ما بين شد وجذب وتهديد ووعيد وترغيب وترهيب واقتراب ساعة الصفر لإعلان الحرب وابتعادها، تحبس شعوب المنطقة أنفاسها في انتظار ما سيسفر عنه الصراع المحتدم بين إيران من جهة وأميركا والغرب ودول الخليج العربي من جهة أخرى، حيث تسارعت وتيرة الأحداث بشدة خلال الأيام الماضية خصوصاً بعد احتجاز الناقلات وتعرض الملاحة البحرية في مضيق هرمز للخطر الأمر الذي زاد حدة التوتر ورفع توقعات اقتراب المواجهة إن كان عاجلاً أو أجلاً.يعتقد البعض أن ما يحدث بين إيران وأميركا مجرد مناوشات وحرب إعلامية ونفسية ولن يتطور الوضع إلى أكثر من ذلك في ظل استعداد الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية والتي ينافس فيها الرئيس الحالي دونالد ترامب بقوة، ومن ثم فإن من مصلحته عدم الدخول في حرب ربما تؤثر على شعبيته وتفقده منصبه، وفي المقابل هناك من يرى أن الحرب ستندلع في أي وقت إذا تضررت المصالح الأميركية بقوة مع استمرار التصعيد الإيراني ورفض الجلوس على طاولة المفاوضات.
ورغم أن الرئيس الأميركي اتخذ قبل أسابيع قراراً بضرب إيران ثم تراجع عنه في اللحظات الأخيرة، إلا أن شبح الحرب مازال قائماً مع إرسال الولايات المتحدة المزيد من قواتها إلى المنطقة، وكذلك إرسال بريطانيا غواصات ومعدات حربية، واقتراب تشكيل تحالف دولي لحماية السفن والناقلات العابرة في مياه الخليج، الأمر الذي يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد، وأن المنطقة لاتزال على صفيح ساخن، لأن وجود قوات دولية في مضيق هرمز ينذر بمواجهة مع إيران في ظل الاستفزازات المتواصلة وقرصنة واختطاف الناقلات النفطية.وفي الحقيقة لا أحد يريد الحرب لأنها إن اندلعت شرارتها ستأكل الأخضر واليابس وستشهد تداخلات إقليمية وتصفية للحسابات بين عدة أطراف وسيكون الجميع خاسراً، لذلك يجب على الأصوات العاقلة أن تكون حاضرة بقوة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به المنطقة، ويجب أن يكون هناك تقريب لوجهات النظر وتنازل من الجميع، فالأمور التي تدور حولها الخلافات بين المتنازعين قابلة للتفاوض إن صدقت نواياهم، وإن أدركوا أن انقيادهم وراء التصعيد والحرب سيؤدي إلى عواقب وخيمة في منطقة فيها ما يكفيها من المآسي.ووسط هذه الأجواء المتوترة وترقب الحرب بين لحظة وأخرى تظل الكويت بقيادتها الحكيمة وعلى رأسها صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه وبسياستها المتوازنة واحتفاظها بعلاقات طيبة مع الجميع وبوحدتها الوطنية حائط سد ضد من يحاول إقحامها في أي نزاعات، وإن كان هذا لا يعني الاتكال وعدم الاستعداد لحدوث أي طارئ في المنطقة، وبالتالي فإن الأجهزة المعنية في البلاد مطالبة بأن تكون أكثر حيطة وحذراً وفطنة وانتباهاً، وأن تكون لدينا لجان لإدارة الأزمات... حفظ الله الكويت من كل شر ومكروه، وأبعد عنا وعن الدول العربية والإسلامية مآسي الحروب وويلاتها.
مقالات - اضافات
أولاً وأخيراً: الشعوب تحبس أنفاسها
26-07-2019