«الكتب المستعملة» يستقطب شرائح المجتمع المغربي
الحدث الثقافي الوحيد الذي يقام خلال السنة في هذه المنطقة
يشهد معرض الكتب المستعملة في الدار البيضاء إقبالاً كبيراً من معظم شرائح المجتمع.
يعرض بائعون في ساحة أحد أكبر الأحياء الشعبية في الدار البيضاء كتباً مستعملة في معرض يطمحون لجعله فضاء يقرب الثقافة من الشباب في المغرب، وهو الحدث الثقافي الوحيد الذي يقام خلال السنة في هذه المنطقة.ويجذب المعرض زوارا من فئات عمرية مختلفة بينهم طلاب وأساتذة وهواة مطالعة، نظرا إلى الأسعار المخفّضة التي تباع بها الكتب المستعملة وتنوع مواضيع هذه الأخيرة، لكن هذا ليس الحافز الوحيد لرواده الشباب.
سعر الكتب
ويقول محمد (19 سنة) إن "سعر الكتب مهم، لكن محتواها أهم، وهذا هو الفضاء الثقافي الوحيد في حيّنا، ولدينا دار للشباب لكنها تفتقد إلى المحتوى، ولا تقام فيها نشاطات ثقافية مثل تلك اللقاءات التي يشهدها المعرض".وتنظم وزارة الثقافة منذ 25 سنة في الدار البيضاء معرضا دوليا للكتاب، بمشاركة كتاب مغاربة وأجانب، لكن جمعية للكتبيين في هذه المدينة اختارت إقامة تظاهرة ثقافية أخرى تعرض الكتب المستعملة فقط في حي درب السلطان الشعبي.تقريب الثقافة
ويوضح مدير الدورة الـ12 للمعرض يوسف بورة أن هذا القرار يهدف إلى "تقريب الثقافة من الفئات الشعبية وتحبيب القراءة للأطفال والشباب، خصوصا أننا هنا في فضاء يجعل هذه الفئة معرضة للانحراف".ويضيف: "شعارنا هو الثقافة للوقاية من الانحراف والتطرف".ويقام المعرض في الهواء الطلق وسط ساحة تحيط بها بيوت من طابقين إلى ثلاثة، تذكر بمشاهد بعض الأفلام السينمائية المغربية التي صورت هنا قبل عقود.خيم العارضين
وتعدت الكتب المعروضة في دورة هذه السنة 200 ألف مصنّف بأسعار تتراوح بين ما يوازي 0.19 يورو إلى 19 يورو (0.21 إلى 21 دولارا تقريبا)، بحسب بورة.وعند مدخل الساحة حيث تنتصب خيم العارضين، يستقبل منسق النشاطات الثقافية للمعرض إبراهيم أزوغ ضيوف الدورة من أدباء وباحثين في تخصصات مختلفة. وهم يلقون محاضرات أو قراءات أدبية كل مساء طوال مدة المعرض الذي يستمر شهرا واحدا.حركة دؤوبة
ويشتهر حي درب السلطان بالحركة الدؤوبة لشوارعه الرئيسية التي يحتل جنبات معظمها الباعة الجوّالون. كما اشتهر بكونه أحد معاقل حركة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي.ويشير إسماعيل (21 سنة) الذي يدرس تدبير المقاولات في مدرسة خصوصية، إلى أن حي درب السلطان "خرج منه أيضا مثقفون، وكانت فيه قاعة سينما الكواكب التي تعد من القاعات التاريخية في الدار البيضاء، لكنها أغلقت قبل سنوات".ويتابع: "أصبحنا نفتقد فضاءات ثقافية يمكن أن ينمّي فيها الشباب وعيهم" وطموحهم.وقد نبّه تقرير رسمي صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أن شريحة كبيرة من الشباب المغربي، ما بين 15 و34 سنة، بقيت على "هامش النمو الاقتصادي" وتعاني البطالة.وأشار التقرير الذي نشر العام الماضي، إلى أن 72% من الشباب يمضون أوقاتهم في نشاطات "غير منتجة للرفاه الاجتماعي".وحذر من "انكفاء فئة منهم داخل دائرة التدين رافضة الحداثة المستوحاة من الغرب"، ومن تحول هذا الانكفاء إلى "تطرف ديني لدى البعض".وأشارت صحيفة "الإيكونومست" الاقتصادية الصادرة بالفرنسية في المغرب في مقال لها حول الصناعة الثقافية في البلد إلى "أرقام مؤسفة" تظهر أن 76% من الشباب لا يمارسون أي نشاط ثقافي وأن معدل ما يمضيه المغاربة يوميا في القراءة لا يتعدى دقيقتين.ساحة بوشنتوف
ويأسف محمد الذي يبحث في المعرض عن كتب تشبع فضوله في الفلسفة، لأن ساحة بوشنتوف التي تحتضن هذا المعرض "تتحول إلى فضاء لمدمني مخدرات تقطعت بهم السبل".ويأمل بأن تخلق في حيّه وفي كل الأحياء الشعبية، فضاءات ثقافية دائمة لا تقتصر على نشاطات موسمية.معرض دولي
يأمل محمد بورة أحد المهتمين بالكتب أن يتحول معرض الكتب المستعملة هذا إلى معرض دولي يشارك فيه عارضون وزوار من أنحاء العالم، بعدما انفتح في الدورات السابقة على بعض الأدباء من العالم العربي.وشارك في هذه الدورة نحو 50 عارضا، بينما لم يكن عدد العارضين يتعدى 7 في أولى دوراته.وتشمل المعروضات كتبا بالعربية والفرنسية والإنكليزية والإسبانية من آفاق مختلفة. ويعرض بعض البائعين أيضا كتبا لم يعد أصحابها في حاجة إليها.
المعرض يقام في الهواء الطلق وسط ساحة تحيط بها بيوت