قررت وزارة الثقافة المصرية، أخيرا، الاستجابة لمطالبات فنان الخط الكوفي صلاح عبدالخالق، وإعادة ترميم مسجد السلطان حسن بالقاهرة، بعدما كشف عن أخطاء جسيمة في عمليات الترميم الخاصة بكتابة الآيات القرآنية على أضلاع المسجد وأعمدته منذ ستة أعوام.وحصر الفنان صلاح عبدالخالق (وهو السكرتير العام للجمعية المصرية للخط العربي) الأخطاء منذ عام 2013، وناشد المسؤولين معالجتها، وأبرزها في العديد من المنتديات والمؤتمرات خلال السنوات الماضية، حتى استجابت الإدارة المركزية لترميم وصيانة الآثار أخيرا، وشكلت لجنة لفحص الأخطاء ومعالجتها.
وقال د. غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية لترميم وصيانة الآثار، إن اللجنة المشكَّلة ستحدد طرق المعالجة، وإعادة ترميم الأحرف المجسمة، وكتابة الآيات من جديد، مشيرا إلى أن العمل سيبدأ فور الانتهاء من ترميم مسجد السيدة عائشة الجاري ترميمه راهنا.وأبدى أستاذ الخط الكوفي، الفنان صلاح عبدالخالق، ارتياحه لهذا القرار، وأوضح أنه اكتشف خطأين في الضلع الرابع من كتابات المسجد، وخمسة أخطاء أخرى واضحة وفادحة على بقية أضلاع المسجد، وكان ذلك منذ "قيامي بالتصوير داخل المسجد في عام 2013"، وأبلغت الإدارة المركزية لترميم وصيانة الآثار.وأرجع عبدالخالق بعض هذه الأخطاء إلى المرممين، معللا ذلك بعدم خبرتهم بالخط العربي، وبعضها من عوامل التعرية، التي أدت إلى تكسير هذه الحروف، لافتا إلى أن الأخطاء تنحصر في الآيات الخمس الأولى من سورة الفتح.
مسجد السلطان حسن
يُعد جامع السلطان حسن من أضخم مساجد مصر عمارة، وأعلاها بنيانا، وأكثرها فخامة، وهو درة العمارة الإسلامية المملوكية بالقاهرة، ويقع المسجد بجوار قلعة صلاح الدين، وأنشأه السلطان الناصر "حسن بن محمد بن قلاوون"، أحد أبرز سلاطين دولة المماليك في 1356م، واستمر العمل فيه مدة ثلاث سنوات بغير انقطاع حتى مات السلطان حسن قبل أن يتم بناؤه، فأكمله من بعده أحد أمرائه، وهو بشير الجندار الذي أتمه في عام 1363م، وكان الغرض من إنشائه تدريس المذاهب الأربعة: "الشافعي، الحنفي، المالكي، والحنبلي".ويعتبر جامع السلطان حسن الوحيد بين مساجد القاهرة الذي يجمع بين قوة البناء وعظمته، ورقة الزخرفة وجمالها، ما يجعل أثره قويا في نفوس زائريه، إذ له خصائصه التي لا يشترك معه فيها غيره، حيث تتوافر فيه دقة الصناعة وتنوع الزخارف، كما تجمعت فيه شتى الفنون والصناعات، فيرى فيه الزائر دقة الحفر في الحجر ممثلة بزخارف المدخل ومقرنصاته العجيبة، بجانب براعة صناعة الرخام ممثلة بوزرتي القبة، وإيوان القبلة، ومحرابيهما الرخاميين، والمنبر، ودكة المبلغ، وكسوة مداخل المدارس الأربعة المشرفة على الصحن ووزرات أعتاب أبوابها. كما يشاهد الزائر دقة صناعة النجارة العربية، وتطعيمها مجسمة في كرسي السورة الموجود بالقبة. ويُعد باب المسجد النحاسي من أجمل الأبواب المكسوة بالنحاس، وهناك على أحد مدخلي القبة باب مصفح بالنحاس حشواته بالذهب والفضة على أشكال وهيئات زخرفية جميلة.وصف الرحالة المغربي الورثيلاني مسجد السلطان حسن بأنه لا ثاني له في مصر. ويضم المسجد أربع واجهات، تقع الواجهة الرئيسة في الضلع الشمالي، الذي يبلغ طوله 145 مترا وارتفاعه 37.80 مترا، ويؤدي الباب الرئيسي للمسجد إلى مدخل يؤدي للصحن، وهو مربع الشكل تقريبا يبلغ طوله 34.60 مترا، وهو مفروش بالرخام، وتتوسطه فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة، وهذه القبة أدخلها فريق الترميم والصيانة عليها، فلم تكن موجودة من قبل.