زادت إيران الأوضاع المتوترة تعقيداً، وتجاهلت تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومطالبة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين لها بالالتزام بالاتفاق النووي، بعدما أعلن الرئيس حسن روحاني، أمس، نية بلاده تنفيذ خطوتها الثانية بتقليص تعهداتها الدولية، وإنتاج المزيد من اليورانيوم المخصب ورفع مستوى التخصيب بحد يفوق الحد الأقصى المسموح به والبالغ 3.67 في المئة، اعتباراً من الأحد المقبل.

وغداة الإعلان عن تجاوز طهران الحد المسموح به لتخزين اليورانيوم منخفض التخصيب، قال روحاني متوجها إلى الدول الأخرى التي لا تزال موقّعة على الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن، ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا: "إذا أردتم التعبير عن أسف، فقد فات الأوان، وإذا أردتم نشر بيان، فافعلوا ذلك الآن".

Ad

وأضاف خلال جلسة مجلس الوزراء في طهران أمس: "في 7 يوليو، درجة التخصيب لن تبقى 3.67%. سنضع الالتزام جانباً، وسنرفع الدرجة الى أعلى من 3.67% بأي نسبة نشاء، وبقدر ما يلزم، وبحسب ما تتطلب احتياجاتنا".

وأبقى روحاني الباب مفتوحا أمام المفاوضات، وقال إن الجمهورية الإسلامية ستخفض مرة أخرى مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون حد الثلاثمئة كيلوغرام المنصوص عليه في الاتفاق النووي، إذا التزمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين بتعهداتها الواردة في الاتفاق".

وأكد أن بلاد ستستأنف الأحد المقبل مشروعها الأساسي لمفاعل آراك، الذي يعمل بالمياه الثقيلة، ويمكنه المساهمة في إنتاج سلاح ذري، والذي أوقف بموجب الاتفاق مع القوى الكبرى.

ظريف

في موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن الدول الأوروبية "أعلنت 11 تعهدا تشمل بيع النفط الإيراني، وإعادة عائدات النفط الإيراني، والاستثمار في إيران، والشحن والنقل، والملاحة الجوية والبحرية، وهذه التعهدات أعلنت رسميا بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، وتعهّد الأوروبيون بتنفيذها".

واتهم ظريف الدول الأوروبية بعدم تنفيذ أي تعهّد، ورأى أن "آلية اينستكس" التي أنشأت للالتفاف على العقوبات الأميركية "لا وجود لها، وحتى إذا تم إطلاقها فستكون مقدمة إلى 11 تعهّدا، لذا يتعين على الأوروبيين تنفيذ هذه التعهدات".

وفي تصريح منفصل، اعتبر ظريف عبر "توتير" أن "العدوان الأميركي" على إيران لم يبدأ مع الرئيس ترامب، لكن الأخير قد ينهيه.

وكتب ظريف يقول: "في مثل هذا اليوم قبل 31 عاما، أسقطت سفينة أميركية طائرة ركاب مدنية فوق المياه الإقليمية الإيرانية، مما أدى إلى مقتل 290 مدنيا بريئا بينهم 66 طفلا"، مضيفا "العدوان الأميركي على إيران لم يبدأ مع ترامب. الشجاعة والبصيرة والمثابرة الحقيقية بمواجهة تعطش الفريق باء للحرب يمكنها وضع حد لهذا العدوان".

ورداً على إعلان طهران بتنفيذ بقرب تنفيذ خطوتها الثانية لتقليص التزامها بالمعاهدة، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، إن إيران لن تكسب شيئاً بمخالفة بنود الاتفاق.

وثائق إسرائيل

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "أعلنت إيران أنها تجاوزت سقف الـ 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، مما يعدّ خطوة استفزازية أخرى ضمن سعي طهران إلى إنتاج الأسلحة النووية"، وأضاف: "إسرائيل لن تسمح لإيران بإنتاج الأسلحة النووية، فالذي يتوعد بإبادتنا يعرّض نفسه لخطر الهلاك ويعرّض نفسه، بمعنى القيادة التي تفكر بهذه المفاهيم، لخطر مشابه".

وكشف نتنياهو أنه أبلغ الرئيس الأميركي، في اتصال هاتفي، بعملية "الموساد" لإحضار الأرشيف النووي الإيراني إلى إسرائيل من طهران قبل القيام بها، وأكد أن العملية "ساعدت على تأكيد قراره الانسحاب من الاتفاقي النووي الخطير".

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس قال في كلمة أمام منتدى هرتسيليا الأمني، إن "إيران قد تسيء تقدير الأمور، مما يؤدي إلى حدوث مواجهة"، مشددا على أهمية الأخذ بالاعتبار أن "الحسابات الخاطئة للنظام الإيراني، يمكن أن تحدث تحولا من المنطقة الرمادية إلى المنطقة الحمراء، وهي مواجهة عسكرية".

وأضاف: "يجب أن نكون مستعدين لهذا، ومن ثم تواصل إسرائيل تكريس نفسها لتعزيز قوتها العسكرية، تحسبا لوضع يتعين عليها فيه التعامل مع سيناريوهات التصعيد".

وأكد الوزير الإسرائيلي أن "إيران ليس لديها أي فرصة في هذه الحرب، وبالتالي فإن ثمة فرصة من خلال الضغوط الاقتصادية الشديدة والعقوبات الشاملة، لمنع الحرب وتحقيق الأهداف دون حرب".

قلق أوروبي

وفي وقت سابق، عبّر وزراء خارجية كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، مساء أمس الأول، عن "قلقهم الشديد"، وطالبوا طهران بـ "إعادة النظر في قرارها" تجاوز سقف مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب المنصوص عليه في اتفاق عام 2015 بشأن برنامجها النووي.

دعوة للحوار

في السياق، جدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، دعوة بلاده لإطلاق حوار بين الدول العربية وإيران، وقال إنه من الضروري استئناف الحوار بين الدول العربية وإيران.

وأضاف لافروف في مؤتمر مشترك مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، في موسكو: "أكدنا بقلق الانعدام المستمر لتسوية النزاعات، وفي بعض الأحوال تصعيد التوتر في عدد من الدول الإسلامية. وعبّرنا عن قلقنا من تصعيد حدة التوتر في منطقة الخليج. وقلنا إن العامل الإيراني يؤثر على العمليات السياسية في المنطقة".

أسلحة وتعطيل

في هذه الأثناء، صرّح قائد قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش الإيراني، العميد علي رضا صباحي فرد، بأن جيش بلاده يملك أسلحة سرية فريدة من نوعها سيواجه بها الولايات المتحدة و"أذنابها".

وقال فرد: "إن سلاحنا المؤثر، إلى جانب الأسلحة القتالية، يتمثل في ثقافة التضحية والشهادة، والوحدة، والولاية، والتلاحم".

وحذّر الجانب الأميركي من ارتكاب خطأ وصفه بأنه قد يكون "الأول والأخير" لاختبار استعداد بلاده القتالي.

من جهة أخرى، أعلن رئيس هيئة تنظيم الاتصالات الإذاعية في إيران، حسين جوشقاني، أن تشويش الأمواج عبر الأقمار الاصطناعية من قبل "أحد الأجهزة في البلاد" أدى إلى تعطيل نظام "GPS" العالمي لتحديد المواقع، إلى تهديد سلامة الملاحة الجوية.

وبينما قال ناشطون ومواقع معارضة إن "الحرس الثوري" هو الذي يقوم ببث أمواج التشويش، بهدف التدريب على التشويش على الصواريخ والطائرات الأميركية المسيّرة، بعد تقارير عن شنّ واشنطن هجوما استهدف أنظمة تشغيل الصواريخ الإيرانية أخيراً.