شهدت الولايات المتحدة حادثي إطلاق نار جماعي دمويين حدثا في غضون 14 ساعة، ففي مدينة إل باسو بولاية تكساس (جنوب شرق) قرب الحدود المكسيكية، فتح شاب مسلح نيران رشاش «كلاشنيكوف» داخل متجر «ولمارت» في 11 صباح أمس الأول (بالتوقيت المحلي في المنطقة)، مما ادى إلى مقتل 20، وبعدها بـ14 ساعة أقدم مسلح على قتل 9 أشخاص خارج مطعم بمنطقة أوريغون بولاية أوهايو (شمال غرب).

وفي حادثة تصنف عاشرة في أسوأ عمليات إطلاق نار عشوائي بالبلاد من حيث عدد القتلى، قتل 20 شخصا عندما فتح شاب يدعى باتريك كروزيوس النار عند متجر «ولمارت» في إل باسو، أمس الأول.

Ad

واعلن قائد الشرطة في إل باسو، غريغ آلن، وجود 26 جريحا ايضا، لافتا إلى أن المشتبه فيه، الذي تم اعتقاله بعد عملية إطلاق النار التي استمرت 20 دقيقة، «رجل أبيض يبلغ 21 عاما من مدينة آلين في تكساس، ولدينا بيان من هذا الشخص يشير، الى حد ما، إلى وجود ارتباط محتمل بجريمة كراهية».

وتبعد آلين، وهي ضاحية تابعة لمدينة دالاس، 1046 كيلومترا عن إل باسو، الواقعة على نهر ريو غراندي في الجهة المقابلة من مدينة سيوداد خواريث عبر الحدود الأميركية مع المكسيك.

وذكرت وسائل إعلام ان كروزيوس سلم نفسه إلى الشرطة، على بعد مجمع عن «ولمارت»، من دون أي مقاومة.

والبيان المؤلف من 4 صفحات، الذي تحدث عنه آلن، والذي يعتقد أن كروزيوس كتبه ونشر على الإنترنت، يتضمن فقرات تندد بـ»غزو ذوي الأصول اللاتينية لتكساس»، ويشير الكاتب بوضوح إلى أنه يتوقع أن يُقتل خلال هجومه.

وقال شهود عيان إن المسلح كان يحمل رشاش «كلاشنيكوف»، ويضع سماعات كبيرة على رأسه، ويضع نظارة‭‭‭‭ ‬‬‬‬على عينيه، ويرتدي سروالا وقميصا داكنا، وقام بإطلاق النار عشوائيا.

من جهته، أعلن رئيس بلدية المدينة دي مارغو أن السلطات «اعتقلت 3 مشبوهين».

وأفادت الشرطة بأن نحو 3000 متسوق كانوا في «ولمارت» لدى إطلاق النار، وأكثر من 100 عامل. وكان المتجر يعج بالمتسوقين، مع توافد الناس لشراء مستلزمات المدارس.

وأظهرت تسجيلات كاميرات الهواتف العديد من الجثث على أرض مرآب المتجر، بينما أظهرت تسجيلات أخرى متسوقين يفرون مذعورين من المتجر، في حين كان يسمع دوي إطلاق النار.

ونقلت شبكة CNN عن مصدر مطلع ان مكتب التحقيقات الفدرالي FBI فتح تحقيقا في الواقعة باعتبارها «إرهابا محليا». ووصف حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت الهجوم بأنه «أحد أشد الأيام دموية في تاريخ تكساس».

وهذا ثاني حادث إطلاق نار دام في أقل من أسبوع بمتاجر «ولمارت» أسفر عن قتيلين، ويأتي بعد إطلاق نار نهاية الأسبوع الماضي، أسفر كذلك عن مقتل ثلاثة، أحدهم صبي عمره 6 أعوام، برصاص شاب يبلغ 19 عاما، أطلق النار في مهرجان للطعام في غيلروي بولاية كاليفورنيا.

أوهايو

وبعد أقل من 14 ساعة على عملية تكساس، قتل 9 أشخاص بإطلاق نار في دايتون بولاية أوهايو (شمال غرب)، حسبما أعلنت الشرطة في وقت مبكر أمس، مشيرة الى أن «مطلق النار قُتل. ونُقل 16 شخصاً على الأقل إلى المستشفيات مصابين بجروح».

وحصل إطلاق النار بعد الواحدة فجرا في حي أوريغون المكتظ بالحانات والمطاعم والملاهي الليلية، حسبما قال ضابط في الشرطة المحلية مات كاربر.

وأشارت وسائل إعلام إلى أن «مطلق النار رجل أبيض، وكان يرتدي ملابس سوداء ودرعا واقية للرصاص».

وأفاد شهود عيان بأن شخصا اقترب وأطلق النار عشوائيا على المارة، فأردى 9 ممن كانوا موجودين أمام الملهى»، مضيفين أن «مطلق النار حاول دخول المطعم، لكن شخصا ما اعترضه، وخطف منه السلاح وأطلق النار عليه فأرداه قتيلاً»، وأشاروا الى أنه «منعه من استكمال مجزرته لو تمكن من الدخول»، وقالوا إن «عملية اطلاق النار دامت 30 ثانية».

ردود فعل

وفي ردود الفعل، كتب الرئيس دونالد ترامب على «تويتر»: «إن إطلاق النار في إل باسو، ليس فقط مأساويا، إنه كان عملا جبانا. أعلم أنني أقف إلى جانب كل شخص في هذا البلد لإدانة عمل اليوم البغيض»، مضيفا: «لا يوجد أي سبب أو عذر يبرر مطلقا قتل الأشخاص الأبرياء. ميلانيا وأنا نرسل تعازينا القلبية وصلواتنا لشعب تكساس العظيم». وبينما قال المرشح للسباق على بطاقة الترشيح الديمقراطية إلى الانتخابات الرئاسية بيتو أورورك، المتحدّر من هذه المدينة، «أفكر بإل باسو، وأطلب منكم أن تفكروا بها»، أعلنت السيناتورة اليزابيت وارين، المرشحة أيضا للسباق إلى الانتخابات الرئاسية، «لقد عانت الكثير من المجتمعات من مآس كهذه، وعلينا أن نتحرك الآن لانها آفة أعمال العنف المرتبطة بالسلاح».

بدوره، اعتبر مرشح آخر، كوري بوكر، أن على الولايات المتحدة أن «تضع حدا لهذا الكابوس، وأن تتحلى بالشجاعة الأخلاقية للتحرك لوقف هذه المجزرة».

3 مكسيكيين

من ناحيته، أكد الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور أن 3 مكسيكيين من بين الضحايا الـ20 شخصا الذين قتلوا في إل باسو.

وتقع المدينة على الحدود مع المكسيك، قبالة مدينة سيوداد خواريز مباشرة، ويعبر العديد من المكسيكيين الحدود كل يوم، إما للعمل أو التسوق في الولايات المتحدة، بينما يعيش الكثيرون أيضا في إل باسو.

ضبط السلاح أو سلطات إضافية للولايات؟

بعد مأساة تكساس وأوهايو، تعالت مجدداً الأصوات المطالبة بضبط أفضل لبيع الأسلحة في الولايات المتحدة خصوصا من الديمقراطيين الذين يؤيدون في العادة وضع مزيد من القيود على «الحق الدستوري بحمل السلاح».

وكتب المرشح الأوفر حظاً بالفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي جو بايدن على «تويتر»: «حان وقت التصرف ووضع حد لوباء العنف المرتبط بالأسلحة».

وفي المقابل، دان السيناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام إطلاق النار «المريض» في إل باسو وأضاف: «لقد آن الاوان للكونغرس ان يسن تشريعات تمكن سلطات الولاية من التعامل مع اولئك الذين يشكلون خطرا على انفسهم والآخرين مع احترام الاجراءات القانونية الواجبة».

وتقع عمليات إطلاق نار مماثلة مرارا في الولايات المتحدة حيث حمل السلاح قانوني، وهي تشمل مدارس أو أماكن عبادة وعمل وترفيه ومتاجر.

«مانيفستو» سفاح إل باسو: كره للاتينيين وإعجاب بـجزار كرايستشيرش

مع ان «FBI» لم يكشف عما في البيان الـ«مانيفستو»، الذي نشره مرتكب مجزرة إل باسو على مواقع التواصل قبل ساعات من هجومه، إلا أن أهم ما فيه تسرب إلى وسائل الإعلام، أن باتريك كريسيوس عبّر عن قلقه من تزايد نفوذ المتحدرين من دول أميركا اللاتينية الناطقين بالإسبانية في الولايات المتحدة.

وقال منفذ الهجوم، في بيان من 2300 كلمة، انه قام بما فعله لصد «غزو اللاتينيين لتكساس»، وكتب: «سينتزعون السلطة من الحكومة المحلية وحكومة ولاية تكساس الحبيبة، لتغيير سياستها، لتناسب احتياجاتهم». وأضاف: «أنا أدافع عن بلدي من البدائل الثقافية والاثنية التي جاء بها الغزو الإسباني».

وأفادت وسائل إعلام بأن الـ«مانيفستو» حمل عنوان «الحقيقة غير المريحة»، وذكر أنه يتوقع أن يموت خلال الهجوم وهو ما لم يحصل.

كما اعتبر كريسيوس أن منفذ مجزرة المسجدين بنيوزيلندا برنتون تارانت، الذي قتل في 15 مارس الماضي 51 مصلياً مسلماً بالرصاص، «محق بما فعل».