تمكنت البعثة المصرية، العاملة بتل آثار الفرما – بلوزيوم، بمنطقة آثار شمال سيناء، من الكشف عن جزء من مبنى ضخم من العصر اليوناني الروماني، مشيد من «الطوب» الأحمر والحجر الجيري، يرجح أنه كان يستخدم مقراً لمجلس الشيوخ.وأوضح د. مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن المبنى المكتشف تم تحديد أجزاء منه من قبل، خلال أعمال المسح الجيوفيزيقي، التي أجريت بالتل عام 2005، ضمن مشروع إعادة بناء تخطيط مدينة بلوزيوم القديمة بالمشاركة مع أكاديمية العلوم البولندية – معهد الآثار.
وأشار وزيري إلى أن الدراسات المبدئية التي أجريت على المبنى أثبتت أن التخطيط المعماري له ومكان إنشائه يشيران إلى أنه قد استخدم لعقد اجتماعات شيوخ المدينة وممثلي المواطنين، خلال فترة ازدهار مدينة بلوزيوم، إبان حكم البطالمة والرومان، لاتخاذ القرارات المتعلقة بالشؤون العامة للمدينة ومواطنيها.بدوره، قال د. أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، إن المبنى مشيد من الطوب الأحمر والحجر الجيري، ومساحته 2500 متر مربع تقريبا، وهو مستطيل الشكل من الخارج، ذو مدرجات دائرية من الداخل، له بوابة رئيسية بالجهة الشرقية تفيض إلى الشارع الرئيسي لمدينة بلوزيوم القديمة (الشارع الشرقي)، والذي تم الكشف عن جزء منه خلال أعمال حفائر هذا الموسم. وعن التصميم الداخلي، قالت د. نادية خضر، رئيسة الادارة المركزية لآثار الوجه البحري، إن المبنى يتكون من بقايا 3 مدرجات دائرية كانت تستخدم للجلوس، ويبلغ سمك كل مدرج 60 سم، وهو مشيد من الطوب الأحمر ومغطى بالرخام.
أساسات المقصورة
وعند منتصف المدرج الثالث عثرت البعثة على بقايا أجزاء من أساسات للمقصورة الرئيسية للمبنى، وهي مستطيلة الشكل ومشيدة من الطوب الأحمر، كما تمكنت البعثة من الكشف عن أجزاء من الشوارع القديمة للمدينة.وأوضح د. هشام حسين، المدير العام لآثار شمال سيناء، أنه خلال القرنين الخامس والسادس الميلادييين استخدم المبنى كمحجر، حيث انتزعت الأحجار والطوب والأعمدة من أماكنها الأصلية لاستخدامها في تشييد مبان اخرى في عصور لاحقة داخل المدينة، حيث عثرت البعثة خلال أعمال الحفائر بالمنطقة على بقايا أعمدة وقواعد أعمدة وتيجان وأعتاب وبلاطات موزاييك وملاط ملون انتزعت جميعها من اماكنها الأصلية في المبنى المكتشف.حمام تل الحير
أثيرت خلال الأيام الماضية أزمة نقل حمام تل الحير، الذي يعود للعصر البطلمي، من منطقة شمال سيناء الى متحف ميناء شرم الشيخ، بعد اعتراض عدد من الأثريين على قرار اللجنة الدائمة للآثار بنقله.وقال د. محمد عبدالمقصود، مكتشف الحمام، إن الحمام مبني بالطوب الأحمر، ومقام على مساحة ضخمة 465 مترا مربعا، مبينا أن نقله يؤدي الى تفريغ شمال سيناء من آثارها وتدميرها، «ولم نسمع أو نر سابقة لنقل حمام مبني بالطوب الأحمر لمتحف إلا هذه المرة. مما دعا د. غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية لصيانة وترميم الآثار، للرد على كل ما تردد، قائلا: «اتفق مع كل الراغبين في الحفاظ على الأثر في بيئته التي شيد فيها فكل الأعراف الأثرية والمواثيق الدولية تؤكد ذلك، لكن الضرورات تبيح المحظورات».وتابع سنبل: «عندما يتعرض الأثر للخطورة التي تؤثر على ديمومته، والتي قد تأتي من بيئة الأثر نفسه أو من التلف البشري أو غول عوامل التعرية، الذي لا نستطيع مجابهته، ليس لعجز منا، ولكن للوضع الطبوغرافي للأثر. ولفت إلى مشروع إنقاذ آثار سيناء، الواقعة على مسار ترعة السلام، والتي تتمتع بالعناصر المعمارية بتل الفضة الذي انتهى من الوجود تماما بعناصره الأثرية، وفي إطار مشروع نقل الحمام البطلمي بتل الحير، الذي تم ترميمه لأول مرة من قبل الإدارة المركزية لصيانة وترميم الآثار، لكن تم ردمه بفعل الرمال المنقولة عن طريق الرياح ولوقوع الحمام في مستوى أقل من مستوى طريق القنطرة العريش جنوبا، وكذا التل الأثري المعروف باسم تل الحير شمال.وأردف: «لذا أصبح الحمام مصيدة لكل ما تحمله الرياح من رمال وأتربة مصدرها الطريق والتل الأثري المرتفع عن مستوى الحمام بأكثر من 3 أمتار بعد مرور أقل من شهر، وتم عمل صيانة له أكثر من مرة، لكن النتيجة الحتمية هي الردم والتلف جراء الرياح». واستدرك: «كل هذه العوامل المعاكسة جعلتنا نفكر في طريقة غير تقليدية لحماية هذا الأثر الهام، كلها باءت بالفشل، فكان الحل الوحيد رفعه من مكانه والاستفادة به في واحد من أهم المتاحف الحدودية بسيناء (متحف شرم الشيخ).