ارتبطت حركة الإخوان بالإرهاب منذ تأسيسها، فقد كان من أهم مبادئها التي آمنت بها وطبقتها أن "الغاية تبرر الوسيلة"، وهو مبدأ شرير يدفع من يؤمن به إلى ارتكاب شتى أنواع الرذائل لتحقيق الغايات التي يسعى إلى تحقيقها؛ لذا ليس لدى قادتها مانع من ارتكاب الجرائم والمجازر والاغتيالات من أجل تحقيق أهدافها، وتاريخ هذه الحركة حافل منذ تأسيسها في العهد الملكي بالاغتيالات والإرهاب والعنف. ومن ذلك اغتيال رئيس وزراء مصر أحمد ماهر عام 1945، وكان القاتل محمود عيسوي، محامياً شاباً يتدرب في مكتب المحامي عبد المقصود متولي الذي ينتمي إلى الحزب الوطني. وانضم القاتل إلى تنظيم الإخوان، وطلب منه حسن البنا أن يخفي انتماءه ليعده لارتكاب هذه الجريمة القذرة، وبالفعل تم احتساب الجريمة على الحزب الوطني، ولكن بعد ثلاثين عاماً أعلن الشيخ أحمد الباقوري والشيخ سيد سابق، اللذان كانا عضوين في جماعة الإخوان وفي مكتب الارشاد زمن البنا، أن التنظيم الخاص لجماعة الإخوان هو من نفذ عملية اغتيال أحمد ماهر. كما اغتالوا المستشار أحمد الخازندار رئيس محكمة الاستئناف عام 1948، على يد اثنين من تنظيمهم الخاص، لأنه أصدر أحكاماً على مجموعة من الإخوان، وقد سمع البنا يقول ربنا يخلصنا من الخازندار، أي أعطى إشارة لاغتياله، كما اغتالوا في نفس العام 1948 رئيس وزراء مصر محمود النقراشي، لأنه أصدر قراراً بحل جمعية الإخوان المسلمين.
وقد يتضح لنا مما تقدم أن هذه الجماعة ليس لديها مانع من ارتكاب أبشع الجرائم من أجل الوصول إلى أهدافها... وكان يتولى تنفيذ الاغتيالات لدى الإخوان تنظيم مدرب عسكرياً، أعضاؤه من ذوي اللياقة البدنية العالية وذوي التلقين العقَدي المتعمق، والمبرمجين على السمع والطاعة المطلقة، وكان يسمى بالجهاز السري أو التنظيم الخاص أو ميليشيا الاغتيالات. واستمرت حالتهم تلك في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك، استخدمهم عبد الناصر كورقة وحاولوا الانقلاب عليه واختلقوا فتنة بينه وبين نجيب فنكل بهم، واستخدمهم السادات ورقة لإضعاف اليسار وقاموا باغتياله، وتسامح معهم الرئيس مبارك وسمح لهم بإصدار صحيفة وعودة مقرهم، وكان لهم تمثيل نيابي في عهده بلغ أعضاؤه 120 نائباً تقريباً. ومع ذلك شاركوا في تظاهرات ميدان التحرير ضد نظامه، وتسلموا الحكم من بعده، ولكن حكمهم لم يستمر أكثر من عام حتى تبين للشعب المصري أنهم أعجز من القدرة على إدارة دولة حديثة مثل مصر، التي حاولوا أن يصبغوها بفكرهم الأيديولوجي المغلق الذي يعتمد على الاستحواذ وإقصاء الآخر وعدم الولاء للوطن، فتكتل الشعب المصري ضدهم وطالب بإسقاط حكومة الإخوان وحكومة المرشد. أما في عهد السيسي، وبما أنه كان رئيساً لجهاز المخابرات، وعارفاً بتاريخهم وتآمرهم فأعلن الحرب عليهم، لاسيما بعد أن أعلنوا في ميدان رابعة أن الإرهاب في سيناء لن يتوقف حتى يعود مرسي إلى الحكم، أي أنهم هم من يحرك الإرهاب في سيناء ويديره.قد يتبين لنا من هذا أن الإخوان يستخدمون كورقة ضغط، وإذا حاولوا تجاوز تلك الوظيفة تم القضاء عليهم، استخدمهم فاروق كورقة ضغط ضد الأحزاب الوطنية، وتخلى عنهم لما مارسوا الإرهاب، واستخدمهم عبد الناصر وحاولوا اغتياله فنكل بهم، واستخدمهم السادات كورقة ضغط ضد اليسار فاغتالوه، واستخدمتهم السعودية كورقة ضغط ضد عبدالناصر وحاولوا السيطرة على التعليم وصبغه بفكرهم الأيديولوجي، ليتمكنوا من تربية جيل مؤمن بفكرهم، فأدركت الدولة خطورتهم، وفي هذه الأيام يستخدمهم إردوغان لتحقيق أحلامه في إعادة الدولة العثمانية. أما في الكويت، فلا يوجد دولة متسامحة مع الإخوان مثلها، ومع ذلك قابلوا الإحسان بالإساءة، ففي فترة ما أطلقوا عليه زمن الربيع العربي قادوا المظاهرات لتغيير النظام، وقبل أيام أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على خلية إرهابية إخوانية مصرية مدانة باغتيال النائب العام المصري... ولاشك أن هذه الخلية قامت بأعمال مريبة جعلت السلطات الكويتية ترتاب فيهم، فجعلتهم تحت الرقابة، فاكتشفت أمرهم، فالإخوان لا يراعون أدب الضيافة.
مقالات
«الإخوان» والإرهاب
24-07-2019