكثر من يومين".كما أشار إلى أنه "لايزال أمام الأوروبيين فرصة لإنقاذ الاتفاق النووي، وإذا أرادت تمديد مهلة الـ60 يوما التي منحتها طهران لهم فهذا يعني أنهم غير قادرين على تنفيذ التزاماتهم النووية أو لا يريدون ذلك".وتمثل الخطوة الإيرانية انتهاكا لأحد البنود الأساسية في اتفاق 2015، رغم جهود بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإنقاذ المعاهدة عبر انشاء آلية خاصة للتجارة مع طهران.تحد عسكري
في غضون ذلك، رأى قائد "الحرس الثوري" حسين سلامي، أن العقوبات الأميركية الأخيرة التي مست المرشد "إجراء يائس لحفظ ماء الوجه"، بعد أن أسقطت طهران الطائرة المسيرة المتطورة فوق الخليج.وفي وقت تسود حالة من الترقب منطقة الخليج، قال قائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زادة: "لا أميركا ولا أي دولة أخرى تتجرأ على العدوان على إيران، وعلى الأميركيين أن ينتبهوا إلى تصرفاتهم".بن زايد ولافروف
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد في مؤتمر مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو أمس، أنه لابد من ضم دول المنطقة إلى الاتفاق النووي مع إيران لـ"ضمان نجاحه".وأوضح الوزير الإماراتي أنه بحث توسيع التعاون الدولي لحماية السفن في الممرات المائية بالخليج. وقال: "نحن في منطقة مضطربة ومهمة للعالم، ولا نريد المزيد من الاضطرابات، ولا نريد المزيد من القلق، نريد مزيدا من الاستقرار".في سياق متصل، قال بن زايد: "تحدثنا مع المسؤولين الروس عن الهجمات الأخيرة التي شملت ناقلات نفط في بحر عُمان". وعن الهجمات على 4 سفن بينها ناقلتا نفط سعوديتان قبالة الفجيرة لفت الوزير إلى أنه "لا نستطيع توجيه الاتهام لأي دولة بخصوص الهجوم على السفن قبالة الإمارات". وأضاف هناك حاجة لأدلة "واضحة ودقيقة وعلمية ويقتنع بها المجتمع الدولي".من جهته، قال لافروف إنه "يجب على دول الخليج العربي تشجيع الحوار لتفادي العنف في المنطقة ورفض دفع المنطقة إلى سيناريوهات القوة".واعتبر أنه بـ"الإمكان حل الأزمة بين إيران والولايات المتحدة بالحوار". لكنه تساءل "كيف يمكن لإيران الموافقة على الحوار في ظل العقوبات والشروط الأميركية؟".