بينما كان متوقعاً أن يظهر جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق الذي يتفوّق في استطلاعات الرأي على منافسيه والأوفر حظاً بين الديمقراطيين في هزيمة دونالد ترامب العام المقبل في السباق إلى البيت الأبيض، مليئاً بالطاقة ومستعداً للمعركة بعد أداء فاتر في مناظرة جرت الشهر الماضي، فإنه تعرّض لشتّى الهجمات، أمس الأول، خلال المناظرة الثانية مع منافسيه الذين تطرقوا إلى كل مواقفه منذ دخوله معترك السياسة قبل نحو نصف قرن.

وبادر بايدن لمهاجمة إحدى أبرز منافساته، كامالا هاريس على خلفية مواقفها فيما يتعلّق بالرعاية الصحية قائلاً: "لنكن صريحين، لا يمكنك التغلّب على ترامب مع ازدواجية خطابك على هذا الصعيد".

Ad

وردّت السيناتورة السوداء على هجومه بالعودة إلى الموضوع الذي شكل محور المواجهة الأخيرة بينهما في المناظرة السابقة: علاقاته قبل عقود بأعضاء من الكونغرس دعوا إلى الفصل العنصري.

وقالت: "لو تمكّن دعاة الفصل العنصري هؤلاء من فرض آرائهم لما أصبحت سيناتورة اليوم، ولما كان باراك أوباما قادراً على تسميتك" نائباً له.

ويتصّدر بايدن السباق حتى الآن بفارق كبير عن منافسيه وبلغت نسبة تأييده 32 في المئة في صفوف الناخبين الديمقراطيين، في حين يأتي السيناتوران التقدميان بيرني ساندرز وإليزابيت وارين في المرتبة الثانية مع نسبة تأييد تبلغ 15 في المئة، مما يجعله هدفاً مشروعاً لمنافسيه.

لكن اللهجة أصبحت أكثر حدة، أمس الأول، وخصوصاً فيما يتعلّق بسلوكه في قضايا القضاء الجنائي، والهجرة وحقوق النساء.

بوكر

وانتقد السيناتور كوري بوكر، بايدن، الذي تولى منصب سيناتور على مدى 36 عاماً لمشاركته في "كل القوانين الجنائية" منذ سبعينيات القرن الماضي، والمسؤولة عن توقيف ملايين الأميركيين.

وقال إن "في السجون اليوم أشخاصاً محكومين مدى الحياة بسبب هذه القوانين"، مضيفاً "لا نتكّلم عن الماضي، نحن نتكلّم عن الحاضر".

ويعتبر بوكر وهاريس، أبرز مرشحين أسودين لبايدن البالغ 76 عاماً في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.

كذلك هوجم بايدن لرفضه وقف الملاحقات بحق من يدخلون بصورة غير شرعية للبلاد عبر الحدود المكسيكية. ورد بايدن: "يجب أن نكون قادرين على طرد الذين يدخلون بصورة غير شرعية. إنها جريمة".

لكنّه أقر بأنه ارتكب "خطأ في التقدير" بتأييده للتدخل العسكري الأميركي في العراق في عام 2003.

ولدى وصوله إلى مسرح المناظرة، بادر بايدن كامالا هاريس البالغة 54 عاماً بالقول: "كوني لطيفة معي يا فتاة"، لكن المرشّحة لم تلب طلبه. فقد هاجمته لدعمه حتى الماضي القريب قانوناً يحظر استخدام الأموال الفدرالية لتمويل عمليات الإجهاض.

لكن السيناتورة التي تضعها الاستطلاعات في المركز الرابع لم تسلم من الانتقادات.

وانتقدتها النائبة تولسي غابارد لحبسها بصفتها مدعية عامة في كاليفورنيا 1500 شخص بجرائم تتعلق بالماريغوانا والإبقاء على نظام لإطلاق السراح بكفالة لا يقدر الأكثر فقراً على تسديدها.

«الروح الأميركية»

وأجمع المرشّحون في افتتاح مداخلاتهم على تأكيد قيم الوحدة من أجل التغلّب على ترامب واستعادة "الروح" الأميركية.

لكن بوكر اعتبر أن ترامب سيكون "أكثر من يتمتّع بالنقاش الآن".

واعتبر بايدن الأسئلة المرتبطة بسنّه "مشروعة" وقد أعطى منتقديه مادة جديدة في نهاية النقاش حين دعا مناصريه لدخول موقع "جو30330" بدلاً من أن يطلب منهم إرسال رسالة نصية بذلك لدعم حملته.

ونظراً إلى كثافة المرشحين الديمقراطيين، جرت مناظرتان في ديترويت، شارك في كل منها عشرة مرشّحين، أسوة بالمناظرة السابقة. وسلّطت مناظرة، أمس الأول، الأضواء على الانقسامات داخل الحزب، لكن النقاشات كانت أكثر أيديولوجية واستراتيجية.

ودافع وجها الجناح اليساري ساندرز ووارين بحماس عن برنامجيهما لإجراء إصلاحات جذرية، في حين دعا المرشحون الوسطيون إلى عدم "دفع الناخبين المستقلين إلى الهرب".

جو النعسان

وغالبا ما يطلق ترامب على بايدن تسمية "جو النعسان" ويعتبر أن "لياقته البدنية تراجعت" عن السابق، لكن الرئيس الأميركي يتوقّع فوز نائب الرئيس الأميركي السابق بترشح الحزب الديمقراطي للرئاسة.

وانتقد ترامب بشدة ما جرى في المناظرة الأولى، وأكد على "تويتر" أنه الوحيد الذي يمكن ائتمانه على أموال البلاد.

وكتب: "الأشخاص الذين شاهدتهم على المسرح الليلة (قبل) الماضية، أضف اليهم جو النعسان، وهاريس والبقية، سيقودوننا إلى مستنقع اقتصادي لم نر مثله من قبل".

وستقام المناظرة المقبلة أواسط سبتمبر وستكون شروط المشاركة أكثر صرامة. ولن يتأهل إلا عشرة مرشحّين.

وسيجرى أول تصويت في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا في 3 فبراير 2020.