ترامب يتباهى بعنصريته!
من داخل واشنطن دي سي، وعلى مرمى حجر من وزارة الخارجية الأميركية، التي تعد تقريراً سنوياً عن التمييز العرقي والديني لكل دول العالم، وبالقرب من إعلان توماس جيفرسون للاستقلال وحقوق الأميركيين المعلّق في أهم معالم العاصمة، ينطق رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بعبارات عنصرية ضد مواطنات أميركيات منتخبات في أعلى مؤسسة فدرالية تشريعية، هي الكونغرس الأميركي، مطالباً إياهن بالعودة إلى أوطانهن الأصلية، وهي فعلة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الأميركي المعاصر، وتبيّن مدى تغلغل النّفَس العنصري في أوروبا والولايات المتحدة.فعلة الرئيس الأميركي العنصرية من واشنطن التي أصبحت في عهد ترامب تشبه كيب تاون جنوب إفريقيا القرن الماضي، لم تلقَ ردّة فعل شعبية قوية، وهو ما يفسّر أن مزاج غالبية الشعب الأميركي يميل نحو الخطاب العنصري المعادي للأجانب والأعراق المختلفة عن تفصيلات العرق الأبيض، فزوجة الرئيس ترامب (السيدة ميلانيا) هي مهاجرة من سلوفينيا، لكن الرئيس لا يعنيها بالطبع، لأنها بيضاء أوروبية، بل يقصد اللاتينيين والعرب والزنوج والآسيويين والمسلمين بكل انتماءاتهم، ولذلك هو يضع قوانين للهجرة تستهدف جماعات محددة، حتى يصنع أميركا البيضاء النقية!عندما يطلب رئيس الولايات المتحدة من مهاجرين من العالم الثالث العودة إلى بلادهم وإدارتها بشكل أفضل بعد فشلها، فعليه أن يراجع ما فعلته سياسة بلاده وحلفائه الأوروبيين في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا من محاربة ثورات التحرر ودعم الطغاة والدكتاتوريين والفاسدين، لكي يمكنوهم من نهب خيرات تلك الدول وينقلوها لهم، وما فعلوه أيضاً من دعم الجماعات المتطرفة خلال فترة الحرب الباردة.
عنصرية ترامب، التي يتباهى بها علناً، هي حالة تنتشر في الغرب، ففي إيطاليا هناك الحركة القومية الجديدة المتطرفة، وحزب ماري لوبان في فرنسا، وحزب فوكس الإسباني، والنازيون الجدد في ألمانيا، والنزعة العنصرية والانعزالية العارمة في الدنمارك والمجر، وكلها تدل على أنه في السنوات المقبلة سيقود القوى الكبرى في العالم زمرة من المتطرفين والعنصريين الذين قد يسبّبون نزاعات ومواجهات أهلية لا أحد يتوقع أن تقع في العالم الأول المتقدم.*** ابتداء من هذا الأسبوع، ستطرد أجهزة الهجرة الأميركية مليون مهاجر غير شرعي وأشخاصاً لا يحملون وثائق ثبوتية من أراضيها، وهي تحتجز حالياً في معسكرات آلاف العائلات، وتفصل الأطفال عن أمهاتهم وآبائهم، في ممارسة وحشية، بل إن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس زار أحد تلك المعسكرات، وكان يتأمل المهاجرين وهم خلف الأسلاك الشائكة، وكأنه يقوم بجولة في حديقة للحيوانات... لذا نرجو من الدبلوماسية الأميركية أن تعطينا محاضرة عن فنون إنشاء معسكرات الإبعاد وتصاميمها!