«سامحني خطيت»
في حادثة الإفك التي طعن فيها في شرف أمنا أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، وزوجة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، أقسم أبو بكر الصديق ألا ينفق على قريبه الفقير مسطح بن أثاثة، لأنه تكلم مع المنافقين في عرض أمنا عائشة رضي الله عنها.فلما نزل قول الله تعالى: "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ". قال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فأرجع إلى قريبه مسطح النفقة التي كان ينفقها عليه. من منا لم يخطئ في حياته فالإنسان بطبيعته معرض للخطأ وليس معصوماً منه، يقول نبينا الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".أذكر أن شخصا أخطأ في حق أخيه المسلم وندم على ذلك، فذهب إليه ليقدم اعتذاره فرفض أخوه المسلم قبول اعتذار صديقة، وذكّره الصديق بموقف أبي بكر رضي الله عنه مع قريبة مسطح بن أثاثه، لعلّ قلبه يحن ويلين، لكن قلبه كان كالحجارة أو أشد قسوة.
هذا الشخص غير المتسامح سيعيش في حزن وضيق واكتئاب وتفكير دائم في المشكلة التي حصلت بينه وبين صديقة، فالإنسان غير المتسامح يصاب بعدة أمراض منها: الصداع، آلام الظهر، آلام الرقبة، آلام المعدة، أعراض القرحة، الاكتئاب، قلة الطاقة، القلق، التوتر، الانفعال السريع، الأرق، الخوف، التعاسة؛ فيلجأ هذا الشخص إلى تناول الأدوية وربما ستضره في المستقبل إذا استمر عليها، فما العلاج؟ أقوى وأنجح دواء نعالج به أفكارنا التي تسببت لنا بقائمة طويلة من الأعراض والأمراض هو دواء التسامح، إنه علاج قوي وفعال، ولديه القدرة على الشفاء من كل هذه الأمراض التي ذكرتها آنفاً، فعليكم به.يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ". ويقول في آية أخرى: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ".وأخيراً يقول الشاعر مبارك الحديبي: سامحني خطيت خاني التعبيرسامحني والغلطة بعد ما تصير* آخر المقال: التسامح أفضل علاج على الإطلاق، فهل من متعظ؟!