أول العمود: إذا كان معدل جراحات السمنة في الكويت يصل إلى ٥ آلاف شخص سنوياً، فلماذا لا تلتفت وزارة الصحة إلى مسألة التوعية والنظر لهذا الموضوع على أنه بمثابة وباء؟
*** يعود موضوع "منع الاختلاط" بين الطلبة في الجامعة مرة أخرى بشكل بائس، ومن باب لفظ أنفاس تيار لا يملك رؤية ولا بصيرة، موضوع ما يسمى الاختلاط يعدّ من بين أكثر القضايا هزلاً في الحياة السياسية الكويتية، بل هو شاهد على إفلاس القوى التي تتبناه. فهو أولاً ساقط من حيث التسمية، وليس هناك شيء اسمه اختلاط في الجامعة، فالتعريف بدءاً غير موفق، والطلبة يدخلون الجامعة بمعدلاتهم الثانوية وبرغبتهم وبمعرفة أولياء أمورهم ليكملوا تعليمهم العالي، فهذا اسمه تعليم وكفى. لندع الجدية في موضوع أقرب للهزل!قد لا يعرف البعض أن تعداد طالبات جامعة الكويت حسب العام الدراسي ٢٠١٧/ ٢٠١٨ بلغ ٢٦ ألف طالبة مقابل ٩ آلاف طالب. هنا من "يختلط" بمن؟ ثم ماذا عن الطالبات اللاتي يقررن الدراسة في الخارج لوحدهن؟ هل للفضيلة حدود جغرافية لدى هؤلاء؟ ونقول أيضاً إن إنتاج التشريعات البائسة والفاسدة كثيرة، ومنها هذا القانون الذي احتار فيه الدستوريون ولم يروا بأساً في وجود الطلبة معاً في المكان نفسه سواء في الحرم أو في الصفوف الدراسية، وهذا ما هو واقع منذ عام ١٩٩٦ عندما شُرع القانون كذباً باسم الفصل بين الجنسين في الجامعات والمدارس الخاصة. يذكرني هذا القانون عندما يئس التيار الديني من تمرير قانون الحقوق السياسية للمرأة باقتراحه كلمة "وفق الضوابط الشرعية" لكي يلاصق دخول المرأة قاعة عبدالله السالم! ربما كانوا يقصدون الحجاب؟ لكن ٣ نواب من النساء دخلن القاعة بلا حجاب بعد "ضوابطهم"! موضوع التدخلات السياسية في شؤون التعليم من بين أسوأ الأشياء التي يمكن أن يقوم بها سياسيون في أي بلد، بالطبع الوضع يتيح ذلك عندنا لأن "معزب" التعليم العام هو الحكومة، و"المعزب" هنا هو الذي يصرف المال عليها، وطالما كان الجدل السياسي بين الحكومة والنواب يأتي على شكل مقايضات كما هو في الاستجوابات فَلِمَ لا تكون الجامعة والتعليم ضحية؟ وهذا ما يحصل دائماً، التضحية بكل شيء في سبيل المقايضات! مسوقو قانون "منع الاختلاط" البائس ومشرعوه لا تهمهم سمعة الحرم الجامعي، ولا تأخر الطلبة في التخرج لاستفراد الطالبات بالشعب الدراسية نتيجة تعدادهم الكبير (٧٠٪)، ولا يهمهم مستوى التعليم، أو تلاقي الطلبة والطالبات بعد تخرجهم في مكتب الوظيفة، كل هذا بالنسبة إليهم أوهام في أوهام، المهم هو أن نُشرع قوانين غير قابلة للتطبيق إرضاء لاعتقادات بالية مختلف عليها اجتماعياً ودينياً.بالطبع لن نجد نائباً في البرلمان يقف مع فصل الجنسين ويناهض في الوقت نفسه رفع شعارات قبلية أو مذهبية في انتخابات الجمعيات العلمية في كليات الجامعة. لماذا؟ لأن من يغذي "الفصل" هو من يغذي النَفَس القبلي والمذهبي هناك، ومن يدعم الاثنين تصعب عليه المكاشفة في مسألة تزوير الشهادات! المسائل مترابطة هنا. ويعلم هؤلاء وباعتراف أساتذه جامعيين صرحوا على الملأ بأن القانون غير مطبق ولا يمكن تنفيذه، لكن من يسمع؟ حتى الذين شرعوا القانون يَصُمون آذانهم عن كلمة الحق والواقع، فيردون: هذا شأن الحكومة! أليس في مثل هذه المواضيع إلهاء للناس وتفريق للرأي العام عما يصيب الكويت من تهديد داخلي وخارجي؟
مقالات
إفلاس
30-06-2019