أُدرك سلفاً كيف سيكون وقع هذا المقال سلبياً عند البعض، لكنني أرجو منهم أن يتمهّلوا قليلاً قبل إصدار حكمهم، فكما سبق أن كتبت، فليس هناك مجوس في إيران، لأن سعد بن أبي وقاص قضى على دولة المجوس والمجوسية عندما انتصر الإسلام في معركة القادسية، وليس هناك دولة صفوية، فهذه الدولة انقرضت هي الأخرى منذ قرون.وهذه الأسطوانة من مبتدعات نظام صدام أثناء الحرب مع إيران، حيث كان طلاب المدارس يرددون: "قيام... عاش الرئيس صدام"، "جلوس... يسقط الفرس المجوس"، إلى جانب ما كان يبثّه الإعلام العراقي من قصصٍ قائمة على الأكاذيب التاريخية والطائفية والعنصرية، ومع الأسف هناك من انساق وراء هذا العبث بدوافع عصبية، دون أن يدرك ما يحيق بالمنطقة من مخاطر قد تؤدي إلى تدميرها لمصلحة من يخططون لهذا التدمير.
***• ولستُ - والله العظيم - مع التدخل الإيراني في أي شأنٍ من شؤون وطني العربي، وفي أي بقعة من بقاع هذا الوطن، وكم تمنيت لو أننا قد حصّنا أنفسنا في مواجهته، لما تمكّن من التسرب إلى بعض مناطقنا مهما كانت الذرائع التي تذرّع بها.• وهناك من استغل هذا الصراع، فعمل على استفحاله أكثر فأكثر، ليجعل من إيران العدو الأول للعرب وليس إسرائيل، مع أن حرب السنوات الثماني التي استنزفت أكثر من مليوني قتيل من العرب والإيرانيين، ومليارات من الدولارات بأرقامٍ فلكية، ساعدت فيها دول الخليج لمواجهة إيران، وكانت كلها وبالاً على شعوب المنطقة، كما كانت نتيجتها أن احتل صدام الكويت، وأطلق صواريخه على الرياض.***• والآن، لنطرح السؤال بعقلٍ ومنطقٍ وموضوعية:أليس التفاوض مع إيران، وبالتالي التعايش معها كجارة وفق مواثيق دولية تحكمها وتحكمنا... أليس ذلك أقل كلفةً من هذا العداء؟! وكذا التلويح بمغامرات حروبٍ لا يعلم نتائجها إلا الله؟! ثم إلى متى ستستمر هذه السياسات التي جعلت منطقتنا تعيش حالاتٍ من التوتر، بينما الشعوب أحوج ما تكون إلى الاستقرار؟!***• ثم إن هذه المليارات تُستنزف سنوياً على شراء الأسلحة من قبل كل الأطراف العربية، بسبب هذا التوتر الذي لا مبرر له، غير أن دول مصانع سلاح الحروب تبتزّ خيرات الوطن العربي بافتعال بؤرٍ للتوتر هنا وهناك، مع أن الكل يعلم ويعرف أنهم لا يسعون إلا لهيمنة إسرائيل على المنطقة كلها بالدرجة الأولى!***• وفي النهاية: متى يدرك القادة العرب أن ما يجري على الساحة من ألاعيب قد بات مكشوفاً وواضحاً للعيان، وأن هدفه هو استنزاف ثروات المنطقة؟!***• ربما سيعتبرني البعض ساذجاً في هذا الطرح.. لكنني سأحزن حزناً شديداً إذا كان هناك من سيأخذه الحماس بالاجتهاد الخاطئ، ويتهمني بعدم الإخلاص لوطني في كتابة هذا الموضوع.
مقالات
ليقل مَن يقول ما يريد أن يقول!
16-07-2019