يحوم الدولار قرب أعلى مستوياته في عقود، مما يجعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير سعيد على الأرجح، ولهجته الغاضبة واتهامه للدول الأخرى بالتلاعب في قيم عملاتها لتعزيز الصادرات، يوحيان بأن وزارة الخزانة قد تتدخل في أسواق العملات للمرة الأولى منذ أعوام، بحسب فاينانشيال تايمز.

منذ عام 1995، تدخلت الولايات المتحدة ثلاث مرات في أسواق العملات، لكن في جميع المناسبات كان تدخلها يتم بالتنسيق مع البنوك المركزية الكبرى الأخرى للتخفيف من حدة تقلبات أسعار الصرف المفرطة.

Ad

هل تتدخل أميركا من تلقاء نفسها؟

- الإجابة المختصرة هي نعم، وتراوحت سياسة سعر الصرف الأميركية بين التدخلات الكبيرة والمتكررة وبين التجاهل التام في ظل إدارات مختلفة، وفي بعض الحالات تغيرت نظرة البلاد لأسعار الصرف بشكل كبير في ظل الإدارة نفسها.

- في أعقاب انهيار نظام أسعار الصرف الذي أقرته اتفاقية بريتون وودز عام 1973 عندما تم ربط 44 عملة بالدولار الأميركي الذي كان مرتبطاً بسعر الذهب، كانت البنوك المركزية الكبيرة تتدخل بانتظام للتأثير على قيم عملاتها.

- في الولايات المتحدة، كان الرئيس ريتشارد نيكسون يأمل أن تفضي نهاية النظام المالي إلى استقرار قيمة الدولار، لكن ذلك لم يحدث، مما أجبر وزارة الخزانة على التدخل بشكل متكرر لشراء العملة الأميركية.

- كما وظفت إدارة جيمي كارتر الكثير من مواردها لدعم الدولار عام 1978، قبل تراجع إدارة رونالد ريغان عن سياسة التدخل، وشهد الدولار ارتفاعاً بأكثر من 50 في المئة، مع ارتفاع نسبته 90 في المئة مقابل المارك الألماني خلال السنوات الخمس المنتهية في 1985.

- أدى ذلك إلى تغير موقف إدارة ريغان خلال فترة الولاية الثانية وإقرار اتفاق بلازا، الذي بموجبه بدأ التنسيق بين البنوك المركزية الكبرى لإضعاف العملة الأميركية، لكن الدولار ارتفع خلال فترة ما قبل انهيار سوق الأسهم في أكتوبر 1987.

- في أواخر عام 1988، شهدت العملة الأميركية ارتفاعاً حاداً، خصوصاً مقابل الين الياباني، بعد رفع أسعار الفائدة، وتسبب ذلك في تدخل الولايات المتحدة في أسواق العملات بشكل غير مسبوق خلال العام التالي.

- تسبب هذا التدخل الأخير في خلاف حاد بين وزارة الخزانة والاحتياطي الفدرالي، ومنذ ذلك الحين، تخلت الوزارة إلى حد كبير عن التدخلات، وسلمت بأنها فشلت في تحقيق التأثير المنشود.

كيف ينجح الأمر هذه المرة؟

- منذ عام 1934، تحملت وزارة الخزانة مسؤولية إدارة أسعار الصرف من خلال الأداة الرسمية لتدخلات العملة وهي صندوق استقرار سعر الصرف، ويعمل الفدرالي في نيويورك كوكيل رسمي لوزارة الخزانة خلال التدخلات، لكن البنك المركزي يمتلك قوة مؤثرة إضافية.

- تاريخياً، تعاونت وزارة الخزانة والاحتياطي الفدرالي معاً، وتحملا أعباء التدخل بالتساوي، حتى عندما كان لدى البنك المركزي تحفظات على أهداف الوزارة، وإذا وافق الفدرالي الآن على التدخل، فإن إجمالي قيمة القوة الشرائية للعملات الأخرى ستبلغ 200 مليار دولار.

- عزز التحول الأخير في توجهات مجلس الاحتياطي الفدرالي من ضغوط ترامب للتدخل، إذ يتماشى المسار المتوقع لخفض الفائدة مع رغبة الإدارة في ضعف الدولار، لكن من الصعب التغلب على الحساسيات المتعلقة بحماية استقلال البنك المركزي، لذا قد يقاوم الفدرالي دعوات استخدام موارده.

- إذا قررت وزارة الخزانة المضي قدماً بمفردها، فإنها ستخاطر بحدوث ما يطلق عليه مصرف دويتشه بنك اسم أزمة مؤسسية، وبناءً عليه يعتقد المحللون أن الاحتياطي الفدرالي ربما يضطر إلى السير في نفس الطريق حتى إذا لم يوافق.