خاص

موسى حوامدة لـ الجريدة•: الحب أجمل ما يستفز القصيدة

أشتغل على مشروعي الشعري بعيداً عن الخطاب الحماسي والسياسي

نشر في 30-06-2019
آخر تحديث 30-06-2019 | 00:00
يصعُب على القارئ أن يُحدِّد بدقة هوية الشاعر موسى حوامدة، فهو فلسطيني أردني يعشق مصر، وإجمالاً هو شاعر يحمل الحلم العربي، ويُعبِّر عنه في قصائده التي تأخذك إلى فضاء رحب عنوانه روعة الفكرة وفخامة النص.
في حوارٍ أجرته "الجريدة" يذهب حوامدة إلى أن "الربيع العربي" قضى على تطور القصيدة على المستوى الجمالي، لافتاً إلى أنه اختار الاشتغال على مشروعه الشعري بعيداً عن الخطاب الحماسي والسياسي. وفيما يلي نص الحوار:
● فلسطيني أردني وتعشق مصر... نقرأ قصائدك ونستمتع بها ما السر؟

- وُلدت في فلسطين حينما كانت الضفة الغربية جزءاً من الأردن، وشهدت تدمير البلدة التي وُلدت فيها قبل هزيمة يونيو، ورأيت الدم الأردني والفلسطيني قد اختلطا معاً عندما شاهدت بعيني شهداء الجيش العربي الذين ماتوا للتو، في سياراتهم العسكرية التي أحرقها العدو الصهيوني، وهم يحملون أسلحتهم الموجهة صوبه. في تلك السنوات كانت مصر حلم الفلسطيني والعربي من المحيط للخليج، وبسبب دخول اللغة المعادية إلى بلادنا وعشقي للغة العربية، وهي أهم عناصر الهوية، صار تشبثي بلغتي وهويتي رفضا للاحتلال واستلاب فلسطين وليس ترفاً.

ووجدت أن روحي مشبعة بحب مصر، فمصر ثقافياً وفنياً وسياسياً وإنسانياً، لم تبخل في تقديم الشهداء دفاعاً عن عروبتها ضد الكيان الصهيوني، وخاضت أربعة حروب حتى الآن، ولن يقبل الشعب المصري وجود كيان سرطاني معادٍ له على حدوده وإلى جواره، وكما هزم المغول والتتر والصليبيين سيأتي اليوم الذي ينتصر فيه على هذا العدو.

وحين تعيش في مصر، وتتعرف على أهلها تتلمس روحها، وتدرك أن من السهل عليك أن تكون عربياً صالحاً حين تكون مصرياً، وتبتعد عن التقسيمات والكانتونات القطرية، فتحب لغتك وتحب وطنك وبلادك من الماء للماء، ودائماً أقول إن الهوية هي لغة قبل كل شيء، وليست جغرافيا أو ديناً على أهميتهما.

● كيف ترى دور الشاعر والقصيدة في ظل الأجواء العصيبة التي تعيشها المنطقة؟

- للأسف الربيع العربي قضى على تطور القصيدة العربية الجمالي، وصارت الغلبة للجماهير التي تريد الشعر السياسي والشعاراتي، ولذا تراجع المستوى الجمالي للقصيدة، وتهمش دور الشاعر الذي صار حائراً بين رضا ذائقته ورضا جمهوره. شخصياً اخترت الاشتغال على مشروعي الشعري بعيداً عن الخطاب الحماسي والسياسي، ذلك لا يعني رفض التغيير، لكن التغيير المتسرع أوقعنا في التخبط، كل ذلك بسبب غياب الوعي الحقيقي، وتراجع المشروع الحضاري العربي، وصرنا بين المطرقة وهي السلطات المستبدة والسندان وهي قوى الشد العكسي، من القوى الاجتماعية التقليدية الرافضة للتغير والتي لا تؤمن بحرية الفرد.

من هنا اكتسح الخطاب السياسي والاجتماعي الشعبوي وسائل التواصل الاجتماعي، وتراجع دور الشعر وانحسرت مهمة الشاعر حتى صار الشعر مشروعاً ذاتياً.

حالة الرضا

● متى يُستفز موسى حوامدة لتولد القصيدة بين يديه؟

- كثيرة هي الأشياء التي تستفزني ونادراً ما أكتب في حالة الرضا، وأقصد أن سؤالك صحيح، فالكتابة عندي تتولد من حالات الخذلان والخسائر وهي متوافرة، وأجمل ما يستفز القصيدة حالة الحب التي قد تصنع للرماد أجنحة وتطير بالقصيدة إلى الأعلى، لكن حالة الكتابة لا تتوفر دائماً رغم الاستفزازات الكثيرة وخيبات الأمل المتعددة، ولأنني لا أحمل حكمة أبي العتاهية وحكم المتنبي أشعر أحياناً أن الصمت أبلغ تأثيراً، وأشد أثراً.

● المبدع هل تكون عينه على الرقيب، أم يواصل الكتابة؟

- كان الرقيب موظفاً في دائرة الرقابة ودوائر المطبوعات والنشر، وكان من السهل التعامل معه وحتى التحايل عليه، أو فهم خطوطه الحمراء، اليوم زال هذا الموظف وحل محله عشرات بل آلاف الرقباء الذين يحسبون عليك النَّفس، لم تعد هناك تابوهات تحتاج إلى تحطيم فكل شيء صار تابوهاً، رغم تحطم الأصنام، أقصد تم بناء حواجز ثقافية في عقلية القارئ، وصارت مساحة الحرية ضيقة، وما ينبغي تحطيمه سداً منيعاً، وما ينبغي إعماره وصنعه مستحيلاً.

● ثمة اهتمام كبير بالرواية فهل تراجع دور الشعر؟

- نعم، وذلك ضمن سياق التراجع الذي يشهده العالم العربي، وحالة النكوص التي تعيشها المجتمعات العربية، صار الكل يهرب للسرد فهو أقل تأثراً بحالة الإحباط والانكسار، كما أن قصيدة النثر تواجه رفضاً، والكثيرون لم يغيروا نظرتهم التقليدية للشعر الكلاسيكي، ويريدون من الشاعر المعاصر أن يكون نسخة من أسلافه وهذا أمر صعب، لأنه ضد التطور الطبيعي للحياة، أما السرد فهو مفتوح على كل الاحتمالات، ولا يوجد لدى الجمهور نمط محدد أو "كليشيه" محدد من قبل، فيما يتعلق بالسرد، لكنّ لديه نمطاً شعرياً متوارثاً.

● ما الذي تعكف على كتابته راهناً؟

- أتوق لوضع كتاب بعنوان "في حب مصر" أريد أن أكتب بتوسع عن علاقتي وحبي لهذا البلد العظيم، وتأثيره عليّ، كما لدي مشروع لكتابة ما يشبه السيرة، وكتيب ربما أضع فيه فهمي للشعر. هذه مشاريع تشغل رأسي، ولا أعلم متى أبدأ وأنتهى منها. نسيت القول إن لديّ مجموعة شعرية ناجزة بعنوان "تجبر خاطر الكمان" ربما ترى النور هذا العام في القاهرة.

لا أحمل حكمة أبي العتاهية وحِكَم المتنبي وأشعر أحياناً أن الصمت أبلغ

الكتابة عندي تتولَّد من حالات الخذلان والخسائر!
back to top