ذكر "الشال" أن تقرير وزير المالية لشهر مايو 2019 يتناول موضوعات عدة، وسوف نعلق في فقرتنا على موضوع واحد فقط، وهو تطورات أوضاع سوق النفط، التي تؤكد دون أدنى شك عدم استدامة المالية العامة، فالإنفاق إلى ارتفاع حتمي، والإيرادات وأكثر من 90 في المئة منها إيرادات نفطية، متناقصة وغير مأمونة.

التقرير ينسب إلى نشرة "ميس" أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بين عامي 2018 و2019 من 98.7 مليون برميل يومياً إلى 99.9 مليونا في عام 2019، أي بزيادة في حدود 1.2 مليون برميل يومياً، والمفارقة أن زيادة المعروض من خارج دول "أوبك" في عام 2019 بلغت 2.1 مليون برميل يومياً، أي أنها جاءت على حساب فقدان "أوبك" 900 ألف برميل يومياً.

Ad

وحتى مع خفض الإنتاج باتفاق "أوبك" ودول منتجة خارجها، عادت أسعار خام برنت إلى مستوى الـ 60 دولارا للبرميل إذا استثنينا الارتفاع المؤقت بسبب الأحداث الجيوسياسية، وحتى هذا المستوى المنخفض يسمح بالتوسع في إنتاج النفط غير التقليدي، الذي أدى إلى تفوق الولايات المتحدة في حجم إنتاجها على روسيا والسعودية، وأصبحت وفقاً للرئيس الأميركي لا تحتاج إلا قليلاً لمضيق هرمز.

وإيرادات "أوبك" من النفط التي بلغت نحو 913.9 مليار دولار في سنة 2014، وهي السنة التي انهارت الأسعار في ثلثها الأخير، من المتوقع لها أن تبلغ في عام 2019 نحو 558.2 مليارا وفقاً للتقرير، أي تفقد نحو 39 في المئة من مستوى إيرادات 2014.

وفي الكويت التي باتت تصدّر معظم نفطها لآسيا، وأكثر من نصف إيراداتها منه يأتي من 4 دول آسيوية هي كوريا الجنوبية والصين والهند واليابان، ثلاث من تلك الدول – باستثناء الهند – معرضة لهبوط بنموها الاقتصادي في المستقبل، بما يؤثر سلباً على مستوى طلبها على النفط.

ويقدر التقرير، استناداً إلى "ميس"، أن تهبط إيرادات النفط الكويتي من مستوى 58.4 مليار دولار في عام 2018، إلى مستوى 52.75 مليارا في عام 2019، أي تفقد نحو 10 في المئة من مستواها.

وفي مشروع "كويت 2035"، تتبنى الكويت رؤية صحيحة بأن الوقت بات جازماً بضرورة تنويع مصار للدخل بعيداً عن النفط الذي يفقد أهميته، ومعها مستوى إيراداته بمرور الوقت، وفي مشروع آخر - مؤسسة البترول الكويتية - تعتمد الكويت هدفاً مناقضاً تماماً بزيادة الاعتماد على النفط، وحشد استثمارات ضخمة ومنافسة للمشروع الأول لتحقيق ذلك الهدف.

وفي عام 2019 فقط، ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الجارية بنحو 4.7 في المئة و9 أشهر ضمنها في عام 2019، بينما مقدر لإيراداتها النفطية وفقاً لتقرير مكتب وزير المالية أن تفقد 10 في المئة من مستواها في عام 2018.

والوضع كما يبدو ليس أكثر من حراج بين جناحي الإدارة العامة على تصفية آنية لحاضر البلد ومستقبله، والثمن بخس جداً، حماية منصب أو مجموعة مناصب معظمها غير مستحق في الأصل.