«حذف الأصفار» من العملة ليس إجراءً ناجحاً لمكافحة التضخم

من فنزويلا إلى إيران المحاولات أفرزت مصاعب اقتصادية أكبر

نشر في 02-08-2019
آخر تحديث 02-08-2019 | 00:02
No Image Caption
فكرة حذف الأصفار الأربعة من العملة الإيرانية ليست وليدة هذا العام أو منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ويتم تداولها منذ سنوات، لكنها اكتسبت قوة حقيقية مع فقدان الريال الإيراني ما يزيد على 60%
من قيمته عام 2018.
وافقت الحكومة الإيرانية، أمس الأول، على مقترح قدمه البنك المركزي أوائل يناير الماضي، يقضي بحذف أربعة أصفار من عملتها وإعادة تسميتها، في خطوة يعتقد محللون أنها جاءت في المقام الأول لمواجهة التضخم المتفاقم تزامناً مع تشديد العقوبات على طهران.

وقررت طهران إعادة تسمية عملتها، لتطلق عليها "تومان"، وهي وحدة كبيرة سابقة من العملة الرسمية جرى تداولها حتى عام 1925 والتومان الواحد بعشر وحدات من الريال الإيراني.

لماذا؟

فقدت العملة الإيرانية الكثير من قيمتها نتيجة العقوبات من واشنطن، بعدما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب بلاده من الاتفاق النووي مع طهران، إذ كان كل دولار يساوي 32 ألف ريال إيراني عند توقيع الاتفاق في 2015، مقارنة بـ 120 ألفاً هذه الأيام.

ومع تشديد العقوبات على طهران، التي استهدفت تقويض أحد أهم مصادر الدخل لديها وهو صادرات النفط، ومع انهيار قيمة العملة، ارتفع التضخم بشكل حاد، مما أثر على أسعار كل شيء داخل البلاد، بما في ذلك الغذاء والأدوية، بحسب "دويتشه فيله".

ولتوضيح حجم المعاناة، أصبح على السكان المحليين الآن دفع ما يزيد على مليون ريال (أي ما يعادل 30 دولاراً أو 27 يورو) للتسوق من متاجر البقالة بغرض تلبية بعض الحاجات الأساسية.

وتقول الولايات المتحدة، إن الأدوية والسلع الإنسانية مستثناة من العقوبات، لكن القيود المفروضة على التجارة جعلت العديد من البنوك والشركات في جميع أنحاء العالم مترددة في التعامل مع إيران، خوفاً من اتخاذ تدابير عقابية في حقها.

نتيجة لذلك، أصبحت إيران معزولة عن النظام المصرفي الدولي، وحاولت الحفاظ على الوضع الاقتصادي عبر السيطرة على أسعار صرف العملات الأجنبية، ومقاومة أولئك الذين يقومون بتحويل أموالهم من الريال إلى العملات الأخرى.

ميلاد الفكرة

- فكرة حذف الأصفار الأربعة من العملة الإيرانية ليست وليدة هذا العام أو منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ويتم تداولها منذ سنوات، لكنها اكتسبت قوة حقيقية مع فقدان الريال الإيراني ما يزيد على 60 في المئة من قيمته عام 2018.

ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979، شهدت البلاد جموحاً في نمو التضخم (فقط أربع سنوات مالية انخفض فيها إلى معدل من رقم واحد، أي دون 10 في المئة)، ونظرت السلطات في إعادة تقييم العملة منذ عام 1994 عندما زاد التضخم بنسبة 49 في المئة.

وجاءت المحاولة الثانية عام 2008 أثناء حكم محمود أحمدي نجاد، الذي كشف في 2010 عن مقترح لحذف 3 أصفار، لكن في المناسبتين، تم التراجع عن الفكرة بسبب الشكوك الكثيرة حولها وفشل المسؤولين في التوصل إلى طريقة لتنفيذها، وفقاً لـ"فورين بوليسي".

موافقة الحكومة الإيرانية قد تكون نقطة تحول بعد تقديم المقترح إليها من البنك المركزي، لكنها ليست نهاية المطاف، وبحسب "رويترز" سيتوجب على البرلمان النظر في الخطة والموافقة عليها قبل سريانها.

قال محافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي"في يناير الماضي، إنه بعد موافقة الحكومة والبرلمان، ستكون هناك حاجة لسحب العملات القديمة من السوق وطباعة أوراق مالية جديدة، مشيراً إلى أن عملية استبدال العملة الوطنية بالكامل سيستغرق قرابة العامين.

هل تنجح؟

لن تكون إيران أول من يقدم على عملية إعادة تقييم العملة المحلية، إذ كانت فنزويلا آخر من قام بها، عندما قررت في صيف عام 2018 إلغاء خمسة أصفار من عملتها لمواجهة التضخم المفرط، والذي لم يظهر أي علامات على التراجع بعد أشهر من هذه الخطوة.

مع ذلك، هناك أمثلة أكثر جموحاً في تاريخ عمليات إعادة تقييم العملات المحلية، مثلًا، ألغت المجر 29 صفراً من عملتها عام 1946، وألغت زيمبابوي 12 صفراً من العملة المحلية عام 2009.

عندما أعلنت فنزويلا نيتها إعادة التقييم العام الماضي، وصف الاقتصاديون الخطة بأنها قصيرة النظر ولا تعالج المشاكل الهيكلية المسببة للتضخم المفرط والأزمة الاقتصادية، وكذلك سيكون الحال لإيران.

في المثال الفنزويلي، قال محللون إنه إذا لم يتغير أي شيء إلى جانب شكل الأوراق النقدية، فقد يتعين على الحكومة حذف المزيد من الأصفار مجددًا بعد أشهر، مؤكدين ضرورة معالجة العجز المالي وأهمية الإصلاح الهيكلي.

مع ذلك، ففي التاريخ الحديث أمثلة ناجحة على عملية إعادة التقييم، مثلما فعلت البرازيل خلال التسعينيات، التي جاءت مصحوبة بعمليات إصلاح موسعة، لكن المثال الإيراني قد يكون مختلفاً نظراً لتعرض البلاد لضغوط خارجية متمثلة في العقوبات المقوضة للاقتصاد.

الولايات المتحدة تقول إن الأدوية والسلع الإنسانية مستثناة من العقوبات
back to top