كشف المدير الأسبق للمختبرات الجنائية بوزارة الداخلية، رئيس مجلس أمناء كلية القانون الكويتية (Kilaw) د. بدر الخليفة، أن توثيق عملية استخراج الرفات الخاص بالكويتيين في المقابر الجماعية العراقية أمر مهم جداً، وجزء من علم الاستعراف، لافتاً إلى أن الوفد الكويتي، الذي تسلًم أخيراً من مدينة السماوة العراقية عينات يشتبه في أنها تعود إلى كويتيين، سيعمل على تحليل تلك العينات وفحصها ومطابقتها مع قاعدة البيانات الجينية الموجودة في الكويت، وفي حال المطابقة سيخبر الصليب الأحمر ووزارة الخارجية، للعمل على تسلم الرفات رسمياً من العراق.

وقال الخليفة في لقاء مع «الجريدة»، إن علم الاستعراف يتطلب توثيق عملية استخراج الرفات من بداية الأمر حتى نهايته، وهو ما لم يقم به الوفد الكويتي هذه المرة، لتوثيق موقع الاستخراج والمقاسات والاتجاهات التي كانت عليها الجثة أو الرفات، ووضعها لحظة الاستخراج، وموضع الرصاص إذا كان المفقود مقتولا به، وكل ذلك يتم قبل استخراج الرفات، ثم تتم هذه العملية بحذر شديد حتى لا يُفقد أي شيء يتعلق بالمفقود، ويتم وضعه في صندوق خاص وترقيمه، ثم ترقيم المكان المستخرج منه، وقد يعود الوفد إلى هذا الموقع مرة أخرى للبحث عن مقتنيات خاصة بالأسير أو المفقود. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

Ad

• بحكم أنك أول من أدخل علم الاستعراف في الأدلة الجنائية الكويتية ومشاركتك في تحليل رفات الأسرى والمفقودين الكويتيين، ما الخطوات التي ستتبعها الكويت بعد إعلان اللجنة الثلاثية أخيراً بملف الأسرى بوجود رفات لكويتيين بمدينة السماوة العراقية؟

- بعد إعلان الحكومة العراقية وجود المقبرة الجماعية واستخراجها للرفات، سترسل تلك العينات إلى الطب العدلي هناك، وهو ما يوازي الأدلة الجنائية لدى الكويت، ثم تبدأ عملية الفحص والتحليل مثلما يتم في الكويت، لكن لا أعلم ما إذا كانت الحكومة العراقية تمتلك قاعدة بيانات للمفقودين مثل الكويت أم لا؟

وبحسب المعلومات المتواترة فإن الوفد الكويتي ذهب لتسلم عينات من تلك الرفات المشتبه في أنها تعود لكويتيين لتحليلها وفحصها في الكويت وإذا ثبت أنها تطابق قاعدة البيانات الخاصة بعوائل المفقودين الكويتيين،

فستتم مخاطبة الصليب الأحمر ووزارة الخارجية وإخبارهم بتلك المعلومات، وبعدها يصدر الصليب الأحمر تأكيداً بأن الرفات لأسرى كويتيين، ثم يعود الوفد الكويتي مرة أخرى لتسلم تلك الرفات رسمياً من العراق.

وأحب ان أذكر أنني، ولله الحمد، أسست علم الاستعراف في البلاد عام 2000 عندما كان سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد حفظه الله وزيراً للداخلية وجاء بعده الشيخ محمد الخالد، كما أنني أول من استخدم البصمة الوراثية في ملف "البدون" وأول من استخدمها في القضايا الجنائية.

شهادة وفاة

• ماذا سيتم بعد تسلم الرفات؟

- قبل ذلك لابد من الإشارة إلى شيء مهم وهو أن الكويت لابد أن تصر على تحليلها الرفات المشتبه فيه لكويتيين في داخل مختبراتها، فربما يكون التحليل والفحص العراقي غير متطابق مع قاعدة البيانات الكويتية، أما بعد تسلم الرفات رسمياَ فيتم استخراج شهادة وفاة للمفقود الذي تتبعه الرفات ثم تسلم تلك الرفات إلى أهلها.

• هل طبق الوفد الكويتي الخطوات المتبعة في عملية تسلم العينات الخاصة برفات الكويتيين؟

- بحكم عملي في هذا المجال سابقاً وقربي من العاملين فيه حالياً، لم يطبق الوفد الكويتي كل الخطوات اللازمة في عملية تسلم تلك العينات، إذ كان لابد من توثيق العملية من أولها إلى نهايتها، وتوثيق موقع استخراج الرفات والمقاسات والاتجاهات التي كان عليها، ووضعه لحظة استخراجه هل كان يميناً أم يساراً أم مدفونا على بطنه أم على ظهره، وموضع الرصاص إذا كان مقتولاً به، وكل ذلك يتم قبل استخراج الرفات، ثم تتم عملية الاستخراج بحذر شديد كي لا يتم فقد أي شيء يتعلق بالمفقود ويتم وضعه في صندوق خاص وترقيمه ثم ترقيم المكان المستخرج منه، إذ ربما يعود الوفد إلى هذا الموقع مرة أخرى للبحث عن مقتنيات خاصة بالأسير أو المفقود.

وبما أن العلم تطور جداً، فإن تحلل الجثة وفقدانها سوائلها يعني أن الأرض تحمل بصمته الوراثية DNA ومن هنا لابد أيضاً من أخذ عينات من التربة الرملية لتحليلها وهذا ما كنت أفعله عندما كنت على رأس عملي مديراً لمختبر الأدلة الجنائية.

• ما الأماكن التي وجدوا فيها رفات بالعراق يشتبه في أنها تعود لكويتيين؟

- أعتقد في منطقتي السماوة والعشار، أما داخل الكويت ففي مقابر صبحان والصليبيخات.

البصمة الوراثية

• هل من المحتمل عدم وجود بصمة وراثية DNA للعينات التي تخضع للتحليل الآن، لا سيما أنها مر عليها ما يقارب 30 عاماً؟

- من الوارد جدا حدوث ذلك، غير ان هذا الأمر يخضع لظروف معينة مثل عوامل التعرية والطقس ونوع التربة، إذ إن قيصر روسيا بعد موته بـ70 عاما وجد الباحثون بصمة وراثية له، وكذلك المومياء وجدوا لها بصمة بعد مرور 5 آلاف سنة، ومحلياً عند البحث قيل إن هناك كويتيين مدفونين في مقبرتي الصباحية والصليبيخات وبالفعل أخرجنا من هاتين المقبرتين نحو 28 رفاتا، وعند الفحص والتحليل واجهنا صعوبة في استخراج البصمة الوراثية، ولم نجد تلك الصعوبة عند تحليل الرفات المستخرج من العراق في 2003، وبحكم تخصصي في موضوع التحلل وعوامله مثل الحراة والتربة، أستطيع أن أقول إن التربة الكويتية بها نسبة ملوحة عالية تساعد على تحلل البصمة الوراثية، أما تربة السماوة العراقية فهي زراعية، ومن ثم ملوحتها أقل، وحقيقة أنا لا أعلم تحديدا مكان استخراج الرفات الأخير، ولا أعرف طبيعة تربته، غير أنه من الوارد أن يجد فريق الفحص والتحليل صعوبة في تحديد واستخراج البصمة الوراثية

وهنا لابد من وضع كل الاحتمالات، لكن ليس في العلم شيء مستحيل، فجسم الانسان به أجزاء تخزن الـDNA إلى آخر العمر مثل الأسنان وآخر العمود الفقري، ومثال على ذلك أن الأميركيين عندما تنفجر طائرة في أحد الجنود أول ما يبحثون عنه هو أسنانه، لأنها لا تتحلل بسرعة.

• ماذا لو تم اكتشاف بصمة وراثية ولكن نسبتها ضعيفة؟

- مع اكتشاف بصمة وراثية وانطباقها على قاعدة البيانات المتوافرة، لكن بنسبة ضعيفة، يتم في هذا الحالة إعادة التحليل حتى للعائلة الموجودة، وكأن الأمر يتحول من موضوع إثبات تبعية إلى إثبات نسب.

فحص العينات

• كيف تبدأ عملية فحص العينات؟

- الفحص يبدأ شرعياً أي عن طريق الطب الشرعي بواسطة جمع معلومات من الأهل مثل طول المفقود وما إذا كان تعرض لحوادث كسر أو غيرها، إلى جانب أوصافه ونوع الجنس إذا كان أنثى أو ذكرا، لأننا نتعامل في النهاية مع هيكل عظمي لا يبين وجها أو شكلا، ولذلك يبدأ الطب الشرعي الفحص ويحدد المواصفات التقريبية ونوع الجنس وما إذا كان تعرض لحوادث أم لا، وهذا كله لا يشكل أكثر من نسبة 3 في المئة من الاستعراف النهائي، وهو ما يخدم "النفي" 100 في المئة، والإثبات مرجح.

وعندما ظهرت البصمة الوراثية أصبح الطب الشرعي يقول إن المواصفات والمقاسات تتناسب مع فلان من الناس، وتأتي البصمة الوراثية لتحدد من هو والد هذا الشخص، وتكتمل نسبة الفحص 100 في المئة.

وأذكر أننا تسلمنا مرة من العراق رفاتاً ولم تكن للجينات بصمة وراثية أو مختبر، فأخذتها إلى بريطانيا وأميركا وعملت عليها، وعندما عدت إلى الكويت كانت النتيجة مطابقة لنتيجتنا في الكويت، ومن هنا بدأ اهتمام الدولة بالموضوع بإنشاء مختبر الاستعراف للأسرى.

• كيف يتم التعامل مع الرفات التي لا تخص كويتيين؟

- وفق الصليب الاحمر فإنه عند العثور على مقبرة جماعية، لا يأخذ فريق الفحص أي هياكل عظمية بل يأخذ عينات على أن يتم ترقيم الهيكل ثم بدء الفحص والتحليل وإذا تبين أن الرفات لشخص كويتي يذهب الفريق لإحضاره، وإذا تبين عكس ذلك نترك الرفات في موضعه دون أخذه.