خارج السرب: لا للاختلاط
كل الحكاية والحكايات و«زبدتها» أن مرض اختلاط المفاهيم في مجتمعنا يحاول جاهداً خلط ماء الدستور الزلال بزيت التبرير السمج والثقيل جدا، ثقيل طبعا في الإنشاء والتعبير، وخفيف في الإنشاء والتعمير الذي نرجوه لوطننا!
في الوقت الذي يخوض المجتمع في مفهوم الاختلاط في الجامعات ويسهر المجلس من جراء قوانينها ويختصم، يشغل بالي اختلاط من نوع آخر يجعل الشطر الثاني من بيت المتنبي مفارقا وبالثلاث لأخيه الشطر الأول من البيت الشهير:أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَاوَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
فهذا النوع من الاختلاط الذي يشغلني من ماركة "أرق على أرق"، ولا شأن له لا من قريب ولا من بعيد بخدمة الجفون الفندقية الفاخرة للنوم وأحلامه. اختلاط المفاهيم هو الذي يشغلني، ويجب أن يشغل المجتمع ليفكر بحل جذري له، فهذا الداء العضال استشرى في جسد وطننا وأنهكه، نجده، على سبيل المثال لا الحصر، في تحويل محاور استجواب دستوري أو حوار نقدي في جريدة، أو حيرة تساؤل تحملها تغريدة أو حتى نصيحة عابرة لمحاورة صاخبة هادرة يتفرق دمها وسط خناجر أصوات القبيلة والعائلة والمذهب. محاورة تدور غالبا بين طرفين الأول يمدح الاستجواب لأن النائب "كفو" وطرف آخر يذمه لأن الوزير "كفاءة"، هذا هو الظاهر طبعا، ولكن الحقيقة وواقع الحال لا يحمل "كفواً" ولا "كفاءة" ولا حتى كفناً يستر عورة جثة المصداقية المأسوف على شباب حقيقتها الغضة. كل الحكاية والحكايات و"زبدتها" أن مرض اختلاط المفاهيم في مجتمعنا يحاول جاهداً، وما زال، خلط ماء الدستور الزلال بزيت التبرير السمج والثقيل جدا، ثقيل طبعا في الإنشاء والتعبير وما أكثره، وخفيف جدا في الإنشاء والتعمير الذي نرجوه لوطننا!كفانا خلطاً لحق أبلج مع باطل لجلج، وكفانا خلطاً لوساوس مصلحتنا مع وحي وطنيتنا الحقة، وكفانا خلطاً لحابل المصلحة الآنية بنابل المصلحة الوطنية... هذا هو الواقع خلط في خلط، وكلانا يا مواطن ندعي وصلا بليلى الوطن، والوطن لا يقر لنا بذاكا!! أخيراً... لا، ثم لا، لاختلاط المفاهيم الحقة مع فهمنا القاصر وكل اختلاط بعده يهون.