أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أنه لا قيمة اقتصادية لمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنظمة التجارة العالمية بتغيير صفة مجموعة دول أعضاء مصنفة بـ "النامية" "وهي غنية"، بينها الكويت، مهدداً باتخاذ إجراءات أحادية الجانب تجاهها "إذا لم يحدث ذلك"، واصفين تأثيرها على الكويت بـ "المحدود والبسيط".

وقال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون، إن "المنطق يقول إن ترامب هو المتضرر الأكبر، لأننا نستثمر في سنداته، وفي الأصول العقارية والأسهم وغيرها، ونستورد كل الخدمات والسلع الأميركية، ولا نصدر إلا المواد الخام فقط".

Ad

أما أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت د. عباس المجرن فعقّب على مطالبة الرئيس الأميركي بتصنيف الكويت دولة متقدمة، قائلاً، إن "أي إعادة لتصنيف الدول يجب أن تكون متوافقة مع ما تقرره المنظمات المتخصصة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، وألا تصدر عن إدارة حكومية بذاتها".

ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عبدالمجيد الشطي، أن تأثير مطالبة ترامب على البلاد يمكن أن يكون طفيفاً، مبيناً أن "الكويت ليس لديها صادرات كبيرة إلى أميركا يمكن أن تفرض عليها الأخيرة رسوماً جمركية، فنحن لا نصدر لها سلعة النفط كثيراً، باستثناء قطاع البتروكيماويات".

بدوره، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة النمش العالمية علي النمش، أن مطالبة ترامب تحمل أثرين؛ أحدهما إيجابي، والآخر سلبي، مستدركاً "ولكن بالمجمل العام فإن التأثير سيكون بسيطاً".

الدول النامية... وامتيازاتها

لا تعطي منظمة التجارة العالمية تعريفاً لـ «الدول النامية»، وبحسب قانون المنظمة، المنشور على موقعها الرسمي، فإن الحصول على تصنيف «دولة نامية» في المنظمة يعتمد إلى درجة كبيرة على التصنيف الذاتي، إذ يعلن الأعضاء أنفسهم دولاً «متقدمة» أو «نامية».

ومن أصل 164 دولة عضواً في المنظمة، تصنف 144 دولة نفسها نامية. وتتمتع البلدان النامية بالمعاملة الخاصة والتفضيلية في كثير من اتفاقيات منظمة التجارة، ولديها التزامات أقل أو أبسط، ومدد أطول

لتنفيذ الالتزامات في بعض الاتفاقيات، وتتلقى معونة فنية من المنظمة.

على سبيل المثال، يوجب قانون المنظمة على أعضائها «إعطاء أولوية كبرى لتقليل وإزالة الحواجز على التجارة في منتجات لها أهمية تصديرية خاصة، حالية أو محتملة، لأعضاء البلدان النامية، والإحجام عن فرض تعريفات أعلى أو عوائق لا تتعلق بالتعريفة على التجارة مع أعضاء البلدان النامية».

ويعترف القانون بمبدأ عدم المعاملة بالمثل في المفاوضات التجارية بين أعضاء البلاد المتقدمة والنامية، وبالتالي يسمح لأعضاء الدول المتقدمة بأن يمنحوا البلدان النامية معاملة أكثر تفضيلاً بالنسبة للتعريفات.

ويسمح القانون للأعضاء بالاعتراض على استفادة عضو من شروط المعاملة الخاصة والتفضيلية المتاحة للبلدان النامية.

وقال مستشار شركة أرزاق كابيتال صلاح السلطان، إن تأثير هذه المطالبة على الاقتصاد الكويتي سيكون طفيفاً، مؤكداً ضرورة أن تتحوط الكويت من مثل هذه القرارات مستقبلاً عبر تنويع تجارتها مع الدول المختلفة، وفتح أسواق جديدة.

وكان الرئيس الأميركي، الذي شن أمس الأول عدة هجمات على أكثر من محور في الحرب التجارية التي يقوم بها، طالب منظمة التجارة العالمية بتغيير صفة مجموعة دول أعضاء، بينها الكويت والإمارات وقطر من دول نامية إلى دول متقدمة، مهدداً باتخاذ إجراءات أحادية الجانب تجاهها في حال عدم حدوث ذلك.

وفي مذكرة رئاسية خاصة أصدرها أمس الأول، قال ترامب، إن 7 من أغنى 10 اقتصادات في العالم، تقاس بإجمالي الناتج المحلي للفرد الواحد عند تعادل القوة الشرائية، هي هونغ كونغ وبروناي وماكاو وسنغافورة والإمارات وقطر والكويت، تصنف نفسها دولاً نامية رغم أنها غنية.

وأضاف أن المكسيك وتركيا وكوريا الجنوبية، أعضاء في مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتعتبر نفسها كذلك دولاً نامية.

ووجّه ترامب الممثل التجاري الأميركي بإصدار تقرير في غضون 90 يوماً، مضيفاً أنه في حال عدم تحقيق منظمة التجارة "تقدماً جوهرياً" في إجراء الإصلاح الخاص بهذا المجال، فستوقف واشنطن تعاملها مع تلك الدول المذكورة باعتبارها "نامية"، موضحاً أن بلاده لن تدعم عضوية أي من هذه الدول بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وأوضح أن هذا الإجراء يهدف إلى منع الدول النامية "المعلنة من طرف واحد" من حصد "فوائد تجارية غير عادلة" تحصل عليها بسبب قواعد المنظمة.

وجاء في المذكرة: "تم إنشاء منظمة التجارة العالمية لتحفيز وتحسين النمو الاقتصادي ورفع المستويات المعيشية من خلال وضع قواعد تجارة عالمية تقوم على مبادئ الشفافية والانفتاح والقدرة على التنبؤ".

استشارات قبل الإجراءات

تدعو المذكرة الرئاسية، التي أصدرها دونالد ترامب، «الممثل التجاري للولايات المتحدة» (USTR) إلى تحديد مدى التقدم الذي جرى فيما يخص المطالب الأميركية بعد 90 يوماً. وبحسب المذكرة، فإن على الممثل التجاري، قبل اتخاذ أي إجراء، أن يقوم بما يلي:

- التشاور مع لجنة السياسة التجارية (TPS).

- التشاور مع مجلس الأمن القومي والمجلس الاقتصادي القومي.

- الأخذ بالاعتبار مدى انخراط عضو منظمة التجارة العالمية في حركة التجارة العالمية، وعضويتها في منظمات إقليمية اقتصادية رئيسية، ومستواها بالنسبة إلى المؤشرات الاقتصادية النسبية، وأي مؤشرات أخرى تراها وكالة USTR مناسبة.

- يجب على «USTR» أن تنشر على موقعها الإلكتروني قائمة بجميع البلدان النامية المعلنة ذاتياً، والتي تعتقد «USTR» أنها تسعى بشكل غير ملائم إلى الاستفادة من المرونة التي تمنحها قواعد منظمة التجارة العالمية ومفاوضاتها للبلدان النامية.

وأضافت: "عندما تدعي أغنى الاقتصادات أنها دول نامية فإنها لا تضر فقط بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، بل وأيضاً بالاقتصادات التي تتطلب حقاً معاملة خاصة وتفضيلية".

وتابعت أنه "لا يمكن أن يستمر هذا التجاهل للالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك التجاهل المحتمل لأي قواعد مستقبلية دون رادع".

وتطرقت إلى حالة الصين، فقالت إن "بكين توضح هذه النقطة بشكل مثير للدهشة، إذ إنها، منذ انضمامها إلى منظمة التجارة في 2001، واصلت الإصرار على أنها دولة نامية، وبالتالي لها الحق في الاستفادة من المرونة في ظل أي قواعد جديدة للمنظمة".

وأكدت المذكرة أن الولايات المتحدة "لم تقبل قط مطالبة الصين بوضعها في مصاف الدول النامية، لأن كل مؤشر اقتصادي حالي يكذب مطالبتها".

وأشارت إلى أن "الصين والعديد من الدول الأخرى واصلت تصنيف نفسها كدول نامية، مما أتاح لها التمتع بالمزايا التي تأتي مع هذا الوضع، والسعي لالتزامات أضعف من تلك التي تعهد بها أعضاء منظمة التجارة الآخرون".

وقبيل إصدار المذكرة كتب ترامب على "تويتر": "منظمة التجارة العالمية أصبحت معطلة، فعندما تدعي أغنى دول العالم أنها دول نامية لتجنب قواعد المنظمة، وتحظى بمعاملة خاصة. يكفي!!!. وجهت اليوم الممثل التجاري للولايات المتحدة لاتخاذ إجراء لوقف مخادعة تلك البلدان للنظام على حساب الولايات المتحدة".