نقطة : الحفلة التنكرية الكبرى
وجّهت الدعوات لإقامة حفلة تنكرية في إحدى الغابات البعيدة جداً على شرف الأسد ملك الغابة التاريخي، واستعد لها جميع الحيوانات عدا الحمار، الذي لم توجّه له الدعوة من قبل العاملين بديوان الملك، لعلمهم بمدى الانشغال الدائم له، كما أنهم يعرفون مزاج ملكهم الذي لا يستسيغ وجوده في الاحتفاليات والمناسبات بسبب مداخلاته الغبية في الحوارات بين الحيوانات، زيادة عن صوته المزعج.انشغل الخياطون من السناجب والأرانب بإعداد الملابس التنكرية حسب طلب زبائنهم، فهذا الذئب يريد أن يبدو كالحمل الوديع، والقرد يودّ الظهور بمظهر الغزال الجميل، والدب يتوق للظهور برشاقة الفرس الأصيل، ورغم ذلك لم تواجه الخياطين أية صعوبات إلا مع الفيل والزرافة، فالفيل يريد أن يتنكر بزي الزرافة، والزرافة تريد أن تظهر كالفيل، ولا خرطوم هذا يمكن إخفاؤه، ولا رقبة الأخت يمكن التصرف بها!
التحضيرات تجري على حافر وساق، وأخبار الحفلة الكبيرة وصلت إلى الحمار أثناء دورانه في الساقية التي يعمل بها منذ أن خلقه الله وجعله من سكان هذه الغابة، وبما أن الحمار كان معجباً كثيراً بالثعلب وقصصه وأحابيله، فقد قرر التنكر بشكله رغم سهولة اندماجه مع أبناء عمومته من الحمير الوحشية، وفعلاً استطاع الخياطون بمهارتهم المعهودة إخراج الحمار بأفضل حلّة، حيث استطاع خداع الجميع والتسلل إلى الحفل والاختلاط بالمدعوين، يأكل من هنا ويشرب من هناك، والأمور جميلة، ولأن الطبع غلاب، فقد كانت تخرج منه نهقات مكتومة لم ينتبه لها أحد في زحمة الحضور، فقد كان أحد الكلاب المتنكرين بزيّ النمور يلقي قصيدة مدح على مسامع الملك الوقور، إلا أنه بعد أن صفّق جميع الحاضرين، رغم تفاهة القصيدة وضعف مبناها ومعناها، دارت بعض الأحاديث الجانبية بين الملك وكبار المدعوين، ولأنه كان يرتدي زي الثعلب، فقد اعتقد أنه قد أخذ ذكاءه أيضاً مع اللبس، وأبى إلا أن يبدي رأيه في أحد المواضيع الاستراتيجية، فانكشف بسبب صوته وسذاجة رأيه، مما استدعى رجال الأمن من السنانير لإخراجه بصمت وهدوء، ومن دون لفت الانتباه.الثعلب كان يجلس في آخر القاعة متنكراً بزي الأرنب، ورأى كل ما جرى منذ البداية، ارتشف عصيره المثلج وعلّق مبتسماً على مسمع من جليسه الضفدع المتنكر بزي السلحفاة: اسكت دامك حمار!