خيّم، أمس، الهدوء الحذر على الشارع السوداني بعد يوم دامٍ أسفر عن سقوط 10 قتلى، ترافق مع التظاهرات الحاشدة التي شهدتها مدن عدة أمس الأول للمطالبة بالانتقال إلى الحكم المدني، والتي تزامنت مع ذكرى الانقلاب الذي سيطر خلاله الرئيس المعزول عمر البشير قبل 3 عقود على السلطة.
«العسكري» يتنصل
وأعلن رئيس اللجنة الأمنية في «المجلس» الفريق أول ركن جمال عمر، أمس، أن «المجلس العسكري الانتقالي، انطلاقا من مسؤولياته، سمح بتحرك مسيرات 30 يونيو، وعمل على حمايتها، لكن هذه المسيرات انحرفت عن مسارها وأهدافها المعلنة». وأضاف عمر أن «بعض العناصر الساعية للفتنة أطلقت أعيرة نارية أدت لوفيات وإصابات»، محملاً «قوى إعلان الحرية والتغيير المسؤولية الكاملة للتجاوزات والخسائر التي وقعت في القوات النظامية والمواطنين». واتهم عمر «قوى الحرية بالاخلال بما التزمت به وقامت بتحريض المتظاهرين بالتوجه للقصر الجمهوري والقيادة العامة مما دعا قوات الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين»، مؤكدا انه «لن نسمح بالإخلال بالأمن والتعرض لحياة المواطنين وممتلكاتهم، وسنقوم بحسم كل مظاهر التفلت».«الحرية والتغيير»
إلا أن «الحرية والتغيير» نفت ما ذهب إليه المتحدث باسم لجنة الأمن والدفاع في «العسكري» بأن المسارات المتفق عليها في تظاهرات الأحد قد تم تغييرها.وقال القيادي بـ «الحرية والتغيير» أحمد الربيع، إن «المجلس العسكري يتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث، لأنه تم إطلاق النار على الضحايا تحت أعين قوات الأمن، فهم إما قتلوهم أو فشلوا في حمايتهم».بدوره، أعلن عضو سكرتارية «تجمع المهنيين السودانيين» محمد ناجي الأصم، أن «المجلس العسكري الذي عجز عن تأمين أرواح السودانيين مرة ثانية ومرة ثالثة، يتحمل تماماً مسؤولية هذه الأرواح وهذه الاصابات».اتفاق قريب
ووسط صمت الوسيط الافريقي حول طبيعة العراقيل التي لا تزال تحيط بقبول الطرفين المضي بالمبادرة الافريقية التي دمجت مع المبادرة الاثيوبية، تحدثت مصادر لقناة العربية السعودية عن قرب الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الانتقالية.الجيش و«التدخل»
في غضون ذلك، قال زعيم «حزب الأمة» الاسلامي القومي المعارض الصادق المهدي، إن على البلاد تجنب التوترات بين قوات الدعم السريع المهيمنة على الأمن في العاصمة الخرطوم، والجيش بأي ثمن، وإلا فإنها تخاطر بالمزيد من الاضطرابات.ودعا المهدي، القائد العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، إلى دمج قوات الدعم السريع التي يقودها في الجيش، لتعزيز الوحدة في صفوف القوات المسلحة ولتحقيق الاستقرار.وقوات «التدخل السريع» تأسست من خليط من المقاتلين القبليين الذين حاربوا مع ميليشيات الجنجويد. وجرى دمجها شكليا بالجيش لكن تبين بشكل أوضح بعد الانتفاضة ضد البشير انها تحتفظ بآلية خاصة بها وتخضع لحميدتي بشكل كبير. وقال المهدي، الذي كان آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا في السودان، لـ «رويترز»: «إذا كان حميدتي يأمل أن يصبح رئيسا للسودان فعليه الانضمام لحزب سياسي كمدني أو تشكيل حزب»، مضيفا: «على كل قوانا السياسية أن تركز على ضرورة تحاشي هذه الحرب الأهلية وكل أشكال الصراع التي يحتمل أن تحدث».وتابع المهدي: «نعتقد أن على حميدتي أن يقبل الآن ضرورة تحقيق الاندماج بين قوات الدعم السريع والجيش. وستصبح قوته جزءا لا يتجزأ من قوة دفاع وطنية».