عقب إتمام مزاد بيع منحوتة رأس توت عنخ أمون، انتشرت حالة الغضب وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للرأس المبيع ساخرين من العجز عن استرداده، كما طغت حالة الغضب على الوسط الأثري.

ودعا وزير الآثار المصري د. خالد العناني إلى اجتماع طارئ للجنة القومية ‏للآثار المستردة للانعقاد برئاسته وبحضور د. زاهي حواس وزير الآثار الأسبق وقيادات من وزارات الخارجية والداخلية والعدل والنيابة العامة وهيئة قضايا الدولة والجهات الأمنية والرقابية والسيادية ‏بالدولة، بهدف مناقشة موقف المزاد الذي انعقد بصالة مزادات "كريستيز" بلندن والإجراءات التي سيتم استكمالها والإجراءات القانونية، التي سيتم اتخاذها من جانب السلطات المصرية.

Ad

وأكد العناني أن وزارة الآثار وأجهزة الدولة لن تتوانى في اتخاذ أي إجراءات لاسترداد الآثار المصرية التي خرجت من مصر بطرق غير مشروعة أينما وجدت بصرف النظر عن وقت خروجها ولو حتى منذ عشرات السنين.

وأضاف أن مصر ستستكمل سياستها التي تنتهجها منذ سنوات عديدة وأثمرت استرداد آلاف القطع الأثرية من أكثر من 15 دولة خلال السنوات القلية الماضية بالطرق الدبلوماسية والقانونية وطبقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

تسابق الخبراء

وتسابق خبراء الآثار في طرح حلول تمكن من استعادة الأثر وتفادي الثغرات التي يمكن للمؤسسات والصالات العالمية استغلالها، وقال خبير الآثار

د. عبدالرحيم ريحان المدير العام للبحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، إن أول الحلول تبدأ بتعديل المادة 8 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018.

وأوضح ريحان أن التعديل المطلوب هو استبدال عبارة "وكان خروجها بطرق غير مشروعة" بعبارة "بصرف النظر عن طريقة خروجها"، وبهذا تكون كل الآثار المصرية خارج مصر من الأموال العامة المصرية، وينطبق عليها ما ينطبق على الآثار المصرية، ولحين استرجاعها وجب دفع مبالغ نظير عرضها بالمتاحف المختلفة أو استغلالها بأى شكل، ويدخلها ضمن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية العالمية، ويمنع بيع أي آثار مصرية بالمزادات العلنية بالخارج باعتبارها ضمن الأموال العامة المصرية ويحق لمصر المطالبة بعودتها.

وطالب ريحان بإلغاء شرط فى اتفاقية يونيسكو 1970، وهو ضرورة إثبات ملكية الأثر من واقع السجلات، وأوضح ريحان أن الآثار التي تهرب من الحفر خلسة هي آثار غير مسجلة ولا تملك مصر لها إثبات ملكية من واقع السجلات، لكنها آثار مصرية مهربة ووضع "يونسكو" هذا الشرط هو شرط تعجيزي، وكان من نتيجته ما يحدث حالياً من بيع آثار مصر أمام أعين المجتمع الدولي، وبهذه الاتفاقية اتهم ريحان "يونسكو" بالمشاركة في استنزاف آثار مصر وبيعها فى المزادات العلنية، وطالب بتعديل الاتفاقية وتغيير شرط عدم المطالبة بالآثار التى هربت قبل عام 1970 وشرط إثبات ملكية الأثر، وإذا رفضت اليونسكو فيحق لمصر الانسحاب من الاتفاقية.

حصر الآثار

بدوره، أكد الباحث الأثري محمود ناصر ضرورة تشكيل هيئة تقوم بحصر كل الآثار المصرية الموجودة بالمتاحف العالمية، وعمل ملفات بالآثار التي خرجت بطرق غير شرعية وتصر المتاحف على عدم استردادها، ومتابعة كل ما يعرض من آثار بالمزادات الشهيرة لوقف بيعها والمطالبة بعودتها إلى مصر.

قائمة مزادات بيع الآثار المصرية

نظمت العديد من الصالات العالمية مزادات لبيع الآثار المصرية يذكر منها صالة مزادات "كريستيز - فرع أميركا" الشهر قبل الماضي مزاداً لبيع 157 قطعة أثرية معظمها من مصر، منها رأس من الحجر الجيري للملك اخناتون كان سعرها ما بين 261 و 392 ألف دولار، وتمثال ثعبان حجر جيري من الدولة الوسطى، كان سعره مابين 130.5 و196 ألف دولار. وعرضت إحدى صالات المزادات في مانهاتن 3 قطع آثار مصرية للبيع عبارة عن أجزاء من مومياء تتكون من رأس ويدين آدميتين كان قد تمت سرقتهم من وادي الملوك بالأقصر وتهريبها خارج مصر عام ١٩٢٧، ونجحت وزارة الآثار بالتعاون مع الخارجية في استردادها.

وأعلنت دار مزادات دروو الفرنسية منذ فترة عن مزاد لبيع قناع مومياء يعود للعصر البطلمي، بالإضافة إلى مجموعة تماثيل أخرى.

كما نظمت دار مزادات سوثبي في لندن مزاداً لبيع مجموعة من الآثار اليونانية والرومانية، بالإضافة إلى خمس قطع مصرية، منها قطعة تم عرضها للبيع بسعر تراوح بين 104 و156 ألف دولار وهي قطعة من الحجر الجيري، تؤرخ لعصر الملك رمسيس الثاني، وقناع خشبي لمومياء وتمثال من البرونز للمعبود أوزوريس، يؤرخ لعصر الدولة المتأخر.

آثار مستردة

نجحت وزارة الآثار خلال العامين الماضيين باسترداد 975 قطعة من أكثر من 10 دول مختلفة من خلال تنسيق وتعاون قوي مع الخارجية المصرية والسفارات في الخارج والنيابة العامة والجهات الأمنية المصرية، فقد تمكنت الإدارة العامة للآثار المستردة بوزارة الآثار من رصد عرض بيعه بأحد صالات المزادات الفرنسية في نهاية 2016، وتبين بعد البحث والدراسة أنه ضمن أحد مسروقات مخزن جزيرة ألفنتين بأسوان وتمت سرقته عام 2013. وفي عام 2017 بلغ إجمالي عدد القطع المستردة 586 قطعة، حيث تمت استعادة لوحة حجرية تعود لعصر الملك نختنبو الثاني (الأسرة الثلاثين) كانت معروضة بإحدى صالات المزادات بباريس.