شعور جميل ترجمه الكويتيون كرد فعل على إساءة إحدى مذيعات القنوات الفضائية، مما أدى إلى انتفاضة شعبية واسعة شاركت فيها كل المكونات الكويتية مدافعين عن هويتهم الوطنية واسم بلادهم، ويدل ذلك بوضوح أننا نلتقي ونتكاتف ونصطف إلى جانب بعضنا بعضا في مثل هذه المناسبات، وننسى قشور الانتماءات الضيقة التي طالما نتنابز بها على الدوام.وقد عبّر كل على شاكلته إما بالنقد اللاسع والغضب الشديد، في حين غطى آخرون الموضوع بروح من الدعابة التي كانت في الصميم في حين استحسن البعض الآخر الرد عن طريق التغني بالكويت وذكر فضائها وتراثها ودورها الإنساني والحضاري والسياسي عبر التاريخ، وهذا ما يفتقده الكثير في منطقتنا العربية، وأخيراً أعلن العديد من الشخصيات الإعلامية والسياسية مقاطعتهم للقناة المسيئة كموقف وطني.
لا نتوقع أن تكون تلك الإساءة الأخيرة من نوعها، أو أنها جاءت عفوية أو رسالة عابرة، خاصة بعد المكابرة والإصرار على أن ما ورد في القناة عن الطعن في أخلاق الكويتيين وعقيدتهم كان مجرد رأي، فمضمون التعليق الرخيص وربطه بالخلاف السياسي في المنطقة والغمز واللمز حول موقف الكويت الحكيم والمتوازن والمحب للسلام في الخليج تحديداً كان كفيلاً بإيصال هذه الرسالة بعمومية قابلة لإسقاطات عديدة وشاملة لعموم الكويتيين، بما في ذلك التيارات السياسية، والمكونات التي يتألف منها إضافة إلى الحكومة نفسها.كما لا نعتقد أن تلك السقطة كانت مجرد زلة لسان أو هفوة إعلامية لأنها تأتي في سياق أوسع مع الأسف، وتشمل مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة والقنوات على خلفية خلافات سياسية تم إقحام الشعوب الخليجية في أتونها من أجل الشحن والشحن المضاد والتعبئة النفسية، مما ينذر بخلق حالة عصبية ونفور بين مواطني الخليج على عكس سنوات الدعوة إلى الأخوة الخليجية والهوية الجماعية، ومن المرجح أن تستمر هذه الحالة المتهيجة طالما الخلافات السياسية تطفو على السطح.لذلك، فإن العقل والحكمة من أهم متطلبات التعامل مع هذا الواقع الجديد، والفزعة الوطنية بلا شك مهمة وتبقى صمام أمان مع الأخذ بعين الاعتبار ضبط النفس وعدم الانزلاق إلى جرح مشاعر العوام من الأشقاء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في مثل هذه الأحداث، وذلك جراء التعميم المطلق وتبادل الإساءات، ولنتذكر مشاعرنا عندما نهيئ الرد على الإساءة لنا.هذه الرسالة يجب أن تصل أيضاً إلى الحكومة ومجلس الأمة، فنتيجة سياساتهما والتشريعات التي اتفق الطرفان على تمريرها فقد تم إخماد صوت الحرية وصور التعبير عن النفس، واستبدل ذلك بالملاحقة القانونية للشباب وأحكام السجن لعشرات السنين والتشكيك بالولاء الوطني، ولو كانت هناك ذرة من الحياء السياسي لكان لزاماً على السلطتين سحب كل القيود السياسية الجائرة بحق الكويتيين بعدما رأوا بأم أعينهم فزعة أهل الديرة لبلدهم وبني جلدتهم وقيادتهم السياسية!
مقالات - اضافات
فزعة الكويت!
19-07-2019