دلال نصرالله: أميل إلى ترجمة السير الذاتية
«الإيطالية أبهرتني... لا أترجم إلا ما أختاره وأحبه»
تقومُ عملية التواصل الحضاري والثقافي بين الأمم على عدة دعائم، لعل الترجمة من أهمها، إذ لايمكن الانفتاح على التراث والآداب العالمية دون إنشاء مؤسسات تتكفل بنقل النتاجات الفكرية والأدبية من اللغات الأخرى، كما أنَّ مشروع النهضة المُجتمعية على المستويين الثقافي والفكري يتوقفُ نجاحه على معرفة ماوصل إليه الآخر من التطور والتقدم والأشواط التي قطعها على الصعيد الإبداعي.
كل ذلك يُحتمُ تدشين مشاريع الترجمة وما يجعلُ الترجمة أمراً ملحّاً هو تجديد الذائقة الأدبية لدى القارئ وتنمية الإدراك وتطوير مستويات التلقي، وما يمكنُ البناء عليه ورفده في هذا الإطار هو وجود مبادرات شخصية للقيام بالترجمة بلغات مُختلفة.
ولم تَعد الترجمة من الإنكليزية والفرنسية خياراً وحيداً بل ثمة من يتطلعُ للتخصص في الترجمة كما تعملُ المترجمة الكويتية دلال نصر الله بهذا الاتجاه فهي نقلت عدداً من المؤلفات الأدبية من اللغة الإيطالية إلى لغة «الضاد»، علماً أنها تترجم أيضاً من الإنكليزية، وأصدرت ما ترجمته عن دار المدى، وكان لـ«الجريدة» حوار مع المترجمة الواعدة، إليكم تفاصيله:
كل ذلك يُحتمُ تدشين مشاريع الترجمة وما يجعلُ الترجمة أمراً ملحّاً هو تجديد الذائقة الأدبية لدى القارئ وتنمية الإدراك وتطوير مستويات التلقي، وما يمكنُ البناء عليه ورفده في هذا الإطار هو وجود مبادرات شخصية للقيام بالترجمة بلغات مُختلفة.
ولم تَعد الترجمة من الإنكليزية والفرنسية خياراً وحيداً بل ثمة من يتطلعُ للتخصص في الترجمة كما تعملُ المترجمة الكويتية دلال نصر الله بهذا الاتجاه فهي نقلت عدداً من المؤلفات الأدبية من اللغة الإيطالية إلى لغة «الضاد»، علماً أنها تترجم أيضاً من الإنكليزية، وأصدرت ما ترجمته عن دار المدى، وكان لـ«الجريدة» حوار مع المترجمة الواعدة، إليكم تفاصيله:
• ما الدافع وراء اختيارك للترجمة من اللغة الإيطالية، هل شعرتِ بأنَّ ثمةَ إهمالاً للأدب والتراث الإيطالي في مشاريع الترجمة؟- تنقلت منذ عمر الرابعة عشرة بين لغات شتى: الكورية من خلال كتاب لتعلمها في أسبوع - مشروع فشل بلا شك- والفرنسية مع معلمة على الإنترنت، ثم الفارسية في مقرر جامعي. وحين أغلقت كل اللغات أبوابها في وجهي، وجدت بابين لم يوصدا؛ وهما باب الإنكليزية التي درستها أكاديمياً، والإيطالية التي فتحت لي ذراعيها، وأبهرتني ومازلت تبهرني بثرائها منذ عشرة أعوام.أما الترجمة، فهي لترسيخ ما تعلمته. كان الأدب الإيطالي مهملاً، حتى نقله ثمانية مترجمين إلى العربية: عبود أبي راشد، وحسن عثمان، وطه فوزي، ومحمد إسماعيل، ومصطفى آل عيال، وخليفة التليسي، وفؤاد كعبازي، وعيسى الناعوري.
أما اليوم، فهناك طفرة في الترجمات. أذكر هنا إعجابي بترجمات زملائي أماني فوزي حبشي، ومعاوية عبدالمجيد، ونبيل رضا المهايني، وأمارجي. المدى والمتوسط تقومان بعمل عظيم، فمعظم الكلاسيكيات الإيطالية قد نقلت للعربية بفضلهما.• بما أنك تترجمين من اللغة الأولى مارأيك في ترجمة الأدب الإيطالي من خلال اللغة الثانية؟- أقول دائماً ليترجم من شاء أن يترجم، ولن ينتشر إلا الأفضل. في الترجمة عن لغة وسيطة تقريب للمعنى، أما في الترجمة المباشرة عن اللغة الأصل تدقيق على المعنى. أذكر هنا، أن أستاذاً في اللغة الإيطالية قد رفض إعادة ترجمة رواية، واكتفى بالمراجعة على ما ترجمه المترجم الأول من الإنكليزية.• تتوزع المؤلفات التي نقلتها إلى العربية بين المذكرات والقصة والرواية على ماذا تعتمدين في اختياراتك؟- لا أترجم إلا ما أختاره وأحبه، وتنوع اختياراتي يعكس تعدد اهتماماتي الشخصية. جرّبت أن أترجم كتاباً من اختيار ناشر، لكنّي تفاجأت بهُوّة عميقة بيني وبين الكتاب، هوة لم أستطع ردمها إلا بالاعتذار عن عدم ترجمته. وبشكل عام، أميل إلى ترجمة السير الذاتية؛ ترجمتُ كتاباً يلخص سيرة المخرج وودي ألن، وسيرة إيتالو كالفينو، وسيرة سيبيلا أليرامو التي تعتبر أول كاتبة نسوية في إيطاليا. في الخاطر ترجمة كتاب عن الطبيعة... سأسعى لتحقيق تلك الرغبة في القريب العاجل. • هل تعتقدين بأن أحد أهداف عملية الترجمة يتمثل في إنشاء ذائقة جديدة في القراءة والتلقي وبالتالي يجبُ تحفيز القارئ لحفر في طبقات معرفية من خلال النصوص المُترجمة؟- ليس في الترجمة وصاية على أحد. من القرّاء من يكتفي بالقشور، ومنهم من سيُنقّب عن الجواهر. لتوليد ذائقة (عالية) – حسب استخدام القدير فاضل حجاوي- يجب تأهيل المترجمين وتوجيههم إلى التمكن من اللغة العربية أولاً. هذه العملية ستنعكس تلقائياً، وإيجابياً على القارئ الذي يحتفي بالنص.• ماذا عن الترجمة المُعاكسة هل في برنامج نقل أعمال عربية إلى اللغة الإيطالية ونحن نعرف حركة الترجمة بهذا الاتجاه خجولة جداً؟- حركة خجولة فعلاً. الترجمة إلى الإنكليزية والإيطالية مشروع مؤجل حتى حين. أرغب في التركيز وإتقان ما بين يدي حالياً.• ما آخر كتاب أنت بصدد ترجمته الآن، هل يوجد اتفاق سابق بينك وبين الدار أو المؤسسة التي تنشر كتبك حول نوعية الأعمال؟- شارفتُ بفضل من الله على الانتهاء من عملين سيصدران عن دار المدى. الأول للإيطاليين إيتالو كالفينو، جيامبيرو موغيني. وفرت لي الدار قائمة، واخترت منها ما يناسبني.• ما خصائص الأدب الإيطالي؟- ثمة جمال ينفذ لشغاف القلب في الأدب الإيطالي. جمال نتج من تفاعل معقد بين إرث تاريخي عريق، وحداثة ولدت من جحيم معاناة وحروب. جمال للمرأة فيه صوت مسموع، وقلم مقروء. يعجبني أنّ في الشيفرة الوراثية لكل كاتب إيطالي هُويّة واضحة، ووعي سياسي، واعتزاز بجيناته التي تمتد للحضارة الرومانية، وتقدير للجمال. أقاليم مترامية الأطراف، ولهجات كثيرة، ومشاحنات سياسية، وفوارق طبقية تتفق على أن شيء واحد .. أن تحيا إيطاليا!