لقد بدأت خطة رئاسة الوزراء لبوريس جونسون بهدوء وسرية، ولا أحد يرغب في أن يراقبه وهو يصنع الجدار الحاجز، ولكن فريقه واثق من أنه سوف يحظى باختيار أعضاء حزب المحافظين، وقد حدد بوريس موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ليكون بتاريخ 31 أكتوبر، والوقت قصير لذا يركز مساعدوه على ما ينبغي القيام به إذا ما وصل الى رئاسة الوزراء. تعد الأسابيع الأولى من فترة الحكم حاسمة بالنسبة إلى أي رئيس وزراء، خصوصا أنه شخص يتولى المنصب في منتصف المدة دون تفويض انتخابي شخصي خاص به، وسيكون لدى بوريس 99 يوماً فقط للموافقة على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي يمكن أن تكون من خلال البرلمان، وهو الأمر الذي حير تيريزا ماي، مع اعتقاد العديد من النواب أن الحكومة قد تنهار في حالة الفشل. لذلك كيف سيقوم بذلك؟ أو بالأحرى، من الذي سيقوم بذلك؟ ومن المعروف جيداً أن بوريس يتميز بإخلاصه الكبير، لذلك سيعتمد الكثير على من سيختاره بوريس كرئيس لهيئة الأركان، ولكن حتى أقرب حلفائه ليس لديهم أدنى فكرة عن شخصية هذا الرئيس.
يكره جونسون المعلمين، ويقاوم دائماً وجود واحدة من النصائح السياسية، لكنه من أجل الدخول إلى مقر رئاسة الوزراء مع زمرة من «كبار المستشارين» وجميعهم يتصارعون لجذب انتباهه، يا لها من دعوة لحدوث كارثة. وفي حالة نجاح رئاسة الوزراء الخاصة به، ينبغي عليه أن يكون لديه سلسلة من القيادة الواضحة التي لا يحومها أي شائكة من اليوم الأول. جنوح بوريس أشلي كقائد هو عدم رغبته في التسبب في إحباط الناس لذلك سيكون متردداً في تأسيس تسلسل هرمي، ولكن في حالة الضرورة للبقاء في أن يكون رئيس وزراء للوصول إلى النجاح يجب عليه المحاربة من أجل ذلك. تكمن معظم سياسات بوريس في الرغبة في إيجاد حل لعدم المساواة من خلال «رفع المستوى» وذلك لمنح بقية البلاد نوع البنية التحتية التي تمتلكها لندن، أو كما ذكر ذات مرة، يجب منح كل طفل نوع التعليم الذي يتمتع به في إيتون Eton، وقد كان عمدة لندن السابق مولعاً دائماً بالمشاريع الضخمة، وقد كان يفكر في التليفريك (القاطرة المعلقة) الذي يمر به عبر نهر التايمز أو جسر الحديقة المقترحة عبر نهر التايمز أو فكرته في إنشاء جسر عبر القناة. وسيدرس رئيس الوزراء عددا كبيراً من تلك المقترحات: فهو يقدَر القوة الرمزية بقدر ما يحقق الإنجاز العلمي. ومن المحتمل أن يدرس مثل هذه المشروعات على أنها دليل على جهوده أو لإظهار جهوده لتوحيد البلد. يرغب بوريس جونسون في تحديد الرؤية، لكنه يتيح للباقين معالجة التفاصيل، لذلك فإن مجلس رئاسة الوزراء يتوقعون مواجهة زمام الأمور في إدارتهم الخاصة، ولا حاجة للقلق أو الانحناء في حالة أن يصبحوا طغاة، وفي الواقع، واحدة من المزايا التي قد تتميز بها رئاسة الوزراء الخاصة به هو أنه سيهيمن على النقاش السياسي. وتعد هذه مقامرة بالنسبة إلى المحافظين، لأنها قد تؤدي إلى استفتاء الانتخابات العامة المقبلة على بوريس. لكنه سينتج عنه مشاكل كذلك لكل من نايجل فاراج وجيرمي كوربين. فهناك ثلاث مجموعات تحوم حول بوريس جونسون في الوقت الحالي: عصابة لندن القديمة ومسيراته البرلمانية الطويلة ومجموعة الموظفين الجدد ممن ساعدوا في تحقيق انتصاراته في الجولات البرلمانية. لا يرغب جونسون في التقيد بأي قبيلة أو مجموعة واحدة، لذلك نتوقع أن تتألف إدارته من مزيج من تلك المجموعات الثلاث. اختيار بوريس للمستشار سيكون أمراً بالغ الأهمية بصرف النظر عمن سيكون في مقر رئاسة الوزراء، وغالباً ما يمكن أن تدار بقية أعضاء الحكومة من خلال وزارة الخزانة، وقد استغل غوردون براون هذا الموقف لشن حرب يومية على توني بلير، وقد رأى جونسون بنفسه كيف أن فيليب هاموند كان قادراً على تعجيز الاعدادات التي لا صفقة فيها، لذلك سيكون مصمماً على أن يكون لديه شخص في الوظيفة متوافق معه بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأهمية المغادرة في 31 أكتوبر، وذكر واحد ممن يؤدون دوراً مهماً في الحكومة أنه لن يكون هناك أي تكرار لـ»النضال الهوبسي في قلب الحكومة» على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي كان بين كثير من أعضاء مجلس الوزراء (وإداراتهم) تحت حكم تيريزا ماي. أعلم جيداً أن المرشح الأوفر حظاً حالياً لوظيفة خزانة الدولة هو ساجد جاويد، لقد عمل هو وجونسون جيدا في مجلس الوزراء وقد كان ممولا متمرسا قبل دخول البرلمان، علماً أن وجود جاويد سيناقض أيضا إشاعة كاذبة في أن بوريس متحيز ضد المسلمين، وبطبيعة الحال ستكون أكثر الأجندة المحلية المذهلة في المرتبة الثانية بعد مهمة إنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي ستتفوق بالنسبة إلى أعضاء حزب المحافظين على جميع الأولويات الأخرى باستثناء الضربة الساحقة لجيريمي كوربين. ويعتبر جونسون مقتنعاً بوجه خاص، وكذلك بوجه عام بأن رئيس الوزراء على استعداد حقا للرحيل، إذا لم يحقق أي «صفقة» أو سيغير من فاعليات التفاوض، وبالتالي يجمع رؤساء وزراء من مختلف أجنحة الحزب: يرغب المتشددون حديثا رغبتهم في الرحيل في حين يرى التجار اعتقاد جونسون بأنه سيكون هناك اتفاق انسحاب في نهاية كل هذا.يكمن الخطر الواضح في الاتحاد الأوروبي في أنه سيعتبر جونسون مخادعاً، فمن الناحية السياسية لن يكون أمامه خيار آخر سوى متابعة أي اتفاق وتجهيز الحكومة خلال أسابيع، وبالنسبة إلى واحدة من أكبر التحديات اللوجستية في العصر الحديث ستزداد صعوبة هذه المهمة في الأشهر الأخيرة، نظراً لأن العديد من الذين شاركوا عن كثب في تخطيط الخدمة المدنية بدون صفقة قاموا بإخماد الأدوات، وانتقلوا إلى مشاريع أخرى. ومن الغريب أن امتداد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد استخدم الاتصال الهاتفي دون أي اتفاق، وفي حالة عرض صفقة في قمة جونسون الأولى للاتحاد الأوروبي سيكون أمامه عشرة أيام فقط للحصول عليها من خلال البرلمان، لكنه أسوأ من الجدول الزمني المحدد. حتى قبل ذلك سيواجه جهداً برلمانياً لتقيده، على أن تكون هناك محاولة أخرى لتكليف الحكومة للسعي إلى الحصول على مد الفترة بدلاً من المغادرة دون صفقة، لكن جونسون سيقاوم هذا الأمر مما قد يؤدي إلى تصويت بحجب الثقة، ولكن هناك حالة قد تحدث في أن خسارة هذا التصويت يمكن أن تفيد جونسون... لماذا؟ لأنه سيتبعه خمسة عشر سيحاول فيه جيريمي كوربين، وسيحاول القوميون الاسكتلنديون وغيرهم من المتحمسين التلاحم مع الحكومة، وسيتمكن جونسون من الإشارة إلى هذا ويطلب من الناخبين بأسلوب معتمد من كروسبي أن يمنحوه الأغلبية في انتخابات عامة أو الدخول في تحالف الفوضى هذا.يحب بوريس جونسون المزاح قائلاً: «لا توجد كوارث، لكنها فرص فقط، وفي واقع الأمر فرص لكوارث جديدة».ولكن الحقيقة تكمن في أنه إذا دخل داونينغ ستريت، فلن يكون لديه فرصة للخطأ وسيتطلب منه أول 100 يوم المضي قدماً بسلاسة أو أن تكون آخر أيامه خلف هذا الباب الأسود.جيمس فورسيث*
دوليات
كيف ستبدو رئاسة الوزراء في بريطانيا؟
05-07-2019