أظهرت الليلة الأولى من مناظرات المرشحين الديمقراطيين للسباق إلى الرئاسة الأميركية في انتخابات 2020، في الجزء الثاني منها، حجم الانقسام في الأفكار والسياسات في الحزب الديمقراطي.

وشارك في المناظرات، مساء أمس الأول، 10 من المرشحين البالغ عددهم أكثر من 20، وبشكل رئيسي كل من اليساري بيرني ساندرز (77 عاماً)، والسيناتور إليزابيت وارين (70 عاماً)، وهما حاملا المعايير التقدمية اللذان شكلا جبهة واحدة مقابل سلسلة المرشحين الآخرين المعتدلين.

Ad

وبدا الخلاف واضحاً بين التقدميين عند ساندرز ووارين من جهة، والوسطيين من جهة ثانية، كما مثلهم حاكم مونتانا، ستيف بولوك.

خلافات

وحسب صحيفة «ذا هيل» الأميركية، فإن النقاشات أظهرت خلافات الديمقراطيين على الملأ.

وذكرت الصحيفة، أنه «منذ شهور وثمة معركة محتدمة بين المرشحين الوسطيين والتقدميين، غير أنها هذه المرة اندلعت للرأي العام».

وأطلق الشرارة في المناظرة، النائب السابق بالكونغرس، جون ديلاني، في كلمته الافتتاحية، بقوله صراحة: «لا يمكننا السير على الطريق الذي يريد السيناتوران ساندرز ووارين أخذنا به»، في حين وجه حاكم كولورادو السابق، جون هيكنلوبر، انتقادات مقنعة لا لبس فيها لليبراليين، قائلاً إنه بينما يعتبر نفسه تقدمياً لكنه «أكثر براغماتية».

جبهة واحدة

أما ساندرز، فقد أخذ الكثير من الوقت في الكلام، لكنه بدا ووارين في خط واحد مقابل الوسطيين من الحزب الديمقراطي. ويمكن القول، إن حاملي المعايير التقدمية شكلوا جبهة واحدة مقابل سلسلة المرشحين الآخرين المعتدلين.

ودافع ساندرز، ووارين، وجها الجناح اليساري بحماس عن برنامجيهما لإجراء إصلاحات جذرية من أجل الانتصار على الجمهوري دونالد ترامب، بينما عبّر منافسوهما عن خشيتهم من «دفع الناخبين المستقلين إلى الهرب» بذلك.

ووارين وساندرز المتعادلان في استطلاعات الرأي، يمكنهما تهديد المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي جو بايدن، الذي كان نائب الرئيس السابق باراك أوباما، والأكثر اعتدالاً على الأرجح بين كل المرشحين.

تغيير جذري

وقالت السناتورة وارين في بداية المناظرة التي جرت بين 10 من المرشحين الـ 20 للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في قاعة مسرح في ديترويت واستمرت ساعتين و45 دقيقة، «لن نحل المشاكل العاجلة التي تواجهنا بأفكار صغيرة غير واضحة».

ودعت إلى «تغيير كبير وبنيوي»، محذرة من أن سياسة «ضعيفة» لإجراء إصلاحات جذرية ستؤدي إلى إبقاء «نظام محكم ساعد الأثرياء وأصحاب العلاقات الجيدة ودفع بالقذارة في وجه كل شخص آخر».

الرعاية الصحية

ومع ساندرز، دافعت وارين عن تبني برنامج «الرعاية الصحية للجميع» (ميديكير) وعن تغطية طبية شاملة تموّلها صناديق عامة من دون أي دور لشركات التأمين الخاصة، وإسقاط الملاحقات الجزائية ضد المهاجرين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية أو إلغاء ديون طلاب.

انتقادات

لكن عضو الكونغرس السابق المعتدل جون ديلاني، انتقد طروحاتهما التي تشبه «قصصاً خرافية اقتصادية». وقال إن «سياسات سيئة مثل (ميديكير للجميع) وتحرير كل شيء ووعود مستحيلة ستدفع الناخبين المستقلين إلى إعادة انتخاب ترامب».

أما حاكم مونتانا ستيف بولوك، فانتقد دعوتهما إلى إسقاط الملاحقات عن المتسلّلين، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم المشكلة. وقال إن «نظام هجرة سليم يحتاج إلى قائد سليم ويمكننا تحقيق ذلك من دون اللجوء إلى إسقاط الملاحقات» عن هؤلاء. وأكد بولوك أن مهمته هي «استعادة الأماكن التي خسرناها» لمصلحة ترامب في 2016.

ويحظى كل من وارين وساندرز بتأييد نحو 15 في المئة من الناخبين الديمقراطيين، لكن بايدن الذي شارك في مناظرة مع مرشحين آخرين أمس، يتقدّم عليهما بفارق كبير وحصل على 32 في المئة من نوايا التصويت.

وبسبب العدد الكبير للمرشحين، اختارت شبكة CNN إجراء المناظرة في جزئين شارك في كل منهما عشرة مرشحين.

أما بيت بوتيجيج (37 عاماً)، المثلي والذي يأتي في المرتبة الخامسة في استطلاعات الرأي بحصوله على ستة في المئة من الأصوات، فقد دعا إلى عدم الاكتراث بتعليقات الجمهوريين. وصرح: «سيقولون أننا عصابة اشتراكيين مجانين سواء كان البرنامج يسارياً أو لم يكن».

الحزب الجمهوري

وبالفعل، ما إن انتهت المناظرة حتى دان الحزب الجمهوري على حسابه على «تويتر» «المزايدة في المقترحات المتطرفة والاشتراكية» وهي عبارة تستخدم لوصف اليسار الراديكالي في الولايات المتحدة.

وتوقع الحزب أن يحقق ترامب فوزاً كبيراً في الانتخابات التي ستجري بعد 15 شهراً.

وكان عدد من المرشحين الديمقراطيين اعتبروا في مناظرة امس الأول، أن دحر الملياردير الجمهوري ليس الرهان الوحيد في الحملة، واعدين بإعادة «السلطة المعنوية» أو «قيم» الولايات المتحدة إذا وصلوا إلى السلطة.

وبعيداً عن خلافاتهم، اجتمع الديمقراطيون في إدانة ترامب الذي اتهمته السناتورة ايمي كلوبوشار بأنه «عنصري»، ليضيف ساندرز أن ترامب «يميز بين الجنسين ويكره المثليين».

بايدن وهاريس

إلى ذلك، تم أمس، تسليط الأضواء على بايدن (76 عاماً) والسناتورة كامالا هاريس التي تحتل المرتبة الرابعة في استطلاعات الرأي حيث تلقى تأييد 10.5 بالمئة من الناخبين الديمقراطيين.

ويذكر أنه في المناظرة الأولى التي جرت قبل شهر، هاجمت السناتورة السوداء بايدن على مواقف تبناها في الماضي من التمييز العنصري. وقد فوجىء ودافع عن نفسه بدون حماس بينما كسبت هاريس بعض الشعبية.

على صعيد آخر، أصدر الحاكم الديمقراطي لولاية كاليفورنيا، أمس الأول، قانوناً يمنع الرئيس دونالد ترامب من الترشّح، في الولاية، للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري إلى الانتخابات الرئاسية إذا لم ينشر إقراراته الضريبية. والقانون الذي دخل حيّز التنفيذ، أمس الأول، لا يذكر صراحة اسم الرئيس ترامب الذي سيكون المرشح التلقائي للحزب الجمهوري إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2020 ما لم تحدث مفاجأة ضخمة غير متوقعة تغيّر هذا الواقع.