مع أن انشغال الاطراف السياسية اللبنانية بمناقشات مشروع الموازنة في المجلس النيابي حجب الأضواء عن تطورات حادثة البساتين، الا ان مساعي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لا تزال قائمة في الكواليس السياسية، رغم انها عالقة عند تصلّب فريقي الحادث: الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي يرفض إحالة القضية الى المجلس العدلي، والحزب «الديموقراطي اللبناني» المصرّ على الاحالة، رافضاً تسليم جميع المطلوبين للشهادة من فريقه. وقالت مصادر سياسية متابعة إن «الأسبوع المقبل سيكون مليئا بالمناوشات السياسية، على وقع وضع حكومي هش ومنهك»، مشيرة إلى أن «الاولويات تصب على إعادة المحركات الحكومية الى العمل بعد توقّف فرضته حادثة البساتين وتصلّب مواقف الفريقين المعنيين بها».
وكشفت المصادر أن «رئيس الحكومة سعد الحريري سيتخذ موقفا مهما خلال 48 ساعة، ومن الممكن أن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء بغض النظر عن التسوية في حادثة البساتين». وغرّد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط عبر «تويتر»، أمس، قائلا: «متى ستحسم السلطة وتستلم باقي المطلوبين في حادثة البساتين؟».ويقول فريق ارسلان أن الاتفاق كان على أن يسلم جنبلاط 12 مطلوبا في اطلاق النار على موكب الوزير صالح الغريب، على ان يسلم ارسلان مرافقين للغريب كشهود. وبحسب فريق ارسلان فإن جنبلاط سلم فقط 4 اشخاص وان ارسلان يرى انه غير مضطر للتعاون، بينما الطرف الآخر يتعاون جزئياً.
«القوات»
في موازاة ذلك، يتّجه حزب «القوات اللبنانية» الى تشكيل لجنة خاصة نيابية ووزارية ومجموعة اختصاصيين لمتابعة قضية التهريب عبر المعابر غير الشرعية، وذلك انسجاماً مع امتناع تكتل «الجمهورية القوية» عن التصويت على الموازنة لانها لا تحمل رؤى اقتصادية واصلاحية. وأوضح عضو التكتل النائب وهبي قاطيشا ان «القوات ستتابع الموضوع عبر تشكيل لجنة خاصة، وسنسعى للحصول على ارقام دقيقة تُحدد كلفة الخسائر على الخزينة»، مؤكداً «اننا ذاهبون في هذا الملف حتى النهاية ولن نسكت عن المخالفات وعدم تطبيق القانون». ومشكلة المعابر غير الشرعية بين لبنان وسورية تعود جذورها الى عشرات السنين، حيث يتم من خلالها تهريب البشر والسلع، ما يؤثّر سلباً على امن البلد وحركة اقتصاده. ولم ينجح المسؤولون في وضع حد لهذه الظاهرة التي تنمو في مراحل معينة وتخفت في اخرى. وأتى اعتراف وزير المال علي حسن خليل اثناء مناقشة مجلس الوزراء لمشروع الموازنة العامة، بوجود اكثر من 136 معبر تهريب في لبنان، وقوله «انها تهدد اقتصاد البلد وتساهم في عجز المالية العامة وتقليص الواردات»، متحدّثاً عن مساهمة هذه الظاهرة التي «يرعاها البعض» بتحلل الدولة، ليطرح علامات استفهام عن تحرّك الاجهزة المعنية لإقفال هذه المعابر نهائياً ما دامت معظم القوى السياسية اقرّت بوجودها والحاجة الى ضبطها، مما يُساهم في مدّ الخزينة بإيرادات هي في امسّ الحاجة اليها لسدّ العجز المتفاقم.في سياق منفصل، وفي انعكاس للخلافات الفلسطينية المعقدة، اعتبر القيادي في حركة «فتح» اللواء سلطان أبو العينين أن قرار وزير العمل اللبناني الذي ينتمي الى «القوات» كميل أبو سليمان بتطبيق قانون العمل اللبناني على اللاجئ الفلسطيني» لا تفسير له عند الفلسطيني سوى أنه بداية لتطبيق صفقة القرن بتهجير الفلسطينيين من لبنان وتوطين العدد القليل جدا منهم نتيجة الظروف الديمغرافية في لبنان» مخالفاً بذلك رأي السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس التي اعتبرت ان القرار ينظم وضع العمالة الفلسطينية ويحميها. وقال أبو العينين في حديث إلى وكالة «سبوتنيك»، أمس، إن «البنان لم يكن بحاجة لقرار بنكهة ترامبية» في اشارة الى الرئيس الأميركي دونالد ترامب.