نكران العشرة

من أصعب المواقف وأشدها ألماً ومرارةً وحسرة على النفس أنك تعيش مع أناس أكثر من ربع قرن، تحبهم وتحترمهم وتقدرهم وتطيعهم وتقضي مصالحهم ويؤذونك ولا تؤذيهم، وفجأة يقع منك خطأ فتقوم على الفور بتقديم الاعتذار لكنهم لا يقبلون اعتذارك، بل يغضبون منك أشد الغضب، ويتخلصون منك بسبب غلطتك التي لا تغتفر!!

يُحكى أن ملكاً أمر وزيره بأن يحضر له عشرة كلاب متوحشة ويضعها في سرداب القصر الملكي، فإذا أخطأ أي وزير رماه إلى الكلاب المتوحشة ليكون عبرة لغيره من الوزراء، وفي أحد الأيام أخطأ الوزير المقرب من الملك فأمر الملك بأن يرمى به إلى الكلاب.

الوزير: لقد خدمتك عشر سنين كنت فيه نعم الوزير المخلص الأمين الوفي المطيع، ومن أجل غلطة واحدة بعتني!! وطلب الوزير من الملك أن يمهله عشرة أيام قبل تنفيذ الحكم، فتم له ذلك، فانطلق الوزير إلى حارس الكلاب وعرض أن يقوم مكانه في تربية الكلاب مدة عشرة أيام، وأخذ الوزير يعتني بالكلاب ويقدم لها الطعام والشراب ويلعب معها ووفر لها كل سبل الراحة حتى ألفته الكلاب وأحبته.

وبعد انتهاء الأيام العشرة أمر الملك برمي الوزير إلى الكلاب المتوحشة، فكانت المفاجأة التي أذهلت الملك، جاءت الكلاب تحتفل بالوزير وتنبح تحت قدميه ولم تفعل له أي شيء، فسأل الملك الوزير: ماذا فعلت لهذه الكلاب؟ فأجاب الوزير: خدمت الكلاب عشرة أيام فقط فلم تنس الكلاب معروفي وكانت وفيّة، وخدمتك عشر سنين فنسيت العشرة بلحظة غضب، فأمر الملك بالعفو عن وزيره وأعاده إلى منصبه.

العبرة والعظة من هذه القصة: "لا تنكر العشرة بسبب موقف عابر، ولا تمحُ الماضي الجميل مقابل موقف لم يعجبك حتى لا تفقد أعز الناس إليك، وتفقد أحلى الذكريات والأيام الجميلة"!!

* آخر المقال: اقرأ واتعظ: يقول الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي:

باعوني ليش ليش

عافوني ليش ليش

أنا اللي شايل حبكم بعيوني

وأنا اللي ما كنت أفتكر تنسوني

من أجل غلطة... من أجل غلطة... من أجل غلطة

للأسف بعتوني.