الوحدة والشراكة والحزم متطلبات استنهاض المقاومة الشعبية
استجابة لدعوة لجنة الدفاع عن الأراضي في حي «واد الحمص» شاركنا يوم الجمعة الماضي في أداء صلاة الجمعة والمظاهرة الشعبية ضد هدم منازل الحي، في منطقة صور باهر.وقبل أن نصل كان جيش الاحتلال قد نشر قواته بشكل كثيف على جانبي جدار الفصل العنصري، وهدم خيمة الاعتصام المقامة، واحتل مواقع متقدمة داخل قرية «الخاص» لمنعنا من التقدم نحو الجدار.ولم تكد المظاهرة تبدأ حتى بدأ جيش الاحتلال يقمعنا بقنابل الصوت، والغاز وبالضرب، والتنكيل.
وهذه ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لقمع الاحتلال الذي لم ينجح يوماً في كسر إرادة المقاومة الشعبية، أو في ثنينا عن مواصلتها، سواء في الضفة بما فيها القدس، أو في قطاع غزة. بل كان يوم الجمعة الماضي مميزاً من حيث إن مسيرة العودة في قطاع غزة، ومسيرة القدس، وجزءها في الضفة كانت كلها مكرسة، وبشكل موحد، ضد التطهير العرقي الذي جرى في صور باهر، والذي فهمه الشعب الفلسطيني بصورة صحيحة باعتباره بداية لضم الضفة الغربية في إطار ما يسمى بـ»صفقة القرن». ومع الاحترام والتقدير لكل من شاركونا مسيرة وادي الحمص، وصمودهم الباسل أمام قمع الاحتلال، فإن ما أزعجنا كان قلة عدد المشاركين في هذه المسيرة الشعبية، رغم أن كل السياسيين والقياديين لا يفوتون فرصة دون الحديث عن المقاومة الشعبية، ودورها كشكل رئيس للنضال الوطني. لدى شعبنا خبرة طويلة في المقاومة والانتفاضات الشعبية، وكانت لدينا نماذج ناجحة قديمة وحديثة، لعل من أبرزها الانتفاضة الشعبية الأولى، ومسيرة العودة، وانتفاضة القدس ضد البوابات على مداخل الأقصى، التي أظهرت أن المشاركة الشعبية الواسعة بالآلاف قادرة على كسر إرادة الاحتلال وإجباره على التراجع. والسؤال هنا، لماذا تتراجع المشاركة أحياناً؟ وكيف يمكن التغلب على ذلك؟ هناك شروط ثلاثة لا بد من توفرها لاستنهاض المشاركة الشعبية سواء في حركة المقاطعة، أو في فعاليات المقاومة الشعبية. أولاً، الوحدة، وحدة الجميع، وتجاوز الانقسام الداخلي، فغياب الوحدة يضعف المشاركة، وغياب الوحدة يستخدم ذريعة لتبرير التقاعس من قبل المترددين والمشككين، وغياب الوحدة يعزز الطابع الفئوي العصبوي الكفيل بأن يكون سماً قاتلاً لكل تحرك شعبي.وثانياً، الشراكة، الشراكة في القيادة، والشراكة في التخطيط، والشراكة في التنفيذ من أعلى السلم إلى أدنى درجة فيه، فبدون الشراكة والإحساس بالملكية الجماعية للفعل النضالي لن يشارك معظم الناس. والشرط الثالث هو الحزم في تبني إستراتيجية وطنية كفاحية بديلة تتخلى عن وهم إمكانية الوصول إلى حل وسط مع المحتلين، وتؤمن بإمكانية تغيير ميزان القوى عبر هذه الإستراتيجية. وذلك يعني التبني القيادي، والشعبي الجماعي لفكرة وممارسة المقاومة الشعبية والمقاطعة للتحرر من الاحتلال، وللتحرر من كل الاتفاقيات التي داستها ومزقتها بولدوزراته وقمعه. لا يوجد أمامنا طريق آخر، فالاحتلال لم يبق باباً إلا أغلقه، ولم يبق اتفاقاً إلا خرقه، وبطشه واستهتاره وغطرسته وصلت إلى حد اعتقال الأطفال والتحقيق معهم، وإلى استباحة كل رجل، وكل امرأة، وكل طفل فلسطيني.كلنا تحت الاحتلال، وكلنا يجب أن يقاوم الاحتلال بحسب قدرته، ومن يظن أنه في منأى عن نتائج الضم والتهويد، فعليه أن يقرأ التاريخ، تاريخ نكبة 1948، وسيفهم أن الغني والفقير، والوجيه والمواطن، والكبير والصغير سيكون ضمن الضحايا، إن لم يشارك في مقاومة الظلم والعدوان. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية