٢-٨-١٩٩٠ يوم نُحرت العروبة وانتُهكت الأخلاق، وكشفت الذئاب الغادرة عن أنيابها، عندما خان النظام العراقي ومن عاونه من الأنظمة الحاقدة والشعوب المغيبة والجماعات الانتهازية الكاذبة كل العهود، وانقلب على كل المبادئ، وتنصل علانية من قيم الدين الإسلامي، فقرر في ليلة موحشة من تاريخ البشرية اختطاف دولة الكويت المسالمة وأهلها الآمنين... ٧ شهور قاسية، ذاق فيها أهل الكويت عامة، والصامدون منهم خاصة، مرارة الظلم الشديد والغبن المهين، وكم أتساءل: هل يستوعب أبناؤنا من الأجيال اللاحقة التي لم تدرك الغزو العراقي ولم تعايشه حقيقة ما جرى للوطن؟ هل يشعرون بما عاناه وطنهم وأهلهم؟ هل يتفكرون في حجم كارثة جلاء مئات الألوف من الكويتيين وتجمعهم خارج الوطن هذه الشهور العسيرة؟!هل يُقدِّر أبناؤنا وبناتنا ممن لم يدركوا الغزو العراقي هول المصائب التي عاشها الصامدون سبعة شهور تحت ذل الاحتلال وقهر الغزاة؟ هل تؤثر فيهم قصص الشهداء الذين تم اغتيالهم تحت نظر أهاليهم والمعتقلين الذين ذاقوا أشد أنواع التعذيب والتنكيل وهم أحياء والأسرى الذين تم اختطافهم من بيوتهم والمفقودين الذين ما زلنا نكتشف رفاتهم حتى يومنا هذا؟
هل يتخيلون حجم الخوف والذل من إقامتك في وطنك تحت رحمة شرذمة ضالة من الغزاة المعتوهين وجيش من المجرمين الفاسدين الذين لا يُحرمون فيك حراماً ولا يبقون تحت يدك حلالاً، تحت وطأة حكم عسكري متجبر ومتكبر، يلاحقك كل لحظة في خروجك ودخولك وحركتك وانتقالك وبيعك وشرائك، ومن يركب معك سيارتك ويراقبك ساعة بقائك في بيتك، غزاة بلا أخلاق ولا كرامة، لا يوقرون كبيراً ولا يحشمون امرأة، ولا يرحمون صغيراً، يدخلون البيوت بلا إذن في الليل والنهار، فيروعون سكانها ويخربون أثاثها ويسرقون ما يشاؤون، فأبعدها الله، كم كانت أياماً سوداء؟لم يكن الإنترنت قد ظهر في العالم بعد، ولم تكن القنوات الخاصة الدولية متاحة بسهولة، ولم تعرف الهواتف النقالة، وليس لنا اتصالات دولية إلا سراً بيد فئة محدودة جداً من أفراد المقاومة، ولم تكن هناك صحف تقرأ سوى جريدتهم النكراء (النداء) ولا مدارس تعلم، ولا أسواق يشتري منها الناس (إلا ما نظمه الصامدون في الجمعيات) ولا تلفاز يشاهد إلا ما صنعه النظام الغازي من الأكاذيب وأغاني «أم المهالك»، كم كانت أياماً كئيبة تقهقرت فيها الحياة في الكويت إلى عصور مظلمة.هذا تاريخ مهيب يجب أن يدرس، وعودة الكويت إلى أهلها نعمة عظيمة يجب أن تذكر، وتلك الأيام باقية في قلوبنا وعقولنا، ولا يجوز إغفالها أو تجاهلها، فلنا في تلك الأيام رجال ونساء لهم قصص ترفع الراس وبطولات تسطر، رسم أهل الكويت فيها ملحمة وطنية عصماء أبهرت العالم أجمع، وإذا لم نحافظ على هذا التاريخ لأجيالنا اللاحقة ولم نورث هذه الأعمال الجليلة لأبنائنا فعن أي شيء عسانا أن نحدثهم من تاريخ الكويت؟ فهل بعد قصص الغزو والصمود والأسر والاستشهاد والتحرير قصص؟ رحم الله شهداءنا الأبرار والحمد لله على نعمة التحرير.
مقالات - اضافات
أعظم 7 شهور في تاريخ الوطن
02-08-2019