بعد العطلة النيابية وعودة الهدوء إلى الساحة السياسية، وهجرة العديد من الطيور المهاجرة صيفا كالعادة، فإن الفرصة الآن مؤاتية أمام الحكومة لإعادة ترتيب العديد من القضايا ووضعها ضمن لائحة الإنجاز التي تعد عادة بإقرارها ووضعها ضمن أولوياتها، لأن هناك العديد من الملفات التي تنتظر حسمها بصورة نهائية لقطع الطريق أمام حرامية المال العام، وأصحاب الكروش الممتلئة بالتجاوزات. لذلك عليها التفكير جديا في جرد المخالفات الكبيرة في بعض الأجهزة الحكومية بسبب فساد قيادي أو مسؤول أو موظف، خصوصا أن ديوان المحاسبة دائما يضع أمام الوزراء وقيادييهم مواطن الخلل، ويحدد التجاوزات والهدر في المال العام الذي لا ينتهي أبداً، لأن "المال السايب يعلم البعض السرقة"، ويسهل عليهم ارتكاب جرائمهم دون حسيب أو رقيب، لا سيما أن بعض الاختلاسات تبدأ من مبالغ بسيطة بنظر البعض لكنها البداية لشق طريق السرقات، لأن بعض الصغار يريدون أن ينسبوا إلى مدرسة الكبار الذين أصبحوا قدوتهم.
ولو التفتت الحكومة قليلا إلى وزارة الشؤون وتحديداً إلى قطاع التعاون الذي يبدو أن له سياسة لا يعرفها أحد ودهاليز لا يدخلها إلا بعض المتنفذين أو صبيانهم الذين مهما "غرفوا" من أموال الجمعيات فإنهم يخلدون في منازلهم في سبات عميق دون حسيب أو رقيب، وكأنها مكافأة مقررة لهم بعد نجاحهم في انتخاباتها ليشقوا أيضا طريق السرقات، وكل حسب ما هو مخطط له، على أن يتم غض البصر عن تجاوزاتهم وجرائمهم، وكأن هذه الأموال ليست من أموال الشعب.لماذا هذا القطاع يهمل كثيرا تجاوزات الجمعيات؟ ومن المستفيد من كل ذلك؟ وهل أموال الجمعيات التعاونية ليست ملكا للدولة والمساهمين؟ ومن يدير قطاع التعاونيات؟ وهل هناك أياد خفية كالعادة تتدخل عبر بعض المتنفذين؟الأنكى من ذلك عندما يدين هذا القطاع بعض الجمعيات ويحدد الاختلاسات فإنه في الوقت نفسه يحمي الحرامية بعد تركهم دون أي عقاب مع "طمطمة" الأمور التي تمتد إثارتها يوما أو يومين ليستعرض بعض المسؤولين بطولاتهم، ويطلقوا مفرقعاتهم وتصريحاتهم لكسب الأضواء، وبعدها تبدأ عملية التنفيس تدريجيا.وهذا المسلسل من التجاوزات لا يقتصر على ثلاثة أو أربعة أو خمسة أجهزة إنما الواقع المر يتعدى ذلك، ومن يراجع تقارير ديوان المحاسبة فإنه سيكشف الكثير من الأمور، وستتضح أمامه مأساة حقيقية تعانيها هذه الأجهزة التي تدعي حمايتها للمال العام.اليوم وبعيداً عن التناحر في أروقة مجلس الأمة أمام الحكومة فرصة ليعمل وزراؤها من أجل أجهزتهم بعيداً عن حججهم الواهية في الانشغال بجلسات مجلس الأمة ومحاسبة القياديين والمسؤولين عن أسباب هذا الهدر.
مقالات - اضافات
شوشرة: المال السايب
12-07-2019