● وُلدت في مدينة السليمانية إلى أي مدى انعكست هذه الأجواء على رؤيتك الفنية لاحقاً؟

- تلك أشياء نحتفظ بها في عقلنا الباطن، لتعود وتظهر لاحقاً، فلا نستطيع أن ننسى الأحداث أو الأشياء التي مررنا بها في حياتنا، وكفنانين تشكيليين نحاول إعادتها على اللوحة البيضاء أو القماش الأبيض، وتكون ألوانها حسب قدرتنا على التذكر، وحسب ما نفكر في رسمه، وهنا نعتمد على ذاكرة العقل الباطن في استدعاء الرموز والخطوط ومزج الألوان لا إرادياً أو عفوياً، دون تدخل من العقل الواعي، وتبقى تلك الأشياء أو الذكريات حاضرة في داخلنا إلى يوم الفناء، ولذا مهما تأثرنا برسامي الغرب أو تغيرت أساليبنا تظل هناك تأثيرات لذكريات الطفولة مثلما يظل الوطن حاضراً في مشاعرنا وأحاسيسنا.

Ad

● ما العلاقة بين الشعر والرسم، وأيهما أقدر على التعبير عن مشاعرك وأفكارك كمبدع؟

- أنا رسَّام قبل أن أكون شاعراً، وأقول دائماً إن الرسم هو كتابةُ شعرية عن طريق الخطوط والألوان. الآن أصبح الرسم والشعر مكملين لبعضهما، أي هما مكملان لي كتشكيلي وشاعر ولا يمكن أن أكون من دونهما. أحياناً تأتيني فكرة أن أرسم فأُحضرُ أدوات الرسم وأحاول أن أرسم الفكرة، فأجدني لست قادراً على طرح الفكرة على القماش الأبيض، فأستجدي بالقلم والورقة والكلمات كي أطرحها في هيئة قصيدة.

● انتقلت للإقامة في ألمانيا منذ عام 1992، هل تركت البيئة العربية بصمتها على لوحاتك؟

- نعم بالطبع. تلك البيئة التي نشأت فيها لابد أن تترك أثراً ولو بسيطاً على لوحاتي. فأجواء البيئة التي تركتها حاضرة في لوحات مثل "الإسكافي" و"بائع الزبيب" أو أعمالي التي تجسد وجوهاً شرقية جميلة، وحتى لوحاتي التجريدية ترى فيها مصاعب أوطاننا وما مرت به بلداننا من أجواء الحروب والهروب، وما يلاقيه الإنسان الشرقي والعربي على وجه الخصوص.

● ماذا يعني اللون بالنسبة إليك كفنان تشكيلي؟

- الألوان هي الحياة والجمال وهي الطبيعة والسماء والأرض، وإذا لم نستطع رؤية الألوان على طبيعتها فإن ثمة شيئاً كبيراً سيكون ناقصاً في حياتنا. تخيل أنك ترى صورة طبيعية جميلة بالأسود والأبيض، قد لا تكون بالروعة ذاتها التي نراها بالألوان. وبالنسبة لي فإن كل لون يعطي معنى غير الذي يعطيه غيره، ولا أبالغ إن قلت إن اللون أصبح كالدم يجري في شراييني، فلا أتخيل نفسي من دون ألوان. قد أقدر على العيش عدة أيام دون طعام، لكنني لا أستطيع أن أحيا بلا ألوان.

● متى يستفزك وجهٌ فتُقرِّر أن ترسمه، وهل يكفي أن يكون جميلاً؟

- الوجوه الجميلة لها تأثير كبير في أعمال الفنانين جميعاً، وأنا كفنان أتأثر جداً بالجمال، وخاصة جمال المرأة وجمال جسدها، ويلي ذلك بالطبع تأثري بالشخصية وطباعها وطريقة تعاملها مع الآخرين.. كلها أشياء تأثر عليّ كرسام أو كشاعر، ولا أتصور أن أحداً لا يحب الجمال.

● ما الفلسفة العامة التي تنطلق منها منحوتاتك؟

- فن النحت يعني التعامل مع الطين. عندما أتعامل مع كتلة من الطين أحس أنني أتعامل مع شخص أو مع شيء أشعر به وهو أيضاً يشعر بي، وفي أثناء العمل يأتيني شعور غير طبيعي، لا أعرف هل هو شجن أم سعادة أم خوف أم جرأة، والنحت كالرسم والشعر، يأتي ليشاركني حياتي.

● ما السر وراء تذوق واهتمام الغرب للفنون التشكيلية أكثر من العرب ؟

- ليس هناك سر... هنا في الغرب يُدَّرس الفن منذ مرحلة رياض الأطفال مثل بقية المواد الدراسية، وهذا بالطبع شيء جميل، ترى أثره منعكساً على كل شيء، فالمدن والأبنية والشوارع والبيوت والملابس والسيارات لا تخلو من الفن.. هكذا يتعلم الطفل في الغرب، والفنان مثل الطبيب والمحامي، عمله مثل أي عمل مهم، بل إن الفنان لديه أحاسيس أجمل من غيره، وهذا أيضاً ينسحب على فنون الموسيقى والمسرح... إلخ، لذا نرى اهتمام الغرب بالفن شيئاً لا يُصدق حين نقارنه بالوضع في بلداننا.

● ماذا عن مشروعك الفني؟

- أحاول الآن جمع ما كتبته من قصائد لطباعتها في ديوان، ليكون متوازياً مع أعمالي الفنية. وبعد هذا سأهيئ نفسي لمعرض فني شخصي، قد أنظمه في مصر الحبيبة.