شنت إيران هجوما هو الأعنف على تحرك الدول الأوروبية باتجاه إرسال مهمة حماية عسكرية لخطوط الملاحة بالخليج، ووصفتها بـ"الاستفزازية والعدائية"، تزامناً مع ثاني أيام زيارة الوزير المكلف الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي إلى طهران، بهدف خفض التوتر في المنطقة.

وقال الرئيس حسن روحاني لدى استقباله الوزير العماني إن "وجود القوات الأجنبية لن يساعد الأمن في المنطقة، بل سيكون المصدر الرئيسي للتوتر"، مشيراً إلى أن المسؤولية الأساسية لتأمين مضيق هرمز تقع على عاتق إيران وسلطنة عمان.

Ad

وتابع روحاني: "جذور الأحداث المؤسفة والتوتر في المنطقة اليوم تكمن في الانسحاب الأميركي أحادي الجانب" من الاتفاق النووي الإيراني.

وكرر وصف الخطوة البريطانية باحتجاز ناقلة نفط إيرانية يشتبه في أنها كانت تنقل المحروقات إلى سورية بالمخالفة للعقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق عند جبل طارق- بغير القانونية، مؤكداً أن لندن "ستتضرر من جرائها".

وشدد على أن طهران ستواصل "التصدي بقوة" لما يمس قوانين الملاحة في المنطقة، بما يتضمن مضيق هرمز وبحر عمان، الأمر الذي من شأنه تعريض أمن بلاده للخطر.

في موازاة ذلك، علق المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي على التوجه الأوروبي، مندداً بـ"الرسالة العدائية" وبالخطوة "الاستفزازية" التي "ستفاقم التوتر".

استقرار الأمن

في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس الشورى "البرلمان" الإيراني علي لاريجان، خلال استقباله بن علوي، بعض دول المنطقة إلى تغيير سياساتها "إن اردات أمنا مستقرا".

وكان بن علوي التقى أمس الأول في طهران وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

وشدد بن علوي بعد لقائه شمخاني على ضرورة مراعاة جميع الدول لقواعد السلامة، وخاصة في هرمز، وأن تتجنب التصرفات التي من شأنها أن تؤدي إلى خلق أزمة.

وعلمت "الجريدة" من مصدر إيراني أن الوزير العماني طرح مبادرة لتسلم ناقلة النفط البريطانية "سبينا إمبير" التي تحتجزها إيران، مقابل ضمانة عمانية بتحرير الناقلة الإيرانية "غرايس1" المحتجزة عند جبل طارق، وهو ما قابله الجانب الإيراني باشتراط أن تطلق لندن الناقلة الإيرانية أولاً.

مخرج وتلويح

إلى ذلك، وصف نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اجتماعا طارئا عقد في فيينا أمس، بهدف إيجاد مخرج لإنقاذ الاتفاق النووي، بعد تقليص طهران التزاماتها المتعلقة به، ردا على ما أسمته فشل الأطراف الأخرى في حمايتها من العقوبات الاقتصادية الأميركية- بالبنّاء.

وشارك مبعوثون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا وإيران في الاجتماع، الذي يأتي بعد شهر من فشل اجتماع مماثل في تحقيق انفراجه في الأزمة التي بدأت مع انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة مايو 2018.

وقبل الاجتماع صرح عراقجي بأن "احتجاز ناقلة النفط عند جبل طارق يمثل برأينا انتهاكا للاتفاق النووي، لأن البلدان الأعضاء في الاتفاق لا ينبغي أن تضع أي عقبات أمام صادرات النفط الإيرانية".

في السياق، أبلغ رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي نوابا، أمس، بأن إيران ستستأنف العمل في مفاعل آراك النووي للماء الثقيل.

ونقلت وكالة "الطلبة" عن نائب في البرلمان حضر اجتماعا بين النواب وصالحي أنه يمكن استخدام الماء الثقيل في المفاعلات لإنتاج البلوتونيوم، وهو وقود يستخدم في صناعة الرؤوس الحربية النووية.

وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية، حث نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف طهران على الامتناع عن اتخاذ خطوات متصاعدة حول الاتفاق النووي، بما في ذلك حجم إنتاج الماء الثقيل، وأكد أنه يتعين على جميع المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة تحمل المسؤولية.

تعزيزات بريطانية

وتزامن الهجوم الإيراني مع إعلان وزارة الدفاع البريطانية وصول سفينة حربية بريطانية ثانية إلى الخليج، لتعزيز عمليات حماية ناقلات النفط والسفن الأخرى.

وذكرت الوزارة أن المدمرة "إتش إم إس دنكن"، ستنضم إلى الفرقاطة "إتش إم إس مونتروز"، لـ "دعم المرور الآمن للسفن التي ترفع علم بريطانيا" عبر هرمز ولـ "توفير الاطمئنان لصناعة الشحن".

وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن "حرية التنقل عبر هرمز أمر حيوي، ليس فقط للمملكة المتحدة، ولكن لشركائنا وحلفائنا الدوليين أيضاً. يجب أن تكون السفن التجارية حرة في السفر بشكل قانوني والتجارة بأمان، في أي مكان في العالم".

وأضاف الوزير أنه "بينما نواصل الضغط من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي يجعل هذا ممكناً مرة أخرى دون مرافقة عسكرية، ستواصل البحرية الملكية توفير الحماية لسفن المملكة المتحدة".

ووفقاً لوزارة الدفاع البريطانية، رافقت "مونتروز" حتى الآن 35 سفينة تجارية في 20 عبوراً منفصلاً عبر هرمز.

موقف جونسون

في هذه الأثناء، أفادت صحيفة "تايمز" بأن رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون وضّح تأييده المبدئي إزاء مبادرة وزير الخارجية السابق جيريمي هانت تشكيل مهمة أوروبية مشتركة لتأمين الملاحة في الخليج.

وأكدت الصحيفة أن قرار جونسون، لدى توليه مقاليد الحكم، إقالة هانت، منافسه في السباق من أجل رئاسة الحكومة، استدعى تساؤلات بخصوص مدى التزام حكومة لندن بهذا المقترح، غير أن رئيس الوزراء الجديد خفف هذه المخاوف وأعرب عن دعمه الأولي للمشروع الذي يأتي بالتوازي مع جهود الولايات المتحدة لإطلاق تحالف دولي واسع بهدف حماية الملاحة في الخليج.

وقال 3 دبلوماسيين أوروبيين كبار، الأسبوع الماضي، إن فرنسا وإيطاليا والدنمرك قدمت دعمها المبدئي لخطة بريطانية لتشكيل مهمة بحرية بقيادة أوروبية لضمان سلامة الشحن البحري عبر مضيق هرمز، في اقتراح طُرح عقب احتجاز إيران للناقلة البريطانية.