اتخذ حزب المحافظين البريطاني خطوة أخرى نحو وصول بوريس جونسون عضو البرلمان المثير للشغب الى رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة، ويقتصر سباق الرئاسة في الوقت الراهن على بوريس جونسون وجيريمي هنت– وزير الخارجية– الذي لا يظن أحد أن في وسعه إلحاق الهزيمة بمنافسه أو التفوق عليه في أي صورة كانت، وينسحب هذا الظن على هنت نفسه الذي يبني حملته الانتخابية على فكرة قدرته على تحجيم «خطوات جونسون» الذي يشتهر بعدم الانضباط وتلقينه «معركة العمر»، مفترضاً أن يبرز في صورة سياسي أفضل على الساحة البريطانية، وربما مثل إنسان أفضل أيضاً. وقد يتمكن إضافة إلى ذلك من التركيز على جوانب أخرى مثل مسألة كيفية اعتزامه الوفاء بوعده المتعلق بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بطريقة تتسم باللياقة والاحترام، ولم أحصل بعد على رد شاف ومفيد في هذا الصدد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعركة الانتخابية قد نجمت عن تنحي رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن قيادة حزب المحافظين البريطاني في وقت سابق، وبحسب النظام البرلماني في المملكة المتحدة فإن من سيخلفها في هذا المنصب سينتقل الى مقر رئاسة الوزراء في 10 داوننغ ستريت بمجرد اختياره للمنصب.
جهود حزب العمال البريطاني
يذكر أن زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين كان يبذل قصارى جهده من أجل إجراء تصويت على عدم الثقة بالحكومة على أن يعقب تلك العملية إجراء انتخابات عامة. ولكن ما لم يتكلل هذا الجهد بالنجاح المرجو فإن بريطانيا ستضطر في الوقت الراهن على الأقل الى قبول أي شخصية يتم اختيارها من قبل حزب المحافظين، وتشتمل طريقة الاختيار هذه على مرحلتين فقط:الجولة الأولى
وهي طبعاً الأكثر أهمية تتمثل باقتصار عدد المرشحين للمنصب الى اثنين فقط، وحتى الأسبوع الماضي كان عدد المرشحين اقتصر على خمسة، في حين كان العدد في بداية الترشح 13 مرشحاً، ولكن تم استبعاد غير المؤهلين بشكل تدريجي الواحد تلو الآخر في سلسلة من عمليات تصويت أجراها أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، كما كان أول المستبعدين الخمسة هو روي ستيوارت وزير التنمية الدولية، الذي قاد حملة انتخابية ناجحة لكنها لم تتكلل بالنجاح. وخرج بعده ساجد جاويد وهو وزير الداخلية الذي جادل في أن من مصلحة الحزب عدم وجود مرشح بين آخر اثنين من المرشحين سبق أن ذهب الى أكسفورد، وقد تم استبعاده في أول جولة من التصويت في الأسبوع الماضي.الموقف من بريكست
كان الشخص التالي الذي خرج من السباق هو وزير البيئة مايكل غوف الذي اتهم بأنه من أوائل أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإضافة إلى ذلك كان البعض في الوسط الانتخابي يأملون أن يصل غوف الى خط النهاية بسبب الكراهية بينه وبين بوريس جونسون، وهذه قصة طويلة لا مجال هنا لسردها على أي حال، وهي تتناول حادثة شجار سابقة في أوساط القيادة.وكان بعض المراقبين يأملون أيضاً عدم وصول الخلافات بين الرجلين الى العلن، وكانت هناك إشاعات وقد نفاها تيم بوريس تقول إن بوريس جونسون طلب من بعض أنصاره أن يصوتوا لمصلحة هنت وذلك بغية إغاظة غوف، وفي الحصيلة النهائية للفرز نال جونسون 160 صوتاً وغوف 75 صوتاً وهنت 77 صوتاً.الجولة الثانية
ونتناول الآن الجولة الثانية من هذه الانتخابات المثيرة للجدل، واللافت أنه سيكون هناك تصويت عن طريق البريد الإلكتروني بين أعضاء حزب المحافظين الذين ينشطون في الجمعيات المحلية من الذين يوجد بينهم نحو 160 ألفاً، وسيستغرق ذلك عدة أسابيع يظهر خلالها جونسون وهنت في منتدياتٍ مختلفة. وحتى الآن قدم جونسون عدداً قليلاً من المقابلات وأرسل شخصياتٍ بديلة للتحدث باسمه، وكان أحد تلك الشخصيات جوني ميرسير عضو البرلمان البريطاني الذي واجه في الآونة الآخيرة سؤالاً على برنامج راديو 5 لايف Radio5Live لم يكن راغباً أو ربما لم يكن قادراً على الرد عليه وهو: «كم عدد أطفال بوريس جونسون؟»، كان الجواب يصعب طرحه الى حدٍ كبير، وعلى الرغم من ذلك يبدو أنه يستحق الاجابة لأسبابٍ تتجااز الفضول، مثل الشفافية حول الالتزامات المالية المحتملة لرئيس الوزراء، وربما تضارب المصالح، وتجدر الاشارة الى أن جونسون الذي بلغ الخامسة والخمسين الاسبوع الماضي يخوض معركة طلاق.وهناك أيضاً مسألة العلاقات العاطفية العارضة لجونسون، وقد شجب ايان بلاكفورد وهو الزعيم البرلماني في الحزب الوطني الاسكتلندي بوصف جونسون «عرقيا» في مجلس العموم، ولديه سجل من سوء الأمانة، ولم يكن ملائماً لهذا المنصب. وقد استشهد بتعليقات جونسون النساء المسلمات المحجبات الإفريقيات والأسكتلنديات اللواتي طالب جونسون ذات مرة بعدم السماح لهن بتقلد منصب رئاسة الوزراء، وفي فترة التسعينيات عندما كان رئيساً لمجلة سبيكتيتور Spectator التي نشرت قصيدة نسبت الى الأسكتلنديين على أنهم جنس يجب القضاء عليه، وكان البريكست قد ألهم دعوات الى إجراء استفتاء جديد على استقلال أسكتلندا.وإذا سار كل شيء بحسب الخطة المرسومة فإن حزب المحافظين البريطاني سيسمي بوريس جونسون رئيساً للوزراء في 22 يوليو وربما قبل ذلك، وستكون مهمته في ذلك الوقت تحديد مصير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر المقبل عندما يتعين على المملكة المتحدة مغادرة الاتحاد الأوروبي بعد تحقيق اتفاق أو من دونه. وهو أقل شعبية في بروكسيل من أسكتلندا، ومن يعلم اذا كان سيستمر حتى ذلك الوقت؟ وقد أبلغ أحد مصادر حزب المحافظين صحيفة الغارديان أنه «يمكن لجونسون أن ينال الثقة في أول يوم ليصبح رئيساً للوزراء لمدة عشر دقائق»، وبالنسبة إلى جونسون قد يكون ذلك فترة أكثر من كافية لخلق المتاعب.● إيمي ديفيدسون سوركن