بعكس ما يتم ترويجه من وسائل الإعلام الإيرانية المستقلة والرسمية، أكد مصدر في مكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لـ»الجريدة» أن العقوبات الأميركية الأخيرة التي فُرِضت على خامنئي ومكتبه، مهمة وخطيرة جداً، ويقوم مكتب المرشد بدراستها بدقة لبحث كيفية تفاديها أو التحايل عليها.

وحسب المصدر، فإن خامنئي نفسه لا يملك رسمياً غير منزل وحسينية، كما قال الرئيس حسن روحاني في تعليقه على تلك العقوبات، لكن المؤسسات التابعة للمرشد لديها أموال وأملاك واستثمارات تقدر بمئات المليارات من الدولارات داخل إيران وخارجها.

Ad

ولفت إلى أن الحكومة الإيرانية قامت بعد ثورة 1979 بمصادرة جميع ممتلكات الشاه السابق وحاشيته من الذين فروا من البلاد ووضعتها تحت تصرف مؤسسات تابعة لمكتب المرشد مثل «مؤسسة المستضعفين» ومؤسسة «ستاد إجرايي فرمان إمام» التي كُلفت تنفيذ أمر الخميني بمصادرة ممتلكات جميع المقربين من الشاه أو الممتلكات التي تركها أصحابها، حتى لو لم يكونوا مقربين من النظام السابق، أو حتى منظمات ثقافية وإعلامية مثل منظمة الإعلام الإسلامي التي تقوم بترويج أفكار الثورة من خلال مستشاريات إيران الثقافية خارج البلاد وأموالها وممتلكاتها.

وقال المصدر، إن هناك عقارات كثيرة تابعة لهذه المؤسسات خارج إيران تم بيع قسم منها، مع الاحتفاظ بقسم آخر، ثم غيرت إيران وضعية هذه الملكيات بتغيير أسماء أصحابها بشكل رمزي، لكنها مازالت تتبع مكتب الولي الفقيه وتعود كل مداخيلها لرعاية «ترويج الأيديولوجيا والأفكار الثورية» عبر تأمين تكاليف المنظمات الثقافية والإعلامية خارج البلاد.

وأضاف أنه إذا كانت العقوبات تشمل الذين اشتروا العقارات التي صادرتها الثورة داخل إيران، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار سوق العقارات المحلي، حيث إن الآلاف من الذين اشتروا هذه العقارات قد يحاولون التخلص منها بأي شكل.

وأوضح أن مؤسسة الأوقاف الخيرية التي تتبع مكتب المرشد والتي تملك ارصدة تقدر بمليارات الدولارات داخل وخارج البلاد تعد واحدة من أهم المؤسسات التي يمكن أن تؤثر بالسلب على سوق الاستثمار الإيراني في حال شملتها العقوبات.

الاتفاق النووي

إلى ذلك، ورغم التحذيرات من أن الخطوة قد تعقد الأوضاع بدل المساهمة في حلها، تمسكت إيران بخيارها الخروج التدريجي من الاتفاق النووي وأكد مندوب طهران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي أن بلاده لن تستطيع البقاء بالمعاهدة التي تقيد طموحاتها النووية مقابل مكاسب مالية في ظل عجز الدول الأوروبية عن حمايتها من العقوبات الأميركية.

وقال المندوب الإيراني، في تصريحات أمس، إن الآلية الأوروبية للتبادل التجاري «اينستكس» التي استحدثتها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا لإقناع طهران بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي، وأعلن الجمعة الماضية تفعيلها، لا تلبي حاجات إيران، «ولذا لا يمكننا مواصلة تنفيذ الاتفاق النووي من جانب واحد ولا نستفيد من منافعه».

ونفى أن يكون لدى إيران مشروع للخروج من الاتفاق النووي، قائلاً: «سنقوم بخفض الالتزامات في إطار الاتفاق على مراحل».

وفي أحدث إشارة على تعثر جهود الأطراف الأوروبية الساعية لإنقاذ الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، قال روانجي، إن أوروبا لم «تبذل أي جهد ملموس للمحافظة على الاتفاق» الذي يقيد طموحات بلاده النووية.

ووصف روانجي في تصريحات أمس، الآلية الأوروبية للتبادل التجاري «اينستكس» لتفادي العقوبات الأميركية بأنها «سيارة جميلة دون بنزين».

وحول قرار إيران رفع حجم إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة منخفضة إلى أكثر من 300 كغم، قال إن «هذا القرار يأتي في إطار الاتفاق النووي وأن تجاوز الحجم المذكور تنظمه الآلية التي يتضمنها الاتفاق المتمثلة بإمكانية تصدير الفائض وتسلم الكعكة الصفراء بدلاً منه لكن أميركا فرضت الحظر على هذه العملية».

ورأى المندوب الإيراني: «ان العقوبات الأميركية وعدم تمديد الإعفاءات لشراء النفط الإيراني وإرسال سفن حربية للمنطقة وسائر ممارسات أميركا في المنطقة تمثل إجراءات تهدف إلى استفزاز إيران لكننا أبدينا ضبط النفس حتى الآن».

جلب الذل

من جانب آخر، اعتبر نائب رئيس البرلمان الإيراني، مسعود بزشكيان، أن التفاوض مع واشنطن لا يجلب لبلاده إلا الذل والاستسلام المطلق. وقال، في تصريحات أمس: «كل إنسان حر يعلم أن إيران إذا جلست على طاولة المفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فلن تجني سوى الذل والاستسلام المطلق لأميركا والقوى العظمى».

لا حرب

من جهة أخرى، استبعد القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبدالرحيم موسوي، امكانية اندلاع حرب مع الولايات المتحدة.

وقال إن قوات بلاده على أهبة الاستعداد «كأنها في ليلة الهجوم»، مضيفاً «نرصد العدو بدقة، إلا أن معلوماتنا الاستخباراتية لا تشير إلى وجود نية لشن حرب لدى الأعداء».

شرطة اقتصادية

في السياق، أعلن نائب القائد العام لقوات الشرطة الإيرانية، العميد أيوب سليماني، أمس، أن إيران أنشأت إدارة وقوة أمنية جديدة مكلفة بمكافحة الجرائم الاقتصادية، مشيراً إلى أنها ستتعامل مع تهريب الوقود وتهريب الماشية ومشكلات توفير السلع الاستهلاكية ومعوقات الإنتاج.

تقرير ومطالبة

إلى ذلك، ذكر تقرير سنوي للأمن الداخلي الألماني، أن إيران تواصل أنشطتها الاستخباراتية على الأراضي الألمانية بما فيها ملاحقة المعارضين ورصدهم، كما أنها تواصل شن هجمات سيبرانية.