في البداية، قال الاستشاري والخبير النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن التصريحات التي سبقت اجتماع «اوبك» من قيادات الدول المشاركة تصب في منطقية خفض الانتاج، لأن الفائض العالمي الذي اقترب من حوالي 400 مليون برميل يعد أكثر من معدل 5 سنوات، إذ ترجمته الزيادة في الولايات المتحدة، لأن الفائض عن معدل هذه السنوات تجاوز ما بين 35 و40 مليون برميل، مما جعل المخزون الأميركي التجاري يصل الى ما بين 469 و470 مليون برميل، وهذا جعل الإنتاج الأميركي ينخفض خلال ثلاثة أسابيع نحو 300 ألف برميل، من 12 مليوناً و400 ألف إلى 12 مليوناً و100 ألف الأسبوع الفائت.وأضاف بهبهاني، أن هذا هو المنطق الذي تحدث عنه وزراء دول «اوبك» حول ضرورة خفض الانتاج، معتبرا هذه التصريحات منطقية ومهمة وتصب في مصلحة توازن السوق.
وأوضح أن أجندة روسيا، وهي الدولة المصدرة للنفط من خارج «أوبك»، تبدو مليئة بالقلق من فقدان النفط الروسي المفاجئ لأوروبا التي تعد المستورد الأساسي للنفط الروسي، لافتا الى أن هذا النقص يأتي نتيجة تلوث النفط الروسي الذي جعل هناك حصصا فارغة قد تعوضها الولايات المتحدة من خلال إرسال نفطها الرخيص الخفيف الى أوروبا من ثم الاستحواذ على حصص روسيا فيها.وأضاف «على الرغم من أن لروسيا أنابيب متصلة بأوروبا، ولكن أتصور ستتجاوز الأسعار وتوازنها بين الأنابيب ورخص النفط الأميركي من الاستحواذ على الاجندة الى الاستحواذ على الحصة الروسية»، مشيرا الى ان إشكالية ستواجه روسيا وهي انها كيف ستستطيع أن تناقش ذلك خلال الاجتماع الحالي.وتابع: «وهناك أيضا كازاخستان واذربيجان من خارج منظمة اوبك، وهما دولتان مرتبطتان بعملية تطوير أساسية ومهمة، وهذه العملية التطويرية يجب أن يتبعها إنتاج وإلا فستكون هناك عثرات في التطوير، مما سيجعل هناك أعباء مالية إضافية على هاتين الدولتين».وعن دول «اوبك» رأى بهبهاني، أنه رغم منطقية تصريحات اعضائها فإن الأجندة الجيوسياسية ستستحوذ على طبيعة القرار في المنظمة، فهناك دول متصارعة فيها من خلال تعقيدات جيوسياسية ليس لها علاقة بالانتاج، الامر الذي سيجعل منطق التوازن نوعا ما بعيدا، مما قد يضطر «أوبك» الى اتخاذ قرارات لا تعطي انطباع الخفض ولا انطباع زيادة الخفض أو تمديد الخفض، بل ربما تتخذ قرارا قد يكون بجعل الأمور في سقفها الاعتيادي. وأعرب بهبهاني عن اعتقاده أن عودة التوازن مهمة، معتبرا هذا الاجتماع مهما جدا، لأن الفائض قد بلغ مداه، مما قد يؤدي إلى عدم القدرة على السيطرة على السوق، لافتا الى أن عدم السيطرة قد حدثت بالفعل في السوق، إذ إن العامل الجيوسياسي هو المسيطر وليست قواعد العرض والطلب، مما جعل المستفيد الأول هو المضارب لا البائع والمشتري، فالمضارب عندما يتحكم في السوق يكون هناك عدم سيطرة في السوق بدون منطق واضح، مما يسبب دمارا وعرقلة لعملية التطوير والاستثمار في القطاع النفطي لانه سيكون قطاعا غير مستقر. وتابع «وكما نعلم انه لكي يتم الاستثمار في القطاع النفطي يجب أن يكون هناك استقرار مبني على توازن في السوق». وأشار إلى أن عودة تحكم «أوبك» في السوق أصبحت ضرورة قصوى لا مجال فيها للتفكير، وإلا فسيكون هناك أمور صعبة على الاسواق النفطية، وقد يسبب ذلك انهيارا في العرض والطلب.ولفت إلى أن هذا الاجتماع يعد فرصة جيدة لعودة الثقة بين أعضاء المنظمة الدولية، لأن العالم اجمع ينظر الى «اوبك» على أنها منظمة قادرة على إيجاد توازن بين العرض والطلب على الخام مما يحفظ توازن الاسواق والاسعار، معربا عن اعتقاده بأن تظل الاسعار متقلبة ما بين 60 و65 دولارا إلى نهاية العام الحالي. واختتم بهبهاني، إن تركت «أوبك» الدول الأعضاء تنتج ما تشاء ولم تقرر الخفض فإن الأسعار ستتأثر، لأنه سيكون هناك زيادة في الفائض. ومن جانبه، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إنه من دون تمديد الاتفاق سيصل سعر برميل النفط إلى ما دون 50 دولارا بسبب تشبع الأسواق حاليا رغم غياب النفط الإيراني والفنزويلي، لافتا الى أن استمرار تدفق النفط الصخري سيؤدي إلى زيادة المخزون العالمي، لاسيما أن أول شحنة من النفط الصخري الأرجنتيني تدق الأبواب، وسيصل الأسواق بمعدل 70 ألف برميل يوميا.وأعرب الحرمي عن اعتقاده باحتمالية تمديد خفض الإنتاج إلى ما بعد نهاية العام الحالي وحتى نهاية الربع الأول من العام المقبل.وأشار إلى أن فوائد تمديد الاتفاق تعد كثيرة، لأنه سيعمل على الحفاظ على استمرار سعر برميل النفط عند نطاق يتراوح ما بين 60 و65 دولارا، مشددا على ضرورة وحدة أعضاء «اوبك» من اجل المحافظة على استقرار الأسعار. ومن ناحيته، قال أستاذ التمويل في الجامعة العربية المفتوحة د. عواد النصافي، ان اجتماع قمة العشرين أثر على الأسعار بالنزول كردة فعل نفسية للمتداولين، ونتيجة لتوقعات لاجتماع بين الرئيسين الأميركي والصيني واجتماع «اوبك» الحالي.وأضاف النصافي ان اجتماع الرئيسين قد جذب انظار وانتباه المتداولين، خصوصا ان الخلاف التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قد ينتهي، لأنه كان سيساهم بشكل كبير في تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي إذا استمر طويلا، مما قد ينتج عنه انخفاض الطلب على النفط. وأشار إلى أن هذا الخلاف أيضا اذا ما استمر فترة أطول كان سيدفع «أوبك» في اجتماعها الحالي لدعم خفض الانتاج من اجل المحافظة على توازن الاسعار الخاصة بالنفط، لاسيما أن اجتماع ولي العهد السعودي والرئيس الروسي كان للتنسيق بشأن آلية التخفيض، لأن «اوبك» لا تستطيع المحافظة على الاسعار بعيدا عن التنسيق مع المنتجين خارجها. وأوضح أنه على أي حال وبالرغم من ان الرئيس الاميركي صرح بإمكانية التوصل لاتفاق مع الجانب الصيني فإنه جاهز لاستكمال وضع الضرائب على ما تبقى من المنتجات الصينية، لافتا الى ان هذا المناخ الاقتصادي سيدفع «أوبك» لتخفيض الانتاج، لكنه لن يكون انخفاضا حادا، وسيعتمد على قدرة المملكة العربية السعودية وروسيا على التوافق على تخفيض الانتاج.وذكر ان الخلاف الاميركي- الايراني ايضا يشكل تحديا في هذا الجانب، واعلان ايران تخصيب اليورانيوم وعدم الالتزام بالاتفاق النووي، كما ان المخزون النفطي حسب التقارير الاميركية انخفض اكثر من المتوقع على الرغم من عدم تأثر الامدادات، لافتا الى ان كل هذه الأسباب تدعو الى توقع المحافظة على الاسعار الحالية، كما تدفع «اوبك» الى مزيد من التخفيض في الانتاج.
اقتصاد
خبراء: تمديد «خفض إنتاج النفط» منطقي وسط تشبع السوق
03-07-2019