بعد سريان عدة تكهنات حول مصيرها، وإمكانية احتجاز «الحرس الثوري» الإيراني لها كورقة ضغط، في ظل توتر الأوضاع بالمنطقة، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في وقت متأخر مساء أمس الأول، أن بلاده تقدم المساعدة لـ«ناقلة نفط أجنبية واجهت مشكلة فنية» في الخليج، بعد تلقيها نداء استغاثة منها.وتطرق موسوي إلى الناقلة، على حساب رسمي، في موقع «تويتر» بالقول انه «بالاستناد إلى القواعد الدولية اقتربت القوات الإيرانية وباستخدام زورق لقطر السفن سحبتها إلى المياه الإيرانية للقيام بالإصلاحات الضرورية». وأضاف المتحدث أنه سيتم نشر المزيد من التفاصيل في وقت لاحق.
وكان موقع «تانكر تراكرز» الإلكتروني، الذي يتتبع ناقلات النفط ذكر سابقاً أن الناقلة التي ترفع علم بنما وتحمل اسم «رياه» والمستخدمة في مضيق هرمز لـ»تزويد السفن الأخرى بالوقود»، قد عبرت إلى المياه الإيرانية في 14 يوليو الحالي لـ»المرة الأولى بعد أن تباطأت سرعتها».وأضاف الموقع أنه في تلك اللحظة توقف نظام تحديد الهوية الآلي للناقلة عن إرسال الإشارات. وآخر موقع معروف لـ»رياه» كان قبالة جزيرة قشم الخاضعة لطهران في مضيق هرمز.وقبل أن تعلن طهران أن الناقلة بحوزتها، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أنها تعتقد أن الحرس الثوري احتجز السفينة، فيما نفى مصدر إماراتي مسؤول أن تكون الناقلة إماراتية.وجاءت الواقعة في ظل وعيد من قبل قادة طهران بالرد على توقيف بريطانية ناقلة نفط إيرانية يشتبه في أنها كانت تنقل محروقات إلى سورية، بالمخالفة للعقوبات المفروضة على دمشق، وبعد سلسلة من الهجمات التخريبية التي شملت ناقلات نفط، وسفنا تجارية في مياه الخليج، واتهمت الولايات المتحدة، والسعودية، الجمهورية الإسلامية بالضلوع فيها.
واشنطن تشكك
وقال مسؤولون أميركيون إنهم ليسوا واثقين مما إذا كانت إيران احتجزت ناقلة نفط وسحبتها إلى المياه الإيرانية، أم انها أنقذتها بعد أن واجهت عطلا فنيا مثلما تؤكد طهران، مما يخلق حالة من الغموض في وقت تتصاعد فيه التوترات في الخليج.وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه يبدو أن الناقلة في المياه الإقليمية الإيرانية، لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك لأن إيران تحتجزها أم لأنها أنقذتها. ويأتي هذا الغموض في وقت دعت فيه واشنطن إلى تأمين أكبر للسفن في الخليج.ومما يزيد من الغموض المحيط بالسفينة المفقودة صعوبة معرفة مالكها، فلم تعلن أي دولة أو شركة ملكيتها لها حتى الآن. وأفادت تقارير أولية بأنها إماراتية. لكن مسؤولا إماراتيا قال لـ»رويترز»، إن الناقلة ليست مملوكة للإمارات ولا تديرها الإمارات.والجهة المسجل أنها تدير الناقلة هي شركة «برايم تانكرز» في الإمارات. وقالت الشركة لـ»رويترز» إنها باعت الناقلة لشركة «موج البحر» ومقرها الإمارات. وقال موظف في «موج البحر» إن الشركة لا تملك الناقلة لكنها كانت تديرها منذ شهرين، وإنها الآن تحت إدارة شركة «كيه.آر.بي بتروليوم» ومقرها في المنطقة الحرة في امارة الشارقة.«غرايس 1»
وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إنها ستجتمع مع رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو، لبحث مصير ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة «غرايس1».واحتجزت قوات مشاة البحرية البريطانية الناقلة في وقت سابق هذا الشهر قبالة ساحل جبل طارق للاشتباه في أنها تنتهك العقوبات الأوروبية المفروضة على سورية.أمن الخليج
في هذه الأثناء، قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن أمن الخليج مرتبط بشكل وثيق بالأمن الأوروبي.وأكدت موغيريني، خلال مناقشة حول الأوضاع في الخليج بالبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، مساء أمس الأول، أنها لمست خلال زيارتيها الأخيرتين إلى العراق والكويت اهتمام القيادتين، وحرصهما على الحد من التوترات في المنطقة، مبينة أنها ناقشت خلال الزيارتين سبل الحد وتجنب التصعيد هناك.وأعربت عن دعم الاتحاد للكويت «التي تعمل على فتح قنوات اتصال بين أطراف المنطقة ومد الجسور بينهم».في سياق قريب، أكدت الحكومة الهولندية أنها تدرس طلبا من الولايات المتحدة للانضمام إلى قوة دولية لحماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز وبحر عمان. وأكد وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك، ووزير الدفاع عنك بيليفيلد، في مؤتمر، أن واشنطن طلبت الشهر الماضي من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) الانضمام إلى القوة.نفي وشروط
إلى ذلك، نفت إيران صحة تقارير أفادت بأنها على استعداد للتفاوض حول برنامجها الصاروخي. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الممثلية الإيرانية في الأمم المتحدة تأكيدها عدم صحة التقارير التي ترددت في هذا الشأن، وشددت على أن «البرنامج الصاروخي الدفاعي الإيراني غير قابل للتفاوض إطلاقا مع أي أحد أو أي دولة وفي أي وقت».ولفتت الممثلية إلى أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قال فقط: «إذا أرادت أميركا التحدث حول الصواريخ فعليها ابتداء وقف بيع السلاح، بما في ذلك الصواريخ لحكومات المنطقة»، مشددة على أن هذا لا يعني بأي حال استعداد إيران للتفاوض بشأن الصواريخ.باب التفاوض
من جهته، جدد وزير الخارجية الإيراني اشتراط بلاده رفع العقوبات الأميركية عنها للدخول في مباحثات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.وقال ظريف، في مقابلة مع محطة تلفزيونية أميركية، رداً على سؤال فيما يتعلق بتصريحات ترامب، بشأن استعداده للتفاوض مع إيران دون شروط مسبقة: «ستكون هناك فرص للمفاوضات»، مبيناً أنه «إذا تم رفع العقوبات، في غضون ساعات قليلة، فستكون إيران قادرة على العودة إلى الالتزامات النووية المعلقة».وفي وقت سابق، أكد الرئيس الأميركي خلال اجتماع وزاري في البيت الأبيض، أمس الأول، أن «تقدما كبيرا تحقق مع إيران»، مشددا على أنه يرغب في العمل معها لا تغيير نظامها.على صعيد منفصل، أفادت وزارة الخارجية البرتغالية بأنها أوقفت إصدار تأشيرات دخول للمواطنين الإيرانيين، بسبب تحديث إجراءات الأمن في قنصليتها في طهران، وليس بسبب قضايا سياسية أو أي تهديدات أمنية.من جهة أخرى، قال دبلوماسيون يتابعون عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن المدير العام للوكالة يوكيا أمانو يعتزم التنحي مبكراً، في مارس من العام المقبل، بسبب إصابته بمرض لم يحددوه أضعفه بشكل واضح خلال العام الماضي.توقيف مزدوجي الجنسية... سلاح إيراني وكابوس غربي
سلطت عدة وقائع عن احتجاز إيران لأفراد من مزدوجي الجنسية الضوء على استخدامها لهم وسيلة ضغط في لعبة دبلوماسية بلا رحمة في أغلب الأحيان.ويمثل سجن إيوين، السيئ السمعة، الواقع في شمال العاصمة الإيرانية طهران كابوساً للسفارات الغربية، إذ يسجن فيه الإيرانيون من مزدوجي الجنسية. وفي هذا السجن، تقبع فريبا عادلخواه منذ مطلع يونيو لتهم لم تكشف بعد.وجاء توقيف عالمة الانثروبولوجيا البارزة قبيل زيارة المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لطهران، لمناقشة إنقاذ الاتفاق النووي الذي وقع في 2015، وأضعف بانسحاب الولايات المتحدة منه في مايو 2018. وقال علي رضا نادر، مدير المركز الفكري «نيو إيران» الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، إن ذلك تم «من أجل فدية»، مؤكداً أنه «في كل مرة تريد تعزيز وسائل ضغطها ضد الدول الغربية تلجأ إيران إلى احتجاز رهائن للتفاوض».ويقبع عدد كبير من الإيرانيين المزدوجي الجنسية حالياً في سجون طهران التي لا تعترف بالجنسية الثانية.وفي إيوين، انضمت عادلخواه إلى نازانين زغاري راتكليف، الإيرانية البريطانية المسجونة منذ أبريل 2016 وصدر بحقها حكم بالسجن خمس سنوات بعد إدانتها بالتحريض على الفتنة.ونقلت راتكليف، التي تؤكد براءتها وتعمل في مؤسسة «تومسون رويترز»، فرع العمل الإنساني، من سجنها إلى جناح للأمراض النفسية في أحد مستشفيات طهران، كما ذكرت عائلتها أمس.وأكد زوجها راتكليف في نوفمبر 2017 أن زوجته «تستخدم كوسيلة للمبادلة من قبل الحرس الثوري الذي يريد الحصول على شيء ما من الحكومة البريطانية».ورأت الصحف البريطانية بعد ذلك علاقة بين خطة تسوية دين قديم تبلغ قيمته 450 مليون يورو لإيران، وقرار الإفراج عن راتكليف، لكن لندن وطهران نفتا ذلك.