هل تستطيع الولايات المتحدة احتواء أضرار الصراع مع طهران؟
![ناشيونال إنترست](https://www.aljarida.com/uploads/authors/809_1687281767.jpg)
إذا لم تطرأ أي تطورات جديدة، تُعتبر المفاوضات خطوة إيجابية وبديلاً أكيداً للحرب، لكنها لن تكون سهلة في هذه الحالة، بما أن طهران تسعى من خلال المفاوضات إلى تعزيز المكاسب التي حققتها بواسطة الميليشيات التابعة لها (والتي تضم قوتها الإقليمية مجتمعةً نحو مئة ألف مقاتل). تتحول هذه الميليشيات بمرور الوقت (كما رأينا في لبنان والعراق) إلى حركات سياسية تتغلغل في عالم السياسة الرئيس، وبما أن إيران راعيتها، تصبح هذه الأخيرة، بإضفائها طابعاً مسلحاً على عملية الحوار، مساهماً بارزاً في هذه الدول، وهكذا تنجح إيران في تعزيز حضورها الجيوسياسي في العالم العربي. علاوة على ذلك، يبدو المنطق الجغرافي-الطائفي في هذا الصراع الإقليمي قوياً جداً، حتى إن تنظيمَي داعش والقاعدة وغيرهما من اللاعبين السلفيين المجاهدين يقودون اليوم المقاومة السنية ضد سياسة إيران التوسعية. نتيجة لذلك، تحاول الولايات المتحدة باستمرار الموازنة بين الأصوليات السنية والشيعية، علماً أن هذا يعود خصوصاً إلى تفكك المساحة العربية السنية المعتدلة الرئيسة. لذلك تُضطر واشنطن إلى مواصلة التأرجح بين التصدي لجمهورية إيران الإسلامية واللاعبين المجاهدين من غير الدول إلى أن يتمكن اللاعبون العرب السنة الأساسيون من العمل بفاعلية كجدار صد منيع في وجه خطر "ذاتهم" الطائفية و"الآخر"، لكن هذا التأرجح المستمر ينطوي على الأمد الطويل على خطر تقوية إيران والمجاهدين على حد سواء وتقليص بالتالي مساحة اللاعبين من الدول العربية السنية.كما أن الجهاد العابر للحدود يزدهر جراء الحرب، كذلك تجني إيران فوائد جمة نتيجة الصراع في المنطقة. صحيح أن إيران وداعش عدوان لدودان، إلا أنهما يحتاجان إلى بعضهما كي يتمكن كل منهما من الترويج لقضيته الخاصة. يبقى وجه الاختلاف الرئيس بينهما أن داعش (بما أنه القوة الإسلامية السنية غير الدولية الأكثر تطرفاً) حفّز رد فعل ضخماً اتخذ شكل ائتلاف عالمي منعه من ترسيخ نفسه كنظام. في المقابل، تشكل جمهورية إيران الإسلامية كلاعب دولةً، وهذه مكانة تستطيع استغلالها لتحقق هدفها: التحول إلى قوة إقليمية معترف بها دولياً.إذاً، لن تحقق حرب كبيرة أخرى في المنطقة أي هدف غير تعزيز مصالح هذين اللاعبين على حساب مجموعة الدول العربية الضعيفة جداً أساساً، لذلك من الضروري أن تتواصل الجهود للتصدي لإيران من دون اندلاع أعمال عدائية وأن تكون أي تسوية تعقدها إدارة ترامب تكتيكية. يحب أن يكون الهدف على الأمد القصير منع إيران من كسب دور دائم في شؤون العالم العربي، ولكن على الأمد الطويل، لا يمكن التصدي لتعديات إيران من دون إصلاح الشرخ في نسيج العالم العربي السنية.* «كمران بخاري»