● كيف ساهمت سنوات نشأتك الأولى في رسم ملامح تجربتك الإبداعية؟

Ad

- تفتحت عيناي على رؤية مدفع الهاوتزر، يوم كان عمري عشر سنوات، أخرج من دارنا ذاهباً إلى المدرسة الابتدائية، أشاهده في الساحة، كبرت والمدفع عينه وحماقات الدكتاتورية الشمولية بنظامها العسكرتاري تغامر بمصائرنا وإنسانيتنا وتستبد بكل شيء، جعلتنا نخسر الحب والجمال والعدل، خسرنا الكثير في حروبها العبثية المدمرة التي أكلت أعمارنا في تصنيعها العسكري، فأكلت جرف أعمارنا حتى احدودبت ظهورنا الشابة في السُّخرة الإجبارية داخل ترسانات الأسلحة العسكرية، وضاعت سنوات طفولتنا دون جدوى داخل سُوح عسكرة المجتمع العراقي المدني، ومن يومها ونحن لم ننعم قط بالسلام والأمان، ولم أعش طفولة سعيدة، كنت طفلاً صغيراً وحيداً، جعلتني هذه الأحزان أكتشف عالم الكتب في وقت مبكر من حياتي، كانت لدي بعض الأحزان وكانت الكتب أفضل أصدقائي، ولأثرها شرعت أكتب القصة القصيرة، كنت أمضي إلى أرض القصص لأنها ملونة وأكثر واقعية من الحياة التي أعيشها برؤية مدفع الهاوتزر.

● تخرج الكثير من قصصك من معين الأسطورة والموروث الشعبي... إلى أي مدى تثري نصوصك القصصية؟

- تلك هي قصصي، قصة ساحرة أعيشها بين الأسطورة والموروث الشعبي، هي حاجة ملحة لكتابة الأسطورة، وولع متزايد لتوظيف الموروث الشعبي العراقي، وإنني أرى القصة القصيرة سجادة منسوجة مغزولة بالأساطير والموروث والألوان والنقوش وأشحن قصصي بأحداث حقيقية، وإنها أشبه بطاقات حيوية مثيرة مؤثرة تدعمها الأسطورة والموروث الشعبي ليتداخلا في نسيج السجادة طوال الوقت في حياة الناس الفقراء، لأن الفقراء يحتاجون إلى عبرة تجسد الضوء والأمل والإيمان كي يستمروا في حياتهم العراقية القاسية.

مجموعتي القصصية

● إذا تحدثت عن أعمالك كمحطات... ماذا تقول؟

- أعود إلى الحرب العراقية الإيرانية 1980م، التي أنجبت من رحم معاناتها مجموعتي القصصية البكر "إيقاعات الزمن الراقص"، وحرب الخليج الثانية 1991م، التي ولدت خلالها "صرخة قبل البكم"، وقصص: "زليخات يوسف"، دونت مآسيها بتدوين متغيراتها التي شهدتها بلاد ما بين الحربين، و"بنات الخائبات"، وغزلت قصص قصيرة جداً: "مدونات أرملة جندي مجهول"، وكرؤية مني لحالات إنسانية عديدة في ظل ظروف شهدت انقلابات هائلة خلخلت مسيرة حياتنا جاءت قصص: "مسلة الأحزان السومرية"، كنوع من التحدي لقسوة المعاش، بعدها كتبت وفق رؤيتي الخاصة أيضاً لتاريخ بلادي، بلاد ما بين القهرين قصص قصيرة جداً "ألواح من وصايا الجد".

● كثير من الشعراء وكتَّاب القصة تحولوا إلى الرواية... هل هذه الخطوة واردة لك؟

- كانت سنواتنا مشؤومةً حصدت حياتنا، وما حصل في العراق كان صعباً جداً، والأصعب تغير الأوضاع التي كشفت لنا أننا لم نحصل على وطن أفضل ولم نعش حياة صحيحة، حيث خضع وطني للتقسيم وأصبح أكثر دموية وفئوية وطائفية، وكل ذلك جعلني أتحول إلى كتابة الرواية التي تجسد ما عشناه ونعيشه ولدي أربع مخطوطات روائية أنتظر الفرصة لظهورهن إلى النور.

● ما أهمية ترجمة الإبداع العربي إلى لغات في ظل نقل بعض أعمالك إلى الإنكليزية والهولندية واليابانية؟

- أن تكون كاتب قصة قصيرة هو أن تشق طريقاً صعباً إلى قارئك، وتتحمل كل العثرات على طريقك، وتحاول أن تشده من موطن ما إلى ما تكتب، القارئ ركيزة أساسية لابد من انضمامه والكتابة له وعنه، والمشروع الأدبي القادر على الإضافة والتميز وحده يستطيع الوصول إلى قارئه ويتجاوزه إلى القارئ الأجنبي الذي سيقرأ حيوات الناس الذين كتبنا عنهم ولهم، ليعرف أن له زملاء في الإنسانية عصفت بهم يد المنون.

● ما هو النص المؤجل الذي لم تكتبه بعد، رغم أن فكرته تلحّ عليك دائماً؟

- رواية تتسم بروح السخرية والكآبة معاً، وأكتب عن الحزن العراقي من خلال السخرية العراقية، عن العراقي الجاد في عيشه رغم حزنه الكبير، فحياته تتحرك بهذه الآلية، مزيج من النهار والليل، الحرب والسلام، الجيد والرديء، الموت والولادة، الفرح والحزن فهي رواية ليست محزنة لأنني سأضع في نهايتها ضوءاً، منفذاً، باباً للخروج إلى العلن، حيث الشمس العراقية الحارقة.

● ما مشروعك الأدبي الذي تعكف عليه حالياً؟

- أكتب رواية عن يوم 9 أبريل 2003، اليوم الذي لا يزال أثره عميقاً في نفوس العراقيين وفي نفسي، ما برح ذلك اليوم يشغلني بكل قضاياه، وأسئلته العسيرة، لماذا نتذكر الحرب؟!