تونس تودِّع السبسي «مهندس الوفاق»... بحضور دولي

• المحمد نقل تعازي سمو الأمير
• «النهضة» لا تستبعد ترشيح الغنوشي للرئاسة

نشر في 28-07-2019
آخر تحديث 28-07-2019 | 00:04
في جنازة دولة حضرها عدد من قادة العالم بينهم ممثل سمو الأمير، ودعت تونس أمس أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي الباجي قايد السبسي "مهندس الوفاق الوطني"، لتدخل في تحد مع الزمن لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لم تستبعد حركة النهضة الإسلامية خوضها.
وسط إجراءات واحتياطات أمنية استثنائيّة، شيّعت تونس أمس رئيسها الباجي قايد السبسي، بحضور دولي وعربي تقدمه ممثل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وملك إسبانيا فيليبي السادس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والفلسطيني محمود عباس، والجزائري المؤقّت عبدالقادر بن صالح، والبرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، ورئيس المجلس الرئاسي في ليبيا فايز السراج.

وغداة نقل جثمان السبسي داخل عربة عسكرية في موكب أمنه الجيش والشرطة من المستشفى العسكري في العاصمة إلى قصر قرطاج ضاحيتها الشماليّة، انطلق موكب أول جنازة مهيبة لرئيس دولة تونسية توفي وهو على رأس السلطة، قرابة الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى مثواه الأخير في اتّجاه مقبرة الجلاز، التي دفن فيها العديد من الشخصيات السياسية ليوارى الثرى إلى جانب أفراد من عائلته.

وتجمع الآلاف من التونسيين أمام مقبرة الجلاز، رافعين الأعلام لتوديع رئيسهم، الذي تزامنت وفاته مع الاحتفال بالذكرى 62 لإعلان الجمهورية عام 1957.

تعازي الكويت

وبعيد وصوله لحضور مراسم الجنازة، أعرب ممثل صاحب السمو أمير البلاد سمو الشيخ ناصر المحمد عن تعازي الكويت لتونس حكومة وشعباً في هذا المصاب الأليم.

وقال المحمد: "رحم الله الرئيس السبسي وأسكنه فسيح جناته، وإلى الشعب التونسي الشقيق كل الازدهار والتوفيق في القيادة الحكيمة، وأنقل تحيات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى وتحيات الشعب الكويتي للشعب التونسي الشقيق وتمنياتنا له كل الازدهار والتوفيق".

تأبين القادة

وفي كلمته خلال مراسم التشييع، أكد الرئيس الفرنسي ماكرون أن السبسي، الذي شغل منصب الرئاسة منذ عام 2014 في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية ونزيهة تعرفها تونس، كان مناضلاً عظيماً ولديه قدرة على الإقناع، مشيرا إلى أنه تعلم منه الكثير من الحكمة.

وقال ماكرون: "أود التعبير عن مناخ الطمأنينة في تونس رغم أجواء الحزن التي تخيم عليها"، مضيفاً أن السبسي "من بين الذين وقفوا بشجاعة من أجل تونس المضيئة والمنفتحة والمتشبثة بالقيم الكونية، وتحمل من أجل ذلك الكثير، والشعب التونسي سيعترف بما قدمه وسيعمل على استكمال مسيرته".

وفي كلمة مماثلة، وصف محمد الناصر، رئيس تونس المؤقت، السبسي بأنه "مهندس الوفاق الوطني"، مشدداً على دوره في "تأمين الانتقال الديمقراطي واستقرار تونس".

وإذ أشاد الناصر بتحمل السبسي المسؤولية في ترسيخ قيم الحرية وحرصه على نجاح الخيار الديمقراطي والتوافق الوطني، اعتبر نظيره الجزائري أن رحيل السبسي خسارة، لا للعائلة وتونس فقط، بل للجزائر والعرب وكافة محبي السلام في العالم، مشيراً إلى أنه رأي في الفقيد الرجل المدافع عن الحق والعدالة، الحريص على معرفة أدق التفاصيل.

ظروف صعبة

وتحدث الرئيس الفلسطيني عن تاريخ الفقيد وإسهاماته الوطنية، مبيناً أنه حمى تونس واستقرارها وديمقراطيتها في أصعب الظروف، ومشيراً إلى أن رحلة العودة الفلسطينية بدأت من تونس.

وبدوره، أكد السراج أن حياة السبسي شكلت نموذجاً للإصرار والتحدي، حيث امتلك شخصية ذات ملامح، مشيراً إلى أنه أفنى حياته في سبيل خدمة شعبه ووطنه.

وفي حين اعتبر رئيس البرتغال أن الراحل غيّر التاريخ، أعلن ملك إسبانيا عن وقوفه إلى جانب تونس فى هذا الظرف العصيب، مؤكداً أنه سوف يواصل العمل معاً من أجل أن نجعل من فضاء البحر المتوسط، فضاء سلام وحوار وازدهار واستقرار.

ومعلقاً على وفاة خصمه السياسي لسنوات طويلة، قال الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي إن "الموت يلغي كل الخصومات"، داعياً إلى "مزيد من الهدوء وضبط النفس والتحلي بروح المسؤولية تجاه الوطن وسلامته، والتمسك بالدستور وبمؤسسات الدولة ولا شيء غيرهما".

وبرحيل السبسي، الذي شغل منصب الرئاسة منذ عام 2014 في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية ونزيهة تعرفها تونس، تودع تونس أحد أبرز الشخصيات السياسية في تاريخها منذ بناء الدولة الوطنية الذي كان أحد بُناتها، عقب الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1957.

ترشيح الغنوشي

إلى ذلك، لم يستبعد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني، ترشيح زعيم الحركة راشد الغنوشي للانتخابات الرئاسية، المقررة في 17 سبتمبر المقبل.

وقال الهاروني، في مقابلة تلفزيونية: "نحن نستعد للانتخابات التشريعية، وبدأنا فعلياً تقديم قوائم مرشحينا، وسيدخل رئيس الحركة راشد الغنوشي البرلمان بصفته نائبا في مرحلة أولى".

وتابع: "سندرس الوضع الجديد وطبيعة الدور الذي سيلعبه رئيس الحركة داخل الدولة، لكن ما نحن متفقون عليه داخل المكتب التنفيذي، وما لم يعارضه مجلس الشورى، هو أن رئيس الحركة لا يجب أن يبقى خارج الدولة، لأنها مرحلة تجاوزناها، وقام بدوره كزعيم وطني، وآن للنهضة أن تعزز حضورها داخل الدولة من خلال رئيسها".

back to top