عبدالفتاح القصري... أشهر «سنيد» في السينما المصرية
«جواهرجي» يتحول إلى نجم كوميدي بلا بطولات
ترك «الجواهرجي» عبدالفتاح القصري مهنته، وصار نجماً كوميدياً بلا بطولات مطلقة، وخلال ربع قرن قدم أدوار «السنيد» لنجوم المسرح والسينما، وتميز بخفة ظله، وتلقائيته في أداء شخصيات مختلفة، ومازالت «افيهاته» الكوميدية حاضرة في الأذهان، وترك نحو 70 فيلماً وعشرات المسرحيات، ورحل على نحو مأساوي في 8 مارس 1964.
اتجه عبدالفتاح القصري إلى التمثيل في المسرح، وكان في العشرين من عمره، عندما اكتشف موهبته الفنان نجيب الريحاني، وأسند إليه بعض الأدوار الصغيرة، وساهمت في نجاحه ملامحه وطريقته في الأداء، وعرفه الجمهور من خلال مسرحيات "30 يوم في السجن"، "قسمتي"، "الدلوعة"، "الجنيه المصري"، و"ماحدش واخد منها حاجة" وغيرها.وبعد تجربته في المسرح الكوميدي، انضم القصري إلى فرقة جورج أبيض، وأسند الأخير إليه دوراً صغيراً في مسرحية تراجيدية، وفي ليلة الافتتاح ظهر على خشبة المسرح، ولكن طريقته في الأداء أثارت عاصفة من الضحك، وأسدل الستار قبل انتهاء العرض، والجمهور مازال يضحك، وطرده أبيض من الفرقة، وكاد الممثل الشاب يعتزل التمثيل، ويعود إلى تجارة المجوهرات.ظهر "الجواهرجي" لأول مرة على الشاشة في فيلم "المعلم بحبح" عام 1935، للمخرج فؤاد الجزايرلي، ولفت الأنظار في دور "أحمد" أمام فوزي الجزايرلي، وفتحية فؤاد، واستيفان روستي، ومحمد الديب، وإحسان الجزايرلي، وفي العام التالي شارك مع هذا الفريق في فيلم "أبوظريفة".
ولاحقت القصري الأدوار القصيرة في فيلم "مبروك" 1937، و"شيء من لا شيء"، وأثبت من خلالهما موهبته الكوميدية، والتقى لأول مرة مع نجيب الريحاني في فيلم "سي عمر" عام 1941 للمخرج نيازي مصطفى، وعلى الرغم من براعته في أداء شخصية "المعلم ساطور" فإنه ظل أسيراً لدور "السنيد" في السينما.وخلع القصري قناع الكوميديا، وقام بدور التاجر الجشع "سيد البقال" في فيلم "السوق السوداء" عام 1945 للمخرج كامل التلمساني، من بطولة عماد حمدي، وعقيلة راتب، وزكي رستم، ويعد من أهم أفلام الواقعية، لكنه لم يحقق نجاحاً جماهيرياً، ودارت أحداثه في حي شعبي بالقاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية.
لعبة الست
عاد القصري إلى الكوميديا في فيلم "لعبة الست" 1946 للمخرج ولي الدين سامح، وقام بدور "إبراهيم نفخو" أمام نجيب الريحاني، وتحية كاريوكا، وماري منيب، وبشارة واكيم، وعزيز عثمان، وعلى الرغم من حضوره الطاغي أمام الكاميرا، فإن اسمه ظهر على "الافيش" في آخر قائمة أبطال هذا الشريط السينمائي.وتراكم رصيد القصري في السينما، وجسد شخصيات متعددة، منها "ابن البلد"، و"زعيم العصابة"، و"الانتهازي"، واشتهر بعباراته خفيفة الظل مثل "كلمتي لا ممكن تنزل الأرض أبداً" في فيلم "ابن حميدو" عام 1957، للمخرج فطين عبدالوهاب، وقام بدور "شيخ الصيادين" أمام إسماعيل ياسين، وهند رستم، وأحمد رمزي، وزينات صدقي.ومازالت مرافعته الكوميدية أمام المحكمة في فيلم "الأستاذة فاطمة" عام 1952، للمخرج فطين عبدالوهاب، تحظى بنسبة مشاهدة عالية على موقع "يوتيوب"، وتؤكد تفاعل الأجيال الشابة مع ممثل كوميدي رحل منذ أكثر من نصف قرن، وترك بصمته المتفردة في الأداء التلقائي، رغم غيابه عن أدوار البطولة المطلقة.سكر هانم
تتابعت أعمال القصري، وشارك في أفلام كبار المخرجين، ورغم اقتناعهم بموهبته، فإنه ظل بعيداً عن دور الفتى الأول، وصنع بطولاته الخاصة من خلال أدواره القصيرة، وحقق شعبية جارفة تعادل شهرة نجوم عصره، مثل نجيب الريحاني، وإسماعيل ياسين، وعلي الكسار.وظهر القصري للمرة الأخيرة على الشاشة في فيلم "بين إيديك" عام 1960 للمخرج يوسف شاهين، ولعب دور "مدبولي أبوعظمة" أمام شكري سرحان، وماجدة، وعلوية جميل، وزينات صدقي، وفي العام ذاته قام بدور "المعلم شاهين" في الفيلم الكوميدي "سكر هانم" إخراج السيد بدير، وبطولة كمال الشناوي، وسامية جمال، وعبدالمنعم إبراهيم، وعمر الحريري. وكما بدأ عبدالفتاح القصري في المسرح، أسدل الستار على مشواره الفني، عندما أصيب بالعمى أثناء أحد العروض، وتعالت صرخاته، بينما الجمهور يصفق ويضحك، معتقداً أنه يمثل، واضطر الفنان إسماعيل ياسين إلى إنهاء العرض المسرحي، ونقله إلى المشفى، لكن القصري اعتزل التمثيل، لتنتهي حياته على نحو مأساوي، ويظل الجواهرجي أشهر "سنيد" في السينما المصرية.