هذا مطلع قصيدة قالها أبو الطيب 303- 354 هـ (915- 965م) في هجاء كافور حاكم مصر في تلك الفترة، بعدما حلّ الشاعر ضيفاً على كافور ومدحه بقصائد جميلة. ويبدو أن كافور منّى الشاعر بأن يوليه إقليماً من أقاليم مصر، لكنه قد تراجع عن ذلك، خصوصاً بعدما رأى مدى اعتزاز الشاعر بنفسه وتضخيمه لها، معتقداً أن شخصاً يتصف بهذه الصفات لا تؤمن عواقبه، فبدأ يماطل في وعوده ويتهرب منها، فأدرك الشاعر أن كافور قد أخلف وعوده التي وعده إياها والتي شجعته على المجيء إلى مصر، فبدأ يحقد عليه ويستعد للهرب، فأنشد هذه القصيدة سنة 350هـ ليلة هربه من مصر، وصادف ذلك ليلة عيد الأضحى. وقبل أن يبدأ أبو الطيب بهجاء كافور خصص في مقدمة تلك القصيدة 10 أبيات يصور فيها أحزانه وهمومه، فقال مخاطباً العيد يسأله عن الحالة التي عاد بها معتقداً أنه لا جديد سيسعده في العيد، لذلك فهو لن يفرح ولن يسعد بالعيد كما يسعد به باقي البشر، وبلغ به الحزن مداه حتى أوشك أن يتحول إلى جماد مجرد من المشاعر البشرية، فلا يسعده ما يسعد البشر.
أَصخرةٌ أنا مَالي لا تُحرِّكُنِيهَذي المُدامُ ولا هَذي الأغاريدُ؟! فإذا كان المتنبي لم يفرح بالعيد ولم يسعد به حينما شعر أن آماله في الحياة قد ضاعت، فماذا علينا نحن العرب أن نفعل؟ هل نفرح بهذه المناسبة أم لا؟ خصوصاً ونحن نرى هول الحروب التي يشنها النظام الإيراني في بلادنا منذ أكثر من أربعين عاماً، وأذرعه التي شكلها وتحارب عنه بالوكالة؟ هادفاً بإشعاله تلك الحروب إلى استعادة بناء الإمبراطورية الفارسية التي أسقطها الفتح الإسلامي. ويحاول ذلك النظام أن يغطي على تلك الأهداف الشريرة بما يدعيه من أكاذيب ورفع شعارات زائفة كالعداء لأميركا وإسرائيل وتحرير القدس. وقد تمكن هذا النظام من أن يضلل بعض أبناء هذه الأمة فأقنعهم بأن ينشئ لديهم ميليشيات طائفية مسلحة ليغدروا بأمتهم ويخوضوا حروبا معه ضدها. الشعب السوري قُتِل منه الآلاف وهُدِمت مدنه وشُرِّد الملايين من شعبه وكذلك الشعب اليمني، والعراق تمزق جيشه الوطني وأصبح لديه ميليشيات بعضها يعلن ولاءه للولي الفقيه، وفي لبنان يتحكم «حزب الله» الموالي لنظام طهران في قراره... هل نفرح بالعيد ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة؟! العيد شعيرة من شعائر الإسلام، ومن أجلِّ مظاهره «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» (الحج: 32)، فأعياد الإسلام ليست للهو أو الطرب بل شعيرة من شعائر الدين، ففي عيد رمضان يفرح المسلمون بختام شهر الصوم ونيلهم التقوى من الله، وفي الأضحى يفرح المسلمون بعد وقوفهم بعرفات وأدائهم فريضة الحج وجميع المسلمين يكبرون معهم في أيام التشريق. نأمل أن تكون أمتنا العربية قادرة على مواجهة التحدي والخروج من أزماتها منتصرة بإذن الله وأقوى مما يخطط لها الأعداء.
مقالات
عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ؟
07-08-2019