«ضبط النفس» سيّد الموقف بعد ثاني انتهاك إيراني لـ «النووي»
• طهران تزيد التخصيب بنسبة 1.4%
• أوروبا تتمهل بالعقوبات
• قراءة إسرائيلية متباينة
رغم إعلان إيران زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة تتخطى المسموح بها في الاتفاق النووي، فقد تمهّل الأوروبيون في فرض عقوبات، في وقت تباينت القراءة الإسرائيلية للخطوة.
نفذت إيران، أمس، تهديدها بتقليص تعهداتها بالاتفاق النووي الدولي مع انتهاء مهلة منحتها للدول الأوروبية لاتخاذ خطوات اقتصادية بهدف حمايتها من العقوبات الأميركية، وباشرت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة محظورة بموجب الاتفاق في خطوة وصفت بـ«التصعيد المنضبط»، في وقت بدا ضبط النفس سيد الموقف أوروبياً.وأعلن المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، أن إيران استأنفت تخصيب اليورانيوم بمستوى «أعلى من 3.67%» المسموح به وفق الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة منذ عام.ولم يكشف كمالوندي عن رقم محدد لدرجة نقاء اليورانيوم 235 التي تعتزم بلاده تحقيقها من خلال عمليات التخصيب.
وأوضح: «حاليا لا نحتاج تخصيب اليورانيوم المطلوب لمفاعل طهران. سنخصب اليورانيوم للمستوى الذي نحتاج إليه لمفاعل بوشهر»، لكنه شدد على استعداد بلاده التام لتخصيب اليورانيوم بأي مستوى وبأي كمية. ويعتقد أن مفاعل بوشهر يحتاج إلى مستوى تخصيب يصل إلى 5%.
مهلة وتمهّل
وأمهل نائب وزير الخارجية عباس عراقجي شركاء إيران في الاتفاق النووي «ستين يوماً» للتوصل إلى حل يلبي مطالب بلاده المتعلقة بتمكينها من مواصلة بيع إنتاجها النفطي ومزاولة التجارة مع الخارج بالالتفاف على العقوبات الأميركية، «وإلا سنطلق الخطوة الثالثة» من خطة خفض التعهدات.وأكد عراقجي أن طهران درست «الخطوة الثالثة» بدقة، كما درست الخطوات اللاحقة ووضعت الخطط لتنفيذها بالتعاون مع منظمة الطاقة الذرية.وحول إعادة تشغيل مفاعل آراك للمياه الثقيلة، قال عراقجي إن بلاده تمهلت ولن تنفذ تهديدها بتشغيله ضمن خطوتها الثانية، بعد تلقيها وعودا من الأطراف الأوروبية بتنفيذ التزاماتها.أركان الاتفاق
وأشار عراقجي، في جانب آخر من مؤتمر عقده أمس في طهران، إلى أن بلاده تخلت عن الركنين الأول والثاني، وهما الأهم بالاتفاق النووي.وأكد المسؤول أن طهران لا تعول على الآلية التجارية الأوروبية «انستيكس»، إلا أن «ما يهم هو وجود مبادرات جديدة. هذا هو المطلوب».وقصر الاتفاق النووي مستوى تخصيب إيران لليورانيوم عند 3.67 بالمئة، بما يقل كثيرا عن مستوى 20 بالمئة الذي كانت تقوم به قبل الاتفاق وأقل بكثير من مستوى 90 بالمئة الذي يسمح بصنع أسلحة نووية.في سياق آخر، أكد عراقجي أن بلاده تتطلع لحل الخلاف المرتبط بناقلتها النفطية المحتجزة في جبل طارق، بشبهة انتهاك العقوبات المفروضة على سورية، بالطرق الدبلوماسية والقانونية.وشدد عراقجي على أن الناقلة الإيرانية كانت في المياه الدولية عند توقيف البحرية البريطانية لها. وبرر عدم سلوك الناقلة مسار قناة السويس بـ «ضخامة حمولتها»، لكنه لم يفصح عن وجهتها النهائية.تراجع ظريف
وفي مواجهة تنديد الأسرة الدولية، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر «تويتر»: «اليوم إيران تنفذ الجولة الثانية من خطواتها التصحيحية بشأن الفقرة 36 من الاتفاق النووي. نحتفظ بحق مواصلة القيام بإجراءات تصحيحية مشروعة على الاتفاق لحماية مصالحنا في مواجهة الإرهاب الاقتصادي الأميركي. كل تلك الخطوات لا يمكن التراجع عنها إلا بعد وفاء الدول الأوروبية الثلاث بالتزاماتها».قلق أوروبي
وفي وقت يعد تحدي إيران الجديد لواشنطن اختبارا للدبلوماسية الأوروبية، دعا الاتحاد الأوروبي إيران بشدة إلى وقف التصعيد والتراجع عن الخطوات التي اتخذتها، مضيفا: «ننتظر المزيد من المعلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية».وقالت المتحدثة الرسمية باسم الاتحاد، مايا كوسيانيتجيتش: «نتشاور مع الأطراف المعنية بشأن الخطوات المقبلة بمقتضى الاتفاق».وفي وقت سابق، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة مع نظيره الإيراني حسن روحاني، مساء أمس الأول، عن «قلقه الشديد من مخاطر إضعاف الاتفاق والعواقب التي ستترتب على ذلك».وقال ماكرون إنه اتفق مع روحاني على تحديد شروط لاستئناف الحوار بشأن الملف النووي بحلول 15 الجاري.وأضاف مكتب ماكرون أنه سيواصل التحدث مع السلطات الإيرانية والأطراف المعنية الأخرى لـ «التواصل بشأن خفض تصعيد التوتر بشأن المسألة النووية الإيرانية».ولاحقا، ذكر مصدر في مكتب الرئيس الفرنسي أن آلية فض النزاع بشأن الاتفاق النووي التي تسمح بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران لن يتم تفعيلها الآن.وأضاف المصدر «هذا ليس خياراً مطروحاً حالياً». وكان مسؤول بالرئاسة الفرنسية أبلغ وكالة «رويترز» بأن ماكرون استنكر قرار إيران رفع تخصيب اليورانيوم قائلا إنه «انتهاك للاتفاق».ودعت وزارة الخارجية الألمانية طهران إلى التوقف عن أي خطوات من شأنها مخالفة الاتفاق النووي، في حين أكدت لندن التزامها بالاتفاق النووي، وطالبت الجمهورية الإسلامية بالتراجع عن خطوتها.إلا أن موسكو أعربت عن تفهّمها للخطوة الإيرانية، ودعا مندوب روسيا في منظمة الطاقة الذرية الدولية ميخائيل أوليانوف طهران «إلى الامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي يمكن أن تزيد من تعقيد الوضع المحيط بالاتفاق النووي».تباين إسرائيلي
وتباينت ردود الفعل داخل إسرائيل حول الخطوة الإيرانية. وفي حين وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرار طهران بـ «الخطوة الخطيرة للغاية»، وجدد دعوته للعواصم الأوروبية بفرض «عقوبات قاسية» على طهران، رأى وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أن قرار طهران «زيادة طفيفة»، لكنه اتهم طهران بالمضي قدما صوب إنتاج قنبلة ذرية.قوات أميركية
وفي وقت يترقب رد فعل إدارة الرئيس الأميركي التي تنتهج سياسة «أقصى الضغوط» لحمل طهران على إبرام معاهدة شاملة بشأن برنامجها النووي وأنشطتها في المنطقة وتسلحها الصاروخي، أقيمت في ولاية كارولينا الجنوبية مراسم وداع مجموعة من عناصر الحرس الوطني الأميركي إلى الشرق الأوسط. وأفادت تقارير أميركية بأن 40 عسكريا ضمن كتيبة إسناد غادروا أمس إلى الشرق الأوسط لمدة 9 أشهر، لدعم عملية «درع سبارتا» التي تجريها «البنتاغون» في المنطقة، ضمن خطوات على خلفية تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في منطقة الخليج.