في وقت لم ينزع فتيل التوتر العسكري في المنطقة، حذر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الولايات المتحدة من انتهاك حدود بلاده مجددا، مهددا برد أقوى، بعد أسبوع من إسقاط طهران طائرة أميركية مسيرة "درون" فوق الخليج.

وقال لاريجاني، في تصريحات أمس، "إسقاط طائرتهم المسيرة كان تجربة جيدة لهم لتفادي أي اعتداء على حدودنا"، مضيفا: "رد فعل إيران سيكون أقوى إذا كرروا خطأهم وانتهكوا حدودنا".

Ad

في موازاة ذلك، أكد نائب القائد العام لـ"الحرس الثوري" علي فدوي أن أميركا عاجزة في مواجهة قدرات إيران الدفاعية والأمنية، مشددا على أنه "لا جرأة لأي عدو ومن ضمنه أميركا على إطلاق حتى رصاصة واحدة على البلاد".

وشدد فدوي على أن "الحرس الثوري قدم منذ انتصار الثورة الإسلامية 40 ألف شهيد، فضلا عن 100 ألف شهيد من عناصر التعبئة الشعبية".

استعراض جماهيري

في سياق قريب، شيع حشد هائل في طهران أمس رفات نحو "150 شهيدا"، سقطوا خلال الحرب الإيرانية - العراقية بثمانينيات القرن الماضي، في تظاهرة أبرزت السلطات خلالها "المقاومة في وجه الولايات المتحدة، العدو الرئيسي".

وتطرق رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، في كلمة أمام الحشد، إلى الأزمة الحالية مع واشنطن، مضيفا ان "اليد المباركة التي هاجمت الطائرة الأميركية المسيرة أكدت أن الجمهورية الإسلامية لا تتردد في صمودها أمام العدو"، مؤكدا أن "الجمهورية الإسلامية تنظر إلى أميركا على أنها العدو الرئيسي، أمام النظام الصهيوني، وهي بمقدورها أن تجرهما إلى الندم".

حد التخصيب

في غضون ذلك، أفاد دبلوماسيون بأن أحدث البيانات الصادرة عن المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة تفيد بأن كمية اليورانيوم المخصب الذي تملكه طهران مازالت أقل من الحد الأقصى المسموح لها بامتلاكه بموجب اتفاقها مع القوى الكبرى، لكنها بصدد الوصول إليه مطلع الأسبوع المقبل.

وأشارت المصادر إلى احتمال وجود "سبب سياسي" للتراجع الإيراني عن انتهاك الاتفاق، في وقت كثف الأوروبيون في الأيام الأخيرة جهودهم لخفض التوتر.

وقال ثلاثة دبلوماسيين يتابعون عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إنها تحققت أمس الأول من أن إيران تملك 200 كيلوغرام تقريباً من اليورانيوم المنخفض التخصيب، أي أقل من الحد الأقصى الذي يسمح به الاتفاق وهو 202.8 كيلوغرام.

وقال دبلوماسيان منهم إن طهران تنتج اليورانيوم بمعدل كيلوغرام واحد تقريبا في اليوم، مشيرين إلى أنها لن تحقق ما أعلنته من أنها ستبلغ الحد الأقصى بحلول أمس، لكنها قد تتجاوز ذلك الحد بعد قليل من اجتماع ينعقد اليوم في فيينا مع موقعين آخرين على الاتفاق بهدف إنقاذه.

زيادة العقوبات

في المقابل، أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن واشنطن عازمة على تشديد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، بهدف إضعاف النظام الحاكم في طهران.

وأكد منوتشين، في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، ما صرح به وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حول استهداف العقوبات %80 من الاقتصاد الإيراني، قائلا: "نحاول رفع العقوبات الأميركية ضد إيران بنسبة %100 ضد اقتصادهم".

في غضون ذلك، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيحاول إقناع نظيره الأميركي بتعليق بعض العقوبات المفروضة على طهران لإتاحة المجال أمام إجراء مفاوضات تساعد على نزع فتيل الأزمة في الخليج.

وقال ماكرون في اليابان: "أريد إقناع ترامب بأن من مصلحته استئناف عملية التفاوض، والتراجع عن عقوبات معينة، لإتاحة فرصة لمفاوضات على اتفاق جديد أكثر صرامة"، مبينا أن الفكرة تدور حول بدء نقاش وتحديد نطاق المحادثات من أنشطة إيران النووية إلى دورها الأوسع في المنطقة، وتابع: "سنعطي أنفسنا بضعة أشهر".

وفي تصريح منفصل، أكد ماكرون أنه سيبلغ ترامب خلال قمة مجموعة العشرين بـ"تجنب أي تصعيد ذي طبيعة عسكرية" بشأن إيران، ودان إسقاط الطائرة الأميركية، قائلا: "تحليلاتنا تشير إلى أنها كانت في المجال الدولي" ولم تنتهك المجال الإيراني.

وشدد على أن واشنطن ارتكبت خطأ بانسحابها من الاتفاق النووي، لكنه أكد أنه يشارك الرئيس الأميركي هدفه منع طهران من امتلاك أسلحة نووية رغم الاختلاف أحيانا مع أساليبه.

بدوره، ناشد القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) التنديد علناً بأفعال إيران المعادية، ودراسة المشاركة في خطة لا تزال قيد الإعداد لضمان سلامة الممرات المائية الاستراتيجية في الخليج.

ودعا إسبر إلى المساعدة في منع التوتر من اتخاذ مسار عسكري وتحويله إلى المسار الدبلوماسي.

ماي وماكرون

من جهتها، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ضرورة أن تلتزم إيران بتعهداتها في الاتفاق النووي، مشددة على أنها ستواصل "العمل مع فرنسا وألمانيا، بشأن أهمية عمل كل ما في وسعنا للحفاظ على الاتفاق النووي وإكمال آلية التجارة التي تتجاوز العقوبات الأميركية" المعروفة باسم "انستيكس".

وشددت ماي على أن وجهة نظر المملكة المتحدة تتعارض مع رأي الولايات المتحدة فيما يتعلق بالاتفاق، مشيرة إلى أن بريطانيا لا تزال تعتقد في أهمية الاتفاق وأهمية الحفاظ عليه.

وعلى صعيد ردود الفعل الإقليمية، أعلن نائب رئيس الوزراء العراقي ثامر الغضبان أن العراق لن ينحاز إلى أي طرف وسط التوتر الحالي بالشرق الأوسط، لكنه حذر من أن الهجمات التي طالت ناقلات نفط في خليج عمان أخيرا تمثل خطرا على امدادات الطاقة.

حزب الله

وفي بيروت، قال نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم إن جماعته المدعومة من إيران تعتقد أن حربا أميركية على الجمهورية الإسلامية "مستبعدة لأسباب بينها قدرات طهران الدفاعية القوية، ورأى قاسم، في تصريحات أمس، أن الرئيس الأميركي "لا يحتاج الحرب". وأضاف قاسم: "انه لا يستفيد من حرب يمكنه أن يبدأها، لكن لا يستطيع ضبط نتائجها، وهي يمكن أن تبدأ مع إيران، لكن يمكن أن يصاحبها اشتعال المنطقة".