الكويت بلا هوية تنموية والنفط يهيمن على الناتج المحلي
سياسات الاستدامة الاقتصادية لم يتحقق منها شيء
قال التقرير الاقتصادي الأسبوعي، الصادر عن مركز "الشال"، إن الإدارة المركزية للإحصاء نشرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للربع الأول من عام 2019، وتكمن أهمية قراءة تلك الأرقام في بعدين، الأول: متابعة تطورها، بمعنى نموها، أي توسع الاقتصاد أو انكماشه، والثاني: قراءة التطور ضمن مكونات ذلك الناتج لرؤية مناحي القوة أو الضعف فيها، ولعل الأهم متابعة أثر السياسات العامة في إصلاح اختلالاته الهيكلية.تلك الأرقام بالأسعار الثابتة -النمو الحقيقي- تقدر بأن نموا موجبا بحدود 2.6 في المئة قد تحقق بين الربع الأول لعام 2018، والربع الأول لعام 2019، بينما ما تحقق كان نموا سالبا، وبحدود -1.9 في المئة، ما بين الربع الرابع من العام الفائت، والربع الأول من العام الجاري.والنمو الموجب بين الربع الأول لعام 2018 والربع الأول لعام 2019، جاء في معظمه من نمو القطاعات غير النفطية، التي حققت توسعا بنحو 4.1 في المئة، بينما انخفض معدل النمو العام إلى 2.6 في المئة، كما ذكرنا بسبب ضعف مساهمة قطاع النفط في ذلك النمو، والذي حقق نموا ضعيفا بنحو 1.3 في المئة فقط.
وحقق الناتج المحلي الإجمالي نموا سالبا بنحو -1.9 في المئة عند مقارنته بمستواه في نهاية الربع الرابع من العام الفائت، وجاء كل التأثير السالب من قطاع النفط الذي انكمش بنحو -3.7 في المئة، بينما حافظت القطاعات غير النفطية على نموها الموجب وإن كان هشاً وبحدود 0.2 في المئة.ما لا يبدو صحيا، هو أن سياسات الاستدامة الاقتصادية -تنويع مصادر الدخل- المعلنة في كل خطط التنمية وفي كل بيانات الحكومة، لم يتحقق منها شيء، والواقــع أن الخلـل الهيكلـي الإنتاجـي، ومؤشـره هيمنـة قطاع النفط على مكونات الناتج المحلي الإجمالي، مستمر كما لاحظنا من أثره الطاغي في الأرقام المنشورة حديثاً. فمساهمة قطاع النفط بالأسعار الثابتة مازالت أعلى من نصف حجم الناتج الإجمالي، فقد كانت بحدود 52.3 في المئة في الربع الأول من عام 2018، وأصبحت 53 في المئة في الربع الأول من عام 2019، أي ان مساهمة كل القطاعات الأخرى في الربع الأول من عام 2019 لا تتعدى 47 في المئة، وهي مساهمة غير مستدامة، وإنما مدعومة بشدة من قطاع النفط.ولم تتخط مساهمة أي من القطاعات الأخرى مستوى 11 في المئة، ما يعني أن البلد بلا هوية تنموية، وأقربها إلى بلوغ نسبة 11 في المئة، كان قطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي، ومساهمته بحدود 10.6 في المئة، ولا علاقة له بأي نهج تنموي.